تداعيات التغير المناخي تتطلب حلولا ضرورية للزراعة وتحقيق الأمن الغذائي

1693757338763622500
جفاف في إحدى مناطق محافظة المفرق-(تصوير: أمير خليفة)

مع تعاظم تداعيات التغير المناخي، وتأثيره على موارد المياه، أصبح التوجه نحو حلول ذكية للزراعة، ضرورة وليس خيارا، لأن الجزء الأكبر من موارد المياه يستهلك في الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي.

اضافة اعلان


وبحسب الباحثة في إدارة المياه الزراعية بالمركز الوطني للبحوث الزراعية د. رشا الركيبات، فقد تجاوزت الظواهر المناخية المتطرفة، مفهوم التغيرات الطبيعية لتتحول إلى واقع يعاش يوميا، كالجفاف والفيضانات، وتقلبات الموسم المطري، وجميعها نتائج مباشرة لزيادة انبعاثات غازات الدفيئة، وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون، إذ تعمل كغطاء لا مرئي حول الأرض، تمنع الأشعة الشمسية من الهروب بعد الاصطدام بسطح الكوكب.


وحول تأثيرات التغيرات المناخية على الأردن، بينت الركيبات، أنه لا يمكن تجاهلها، إذ تقع المملكة في منطقة مناخية حساسة، تجمع بين تضاريس متعددة: الأغوار والأراضي المرتفعة والبادية، ما يجعل الأردن في مواجهة أكبر مع تقلبات المناخ المحتملة، إذ تشير التوقعات المناخية إلى انخفاض معدلات الهطل المطري، وارتفاع درجات الحرارة، ما يعني تأثيرات متعددة على الموارد المائية والزراعة والبيئة، والغطاء النباتي.


وأشارت إلى أن العوامل المناخية، تلقي بتأثيراتها على الغطاء النباتي، ويبرز ذلك عند النظر الى تغير كميات الأمطار والحرارة، إذ يجسد الغطاء النباتي المرآة الحية للتفاعل المستمر بين عناصر المناخ والتربة، وغيرها من الظواهر الطبيعية. 


وفي ظل التقلبات المناخية المتسارعة، قالت الركيبات، إن تأثيرها سيظهر بوضوح على الموارد المائية المخصصة للزراعة والمياه الزراعية التي تعتبر العماد الأساسي لنجاح أي نظام زراعي، مع تزايد الاعتماد على مياه الري في القطاع الزراعي، ومع التوجه المتنامي نحو توجيه مزيد من المياه للاحتياجات غير الزراعية، نتيجة النمو السكاني وعمليات التحضر، وتحول أنماط العيش، وتراجع الكميات المخصصة للري.


وأفادت إلى أن الاستقرار الغذائي مهدد، جراء الانخفاض المتصاعد لمياه الري، مقابل تزايد الطلب على المواد الغذائية، بحيث يصبح من الأساسي تبنى أساليب إدارة مائية ذكية، لضمان استدامة الزراعة، أمام التحديات المستمرة للتغير المناخي، اذ يتطلب ذلك، تطوير إستراتيجيات زراعية تضمن الأمن الغذائي من دون المساس بموارد المياه الثمينة.


ولفتت الركيبات، إلى أن التكيف مع مظاهر التغير المناخي أصبح ضرورة ملحة، تتطلب نهجا علميا، وتخطيطا مدروسا، واستحداثا للتقنيات الجديدة، وتعزيزا للوعي بضرورة المحافظة على الموارد والاستفادة من المستدامة منها. 


وتقترح الركيبات أحد الأساليب في إدارة الموارد المائية ضمن حساب الاحتياجات المائية، بالتوجه الى إستراتيجيات أكثر فعالية لتوزيع واستخدام المياه، بالاستعانة ببيانات حول استهلاك المياه والتدفقات المرتجعة، ويمكن للمتخصصين تحسين أنظمة الري والتقليل من الخسائر المائية.


ووسط الحديث عن المستقبل هو للتحول الرقمي للزراعة لتعزيز الاستخدام الأمثل للمياه، وتسخير التكنولوجيا، لذلك عكف المركز على تطوير خرائط الاحتياجات المائية الرقمية التفاعلية لمحاصيل إستراتيجية ذات قيمة عالية، ومحاصيل العجز والمحاصيل التصنيعية؛ لزيادة الإنتاجية ودعم الصناعات الزراعية.


وكان المركز سباقا في استخدام بيانات التبخر المرجعي المستمدة من الاستشعار عن بعد عبر منصة WaPOR في حساب الاحتياجات المائية، بعد إجراء التحقق من دقتها، لدراسة تغير نمط الاحتياجات المائية الزراعية. 


وكشفت أن المركز استفاد من التكنولوجيا الرقمية لفهم تغير نمط الاحتياجات المائية، بحيث توفر هذه التكنولوجيا بيانات دقيقة ومحدثة، بالإضافة لما تحققه من فائدة في التنبؤ بالطلب المتزايد على المياه في القطاع الزراعي، ما يمكن الأردن من تحسين إدارة مواردها المائية، عند تحديد المناطق ذات الطلب العالي على المياه، إذ يمكن للمملكة التركيز على تطوير تقنيات جديدة لترشيد استخدام المياه، وزيادة الإنتاجية الزراعية، ما يسهم بتحقيقها ودعم الأمن الغذائي.


وأظهرت دراسة توجه الاحتياجات المائية للمحاصيل في الأردن بين العامين 2009 و2022 المستمدة من متصفح WaPOR بشأن تقنيات الاستشعار عن بعد، أنه في السنوات الماضية، ظهر تذبذب ملحوظ في الاحتياجات المائية مع زيادة بمعدل 0.78 % في المتوسط، وهذه التذبذبات قد تؤثر على التخطيط الزراعي والاحتياجات المائية، في بلد مثل الأردن الذي يعاني أصلا من نقص في الموارد المائية، وهذا التغيير المتقلب للمنطقة، قد يعني زيادة في الاعتماد على المياه أحيانا وانخفاض الاحتياج لها في أحيان أخرى. 

 

اقرأ المزيد : 

الخشاشنة: بدء تحديث إستراتيجية التغير المناخي لوزارة الصحة