"جرعة زائدة" لهيا صالح.. رواية موجهة للفتيان عن مخاطر الإدمان

"جرعة زائدة" لهيا صالح.. رواية موجهة للفتيان عن مخاطر الإدمان
"جرعة زائدة" لهيا صالح.. رواية موجهة للفتيان عن مخاطر الإدمان

تقدم الكاتبة الأردنية هيا صالح في روايتها "جرعة زائدة"، قصة يرويها فتى يتورط في الإدمان على المخدرات ثم يقرر التخلص منه مستعيناً بإرادة صلبة. 

اضافة اعلان


ويمكن الولوج إلى عوالم الرواية الموجهة للفتيان، من خلال النص الموجود على الغلاف الأخير على لسان البطل: "من السهل أن تنزلق. يكفي أن يحثّك أحدهم على ذلك لتجد مئات التبريرات لإقناع نفسك بالسير في تلك الطريق الوعرة. وبعد أن تغرق في الوحل ستعتقد أن الانسحابَ مستحيل، لكن الإرادة قادرة على فعل المعجزات. أمامك خياران: الاستسلام وقبول الهزيمة، أو القتال بعنادٍ للخروج من ظلمة النفق. لا تصدق أن درباً محفوفاً بالشر سيقودك إلى السعادة. أن يكون لونُ البابِ أبيضَ لا يعني بالضرورة أن العالم الذي خلفه كذلك. لقد عبرته يوماً، وإليك قصتي لتعرف أي غابة موحشة كانت ستبتلعني. لكنني نجوت!". 


ومنذ الصفحة الأولى، يجري القارئ مع الأحداث من غير ملل، فقد شيدت الرواية بأسلوب تشويقي من خلال العقد المتتالية والمرتبطة ببعضها البعض على مدى فصول الرواية، وصولاً إلى النهاية التي تقلب التوقعات رأساً على عقب، إذ يكتشف القارئ أن ما بناه في ذهنه من تصورات مسبقة أوحى بها العنوان ليس في مكانه.


وهذا التلاعب المدروس والاشتغال في تلك المنطقة الحساسة بين ما نختزنه من أفكار مسبقة عن تعبير "جرعة زائدة"، وبين القصد الذي أرادته الكاتبة بالفعل جعل من النهاية متوهجة وفارقة. ويلمس القارئ مصداقية الكلمات التي تخرج من قلب الفتى/ البطل وهو يخوض تلك التجربة المريرة في مواجهة آفة المخدرات التي تغريه بالتجريب من غير أن يفكر بالعواقب. جاء سرد الأحداث في الرواية الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون"، بضمير الأنا وعلى لسان الشخصية الرئيسية، إذ يسرد "مجدي" تجربته مع الإدمان، ويستدعي عبر مفاصلها تجارب عدد من أصدقائه كاشفاً عبر مسار زمني نفسي لا تعاقبي، عن تفاصيل حياته وطبيعة العلاقات في عائلته وبيته ومدرسته، وكيفية انقياده إلى عالم الإدمان، والظروف النفسية والمادية التي أوقعته في تلك الحفرة. 


تقول الكاتبة هيا صالح حول فكرة روايتها: "أردت أن أقدم رسالة توعوية تربوية لليافعين، الذين ينتمون إلى فئة اجتماعية شديدة الخصوصية نظراً لطبيعة تكوينهم النفسي والجسدي في مرحلة تشهد تحولاً تدريجياً من الطفولة إلى الشباب. فالبطل والشخصيات الرئيسة في محيطه جميعهم من هذه الفئة، وكل منهم يعيش ظروفاً حياتية وعائلية مختلفة عن البقية". 


وتضيف، أن الإدمان على المخدرات ليس ناتجاً عن التفكك العائلي دائماً كما هو شائع أو متداول في معظم الروايات التي تناولت هذا الموضوع، إذ تكشف لها من خلال قراءاتها وبحوثها ومقابلتها لأشخاص خاضوا تلك التجربة أو عايشوا فتيانا عاشوها، أن هناك خليطاً مركباً ومعقداً من الأسباب يشمل "العائلة، وطبيعة المرحلة العمرية، وسعيهم لتحقيق أحلامهم في غمضة عين، وأصدقاء السوء، والانجرار وراء ممارسات تنطوي على مخاطر على الصحة وفي مقدمتها التدخين".


وتبث الرواية التي احتشدت فيها الشخصيات ذات البناء النفسي المركب، والأحداث المشوقة والقريبة من الواقع، رسالة محددة تصل إلى القارئ بطريقة غير مباشرة، إذ تركز الكاتبة على النتائج الوخيمة لتعاطي المخدرات والكفيلة بأن تكون رادعاً للشباب وحائلاً دون خوضهم تلك التجربة التي تفتح في وجوههم أبواباً من الجحيم، فالتعاطي كما ظهر في الرواية يقود الشخص إلى المساس باستقرار العائلة بعامة وبالتالي، استقرار كل فرد فيها، فضلاً عن تبديد المال ومحاولة الحصول عليه بطرق غير مشروعة كالسرقة والاحتيال والسطو والكذب. والأهم استهلاك الجسد واستنزاف طاقاته ودفعه إلى الهاوية.


لكن الرواية تبقي باب الأمل مشرعاً للعودة، وتركز على أهمية التحلي بالإرادة لخلاص المدمن مما هو فيه واستعادة حياته، وهي تقدم السبل الكفيلة بذلك من خلال، محاولات البطل المستميتة للتوقف، ودخول عدد من رفاقه إلى مراكز العلاج مع التذكير على مدار الرواية بأن المدمن يمكنه في أيّ وقت اللجوء إلى أحد تلك المراكز من غير أن يكون هناك عقوبة قانونية بحقه، ومع التذكير أيضاً بأهمية الترابط الأسري وتوثيق الصلة مع الأبناء وعدم الانشغال عنهم وعن متابعة مجريات حياتهم اليومية. يذكر أن هيا صالح، صدر لها في الروايات الموجهة للفتيان:

"يوميات راجح الناجح"، و"الفستان الأزرق المطرز"، و"شقائق النعمان"، و"تراب مضيء".

 

وفي الرواية للكبار: "جسر بضفة وحيدة"، و"لون آخر للغروب". وفي النقد: "الخروج إلى الذات"، و"سرد الحياة"، و"المرجع وظلاله"، و"أبواب الذاكرة"، و"المسافة صفر". وفي الكتب الأدبية الموجهة للأطفال: "مختلفان.. متشابهان"، و"فراشة فراشة.. ماذا تسمعين"، و"لم أعد أشعر بالملل"، و"أكبر كرة صوف في العالم"، و"سحلب يخطط لمقلب"، و"عدنان وطبق رمضان"، و"لا أخربش.. أنا أرسم"، و"لماذا أحب القراءة"، و"شامة الصغيرة في ورطة كبيرة"، و"لوحة طارق"، و"من حقي أن"، و"عالم صغير"، و"سيرة حياة ورقة"، و"لماذا تطارد الكلاب القطط؟"، و"سلة العنب"، و"سلمى واليرقات"، و"كعكة الفاكهة".


فازت بجائزة اتصالات لكتاب العام لليافعين (2020)، وجائزة كتارا للرواية العربية (2018)، وجائزة الدولة الأردنية التشجيعية لأدب الطفل (2017)، وجائزة ناصر الدين الأسد للدراسات النقدية (2016)، وجائزة أفضل كتاب عربي للطفل/ الشارقة (2013)، وجائزة الإبداع الأدبي من مؤسسة ناجي نعمان للثقافة/ بيروت (2013)، والجائزة الثالثة في مسابقة النص المسرحي الموجّه للطفل/ الهيئة العربية للمسرح (2013).

 

كما فازت مسرحية "في يدي نجمة" (النص من تأليفها) بجائزة أفضل عرض متكامل من مهرجان الإبداع الطفولي الذي نظمته وزارة الثقافة الأردنية (2016)، وفازت بحلقة برنامج "مجلة السنابل" الذي أعدته للأطفال وبثّته الإذاعة الأردنية، بالجائزة الذهبية في مهرجان الإذاعة والتلفزيون/ تونس (2009).

 

اقرأ أيضاً: 

ندوة تناقش "لون آخر للغروب" للروائية هيا صالح

هيا صالح: على أدب الطفل مراعاة القيم والاتجاهات التربوية والجمالية