قوات دولية لمكافحة التغير المناخي

ما يحدث في العالم من درجات حرارة ترتفع بجنون في وجه الإنسان هنا وهناك في شتى بقاع الكوكب، إضافة إلى ظواهر متأججة تبعا لذلك من حرائق وفيضانات وأعاصير وذوبان للجليد وسيول وغيرها، يتطلب تفكيرا يأخذنا خارج الصندوق للتعامل مع ما أضحى الخطر الوجودي الأبرز على مستقبل الكون والبشرية معا ألا وهو التغير المناخي.

اضافة اعلان


خذوا ما تم تسجيله، وفق شبكة بي بي سي الإخبارية، من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومفاده أن الأرض شهدت هذا الشهر "الأسبوع الأكثر سخونة على الإطلاق" على سطح الكوكب.


وقد جاء ذلك مثلا على شكل درجات حرارة قياسية في النمسا للمرة الخامسة خلال 140 عاما وغير ذلك من دول العالم. أما الحدث الأكبر فهو ما تنبأت به صحيفة الواشنطن بوست الأميركية من كوارث قد تضرب منطقة الخليج العربي مع تسجيل درجة حرارة وصلت في مناطق إيرانية مطلة على الخليج إلى "66.7 درجة مئوية... وهو ما يقترب أو يتجاوز أقصى حد يتحمله جسم الإنسان".


هذا من جانب درجات الحرارة أما الأخطر فهو ما تشعله من حرائق وما تسببه من كوارث طبيعية أخرى من فيضانات وسيول وغير ذلك في العديد من الدول ما يستدعي، وهذا باب القصيد، الحاجة إلى تشكيل قوات دولية تابعة للأمم المتحدة هدفها التدخل السريع لمساعدة الدول على التعامل مع تداعيات التغير المناخي وقت الحاجة، ولتكن بذلك على غرار قوات حفظ السلام الدولية، لكنها لن تكون موجهة للتعامل مع جنون البشر بل مع جنون الطبيعة وهو أعظم وأكثر فتكا ودمارا.


تخيلوا لو كانت هذه القوات مجهزة الآن وتدخلت بقوة لمساعدة اليونان وتونس "لاحتواء حرائق الغابات التي اندلعت جراء موجة الحر الشديد"، أو للتعامل مع تداعيات "العواصف الرعدية العنيفة والأمطار الغزيرة التي تسببت بانهيارات أرضية وقتلى في الهند ودول البلقان من كرواتيا وسلوفينيا والبوسنة".


قد يرى البعض في هذا الطرح مبالغة، لكن التغير المناخي لن يترك أحدا من شره، ولن ينجح البشر في مواجهته إلا بالعمل معا، وهو ما قد يوحد جهودهم ضد عدو مشترك بدلا من هوسهم في قتل بعضهم بعضا عبر التاريخ.


الوقت ينفد، ولا بد من الانتقال من مرحلة الأقوال والتصريحات حول الأخطار الكارثية المحدقة بالأرض ومن عليها بفعل التغير المناخي المتصاعد إلى مرحلة الأفعال والقيام بجهد بشري مشترك للتعامل فعليا مع ما يشكله التغير المناخي من تهديد وجودي، ولعل تشكيل قوات دولية للتدخل السريع ومساعدة دول العالم في حال اندلاع كوارث طبيعية بفعل التغير المناخي هي الخطوة الأولى، لتليها خطوات وصولا إلى إلزام دول العالم أجمع بالوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050، وهو الهدف الذي حددته الأمم المتحدة. وهذا بالطبع يتطلب تريليونات من الدولارات سنويا لتخصيصها للاستثمار في العمل المناخي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية.


وإذا كان للطبيعة قوانين لا بد من فهمها والتعايش معها لاستمرار الحياة على الأرض، فإن كل شيء يبدأ من التعاون الحقيقي بين البشر لحماية وجودهم في المقام الأول.


ولبيان خطورة الأمر، لنتمعن فقط في تصريحات كبير علماء المناخ في وكالة ناسا الأميركية، غافين شميدت، وفق ما نقلته وسائل إعلام يوم أمس، والتي "رجّح أن يكون شهر يوليو هذا العام الأكثر سخونة في العالم منذ مئات، إن لم يكن آلاف السنين".


أليس هذا بحد ذاته كافيا ليتحرك أولي الألباب قبل فوات الأوان أم أن المجهول هو المصير؟ وفي هذا خلاصة القول والغاية.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا