فيضان سيارات

من يشاهد حجم الازدحام المروري في شوارع عمان يعرف يقينا أن العاصمة أصبحت تضيق بمن فيها، ويقفز فورا للذهن عن سبب مواصلة المسؤولين الصمت على ذلك، وعدم اتخاذ خطوات سريعة إدارية وخدمية وتنظيمية للمعالجة، والتفكير برؤى جراحية تضمن تمدد العاصمة ودوائرها الخدمية لخارج المركز أي لحدود العاصمة وتخفيف الضغط على الوسط.

اضافة اعلان


المشاهدات اليومية لحجم الازدحام يضع الجميع حكومة وأمانة عمان ومجالس محافظات وهيئة نقل أمام مسؤولية اتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة مشاكل النقل والأزمات المرورية، وهذا يتطلب تسريع المعالجة حتى لا نصل لمرحلة لا نستطيع معالجة ذلك الواقع.


الثابت ان قطاع النقل العام يعاني من مشاكل وتحديات متراكمة تمثلت بضعف الدعم الحكومي، وضعف البنية التحتية من طرق داخلية وخارجية بمواصفات تراعي السلامة العامة وغياب وجود ثقافة عامة لاستخدام وسائل النقل العام سواء على مستوى السائقين والمشغلين أو على مستوى المستخدمين، فالنقل العام حاليا لا يمكن للمواطن الاعتماد عليه كبديل للمركبة الخاصة لافتقاره للمزايا الجاذبة، ولا يعتمد عليه كوسيلة نقل موجودة بمكان وزمان محددين فيما بعض وسائل النقل العام تفتقر للراحة ووسائل الأمان.


في هذا الصدد يتوجب الإشارة ان البيانات الإحصائية تشير إلى أن سكان العاصمة عمّان يشكلون 42 % من سكان المملكة، حيث وصل عدد السكان المقيمين بالعاصمة حتى نهاية 2021، إلى 4642000 نسمة، ووفق البيانات فان عدد السكان يمكن ان يكون قد وصل في عام 2023  لأكثر من 5 ملايين نسمة، وتلك أرقام تضع على الجميع مسؤولية معالجة تلك القضايا التي تفاقمت بشكل لافت وباتت تؤثر على السكان بشكل كبير، وتتطلب تسريع إيجاد حلول دائمة وليس حلولا ترقيعية.


تلك الحقيقة تجعلنا نطالب بعدم السكوت عن الفيضان البشري في العاصمة والازدحام المروري المتفاقم وعدم الاتكاء على النقل العام كوسيلة دائمة، وهذا جعل قاطني العاصمة دائمي الشكوى من معاناة الازمات والتي باتت تعيق وصولهم لمنازلهم وأعمالهم، وتؤخر وصول طلاب لمدارسهم وجامعاتهم، ومرضى لمشافيهم.


تستقبل عمان يوميا أعدادا كبيرة من السيارات قادمة من محافظات مختلفة، والتي تقدر أعدادها أكثر من 220 ألف سيارة يوميا، تضاف اليها سيارات سكان العاصمة، ما يجعل الأمور أكثر تعقيدا وخاصة في ساعات الذروة، أي ما بين السابعة والنصف حتى التاسعة والنصف ومن الثالثة وحتى الخامسة، تضاف اليها ازدحامات في مناطق معينة  بين السابعة والثامنة.


ان مواصلة السكوت عن مشكلة النقل العام والبنية التحتية لشوارع عمان سيجعل العاصمة بعد سنوات قليلة مخنوقة بالكامل من السيارات، ويعزز من تفاقم المشكلة، والخوف ان نصل ليوم لا نستطيع ايجاد حل جذري، ومواصلة التعامل مع حلول ترقيعية اثبتت عدم نجاعتها وقدرتها على التعامل مع مشاكل يعاني منها القطاع مؤخرا.


المسؤولية في الدرجة الأولى تتحملها الحكومة وكذلك جهات أخرى ذات علاقة بتنظيم حركة المرور وتلك الجهات لم تملك حتى الآن قدرة على التعامل مع المشكلة، أو إيجاد حلول دائمة، وذاك يتطلب التفكير بشكل مختلف والخروج برؤى ناجعة أبرزها تخفيف الاعتماد على المركز من خلال توزيع الدوائر الحكومية على الأطراف، ودراسة النقاط المروية السوداء ومعالجتها من خلال جسور وانفاق، وتعزيز ثقافة النقل لدى المواطنين.


المؤمل أن نتوقف عن الحديث الكثير ونذهب للعمل والإنتاج، فالحل لا يكمن في عدد المؤتمرات التي عقدت لإيجاد حلول للنقل والأزمات المروية، فالمؤتمرات لا تفيد، والدراسات دون حلول على الواقع لا تعطي نتائج، ولذا فإن المواطن بحاجة لتنفيذ أي رؤى على أرض الواقع، وتنفيذ استراتيجية نفل عملية وواقعية تأخذ بالاعتبار تطلعات المواطنين وتشجع ثقافة استخدامها، ورفع مستوى الأمان ونشر ثقافتها واعتماديتها كوسيلة نقل آمنة، وإنشاء أسطول نقل عام بقدرات عالية تصل لمستوى طموحاتنا.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا