"عمان السينمائي الدولي".. آمال سينمائية تكبر باحتضان المواهب المحلية والعربية

عمان السينمائي الثالث
عمان السينمائي الثالث

الدورة الثالثة تحقق نجاحا كبيرة بحضور 100 ضيف وتفاعل حقيقي بين الجمهور المحلي

اضافة اعلان

إسراء الردايدة - لم تكن دورة عادية لمهرجان عمّان السينمائي الدولي- أول فيلم، حيث شهدت الدورة الثالثة التي اختتمت فعالياتها الأربعاء الماضي، نجاحا قويا، كونها تفاعلية من خلال حضور عدد كبير من الضيوف، محققة أهم أهدافها المتمثلة في التشبيك بين صنّاع الأفلام والخبراء والجمهور.

النجاح الأكبر كان بحضور الجمهور المحلي واهتمامه بالعروض التي شملت 49 فيلما من 29 دولة، خيارات ذكية من خلال برمجة الأفلام وخياراتها التي تجمع بين السينما العربية والدولية في ثيمة واحدة هي أول فيلم.

مهرجان عمان السينمائي- أول فيلم ينطلق غدا بحضور أكثر من 100 ضيف

وبتبني شعار "أول فيلم أول حب"، كان الشغف هو الدافع الأكبر لتحقيق النجاح من خلال جهود القائمين على المهرجان وضيوفه، من خلال التفاعل والحضور والنجاحات والعمل لإنجاز أفلام، بدءا من المشاريع المشاركة في أيام عمّان لصناع الأفلام، الذي وفر فرصة للمخرجين الجدد للحصول على دعم لرواية قصصهم، وهو هدف آخر للمهرجان.

تفاعل جماهيري

يقاس نجاح الدورة الثالثة بالحضور الجماهير المحلي وتواجده في أماكن العرض التي توزعت في سينما السيارات في بوليفارد العبدلي وتاج سينما والمسرح الخارجي للهيئة الملكية للأفلام. وساعد في تحقيق هذه الأسعار الرمزية للتذاكر، وسهولة الحصول عليها من خلال توفير محطات خدمية مباشرة ورقمية سهلة.

إلى جانب خيارات الأفلام التي شهدت إقبالا كبيرا خاصة الفيلمين الأردنيين: فرحة، وبنات عبد الرحمن" اللذين امتلأت صالة العرض لهما في أول عرض والإعادة.

وكان حضور الممثل التونسي ظافر العابدين في فيلمه" غدوة" قد زاد عدد الجمهور الذي أشاد بالفيلم الذي يتناول واقع الحياة السياسية في تونس، فضلا عن حضور نجوم من لبنان منهم كارمن لبس وجورج خباز، ونجوم محليين منهم صبا مبارك وفرح بسيسو وآخرين.

الأفلام الفائزة

في مسابقات "عمّان السينمائي" الثلاث التي تشمل أفضل فيلم عربي روائي طويل، أفضل فيلم وعربي وثائقي طويل، افضل فيلم قصير، وجائزة خيار الجمهور للعروض الدولية، فاز الفيلم الجزائري سولا للمخرج صلاح إسعاد بجائزة السوسنة السوداء لأفضل فيلم عربي روائي طويل. ومنحت لجنة التحكيم التي ضمت المخرجة نادين خان والناقد السينمائي لوتشيانو باريسونه والروائية والكاتبة الأردنية سميحة خريس الجائزة للمخرج.

ويحكي الفيلم قصة سولا، أم عزباء، يطردها والدها من بيت العائلة لتجد نفسها ورضيعها بلا مأوي، تحاول سولا إيجاد مكان آمن فتضطر لقضاء الليلة تتنقل من سيارة لأخرى مع عدة أشخاص، وطوال ليلة مليئة بالأحداث بين شوارع الجزائر، تحاول سولا أن تغير مصيرها ولكن للقدر رأي آخر.

الأحداث تقع في ليلة واحدة، فيلم من أفلام الطريق، حيث تعيش سولا أحداثا صعبة تكشف هشاشة حياتها والعنف الذي تتعرض له المرأة والتعنيف والانتهاكات الجسدية، في إيقاع متناغم ومتنوع بطيء وسريع تعكس معاناة بطلته ومصيرها.

وعن فئة الأفلام الوثائقية العربية الطويلة، حصد الفيلم الفلسطيني – السوري "فلسطين الصغرى"، من إخراج عبد الله الخطيب، جائزة السوسنة السوداء.

وضمت لجنة التحكيم منتجة الأفلام إيرين شالان والمونتير فيل جندلي والمخرج والمنتج أصيل منصور. الخطيب في فيلمه "فلسطين الصغرى" يصور محيطه بينما كان محاصرًا من قبل الجيش السوري دون أمل في الهروب.

بالنسبة للخطيب، يعد استخدام الكاميرا وسيلة لقتل الوقت من خلال توثيق الحياة في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين. حيث لم يتخيل أبدًا أن هذا الوضع سيستمر لمدة عامين ويتخذ أبعادًا لا تطاق.

نغمة الفيلم خفيفة نسبيًا في البداية، وبمرور الوقت، على الرغم من الأمل المستمر الذي شوهد في الشعر وابتسامات الأطفال، أو البيانو المثبت بين الأنقاض، فإنه يصبح أكثر قتامة وأكثر إثارة للقلق.

أصبح الفيلم الوثائقي للخطيب فيلمًا حربيًا غير عادي لأنه، مع عدم وجود أي عنف عسكري واضح في اللقطة فإنه يركز قبل كل شيء، على المعارك من نوع آخر: النضال المستمر من أجل الكرامة وضد المجاعة الوشيكة. من حيث الكرامة، على الرغم من أن بعض التفاصيل تظهر خلافات وتوترات لا مفر منها، يكشف الخطيب عن شعب موحد بشكل عام على الرغم من الكارثة.

فيما منحت لجنة تحكيم الأفلام العربية القصيرة المؤلفة من ممثلة المسرح والسينما كارمن لبّس والمخرج أمير فخر الدين والمنتجة والمشاركة وكاتبة السيناريو نادية عليوات جائزة أفضل فيلم عربي قصير للفيلم الجزائري "صوت أمي"، لمخرجه مراد حملة، عن الفئة التي تنافس فيها 14 فيلماً قصيراً.

فيلم يفيض بالمشاعر الإنسانية وحالة الفقد والخوف والاشتياق التي يعيشها المخرج بعد فقدانه أمه، تساؤلات كثيرة يطرحها وسط خوف من فقدان ونسيان صوت وصورة أمه، حيث يتمسك بكل ذكرياته وما تركته في كل مكان في المنزل وتفاصيل حياته حيث كما هي الأم دائما تمثل حضنا آمنا لا يمكن أبدا تعويضه.

تنظيم دقيق

على الرغم من طاقم المهرجان الصغير، لكن الدورة الثالثة كانت منظمة بدقة من خلال الاهتمام بالتفاصيل وعلى مستوى عال يحاكي كبرى المهرجانات في المنطقة وبمستوى ومعايير دولية، بدءا من منطقة مخصصة للنقاشات تجمع صناع الأفلام والمنتجين والمخرجين وورش ونقاشات تثير الخبرة والفكر للمشاركين. وصولا لبدء العروض في موعدها، توفير الخدمات والنقاشات بين ضيوف المهرجان والجمهور في تفاعل مباشر بعد كل عرض.

وهذا لم يكن ليتم دون دعم من سمو الأمير علي بن الحسين ورئيس المهرجان سمو الأميرة ريم علي، ومديرته ندى دوماني، ومسؤولة برمجة الأفلام عريب زعيتر وبسام الأسعد مدير أيام عمان لصناع الأفلام.

هذه الدورة التي تمثل المهرجان الحقيقي بدأت بحفل افتتاح جميل وناجح، و8 أيام من العروض الزخمة في حركتها الثقافية المثرية للخبرة والممتعة، بعد أن كانت أول دورتين عوائق بسبب جائحة كورونا.

اليوم، ومع ختام هذه الدورة بات من المؤكد أن صناعة السينما في الأردن تتطور بشكل سريع وتتوسع، وبجهود الهيئة الملكية للأفلام التي يقام المهرجان تحت مظلتها والداعمين للحركة السينمائية في كافة القطاعات، فإن صناع الأفلام والمواهب المحلية والعربية ستجد دائما مساحة وفرصة لهم لاحتضانهم، في بلد يزخر بالإبداع والثقافة.

وفيما نخطو نحو الدورة الرابعة، تنعقد الآمال في توسع أكبر، وحضور أشمل للسينما المحلية التي تحمل الكثير في جعبتها، بشغف صناع الأفلام ودعم محلي وتشجيع وإيمان بأن السينما توحد الجميع، وهو ما حققه فعلا على أرض الواقع "مهرجان عمّان السينمائي- أول فيلم"، فهي لغة تتجاوز كل الاختلافات والأعراق.