متى تأخذ العقبة حصتها الإقليمية من "سياحة المؤتمرات"؟

جانب من معرض سوفكس الذي تم تنظيمه في العقبة العام الماضي-(الغد)
جانب من معرض سوفكس الذي تم تنظيمه في العقبة العام الماضي-(الغد)

 يحظى التوجه إلى إقامة مركز معارض ومؤتمرات في مدينة العقبة، باهتمام متزايد، لا سيما أن المدينة ما تزال تفتقر إلى مشروع من هذا النوع، رغم الزخم السياحي الكبير الذي تشهده، وكذلك كثرة المؤتمرات العربية والدولية والمحلية التي تعقد في فنادقها. 

اضافة اعلان

 

  مؤخرا، طرحت وزارة الاستثمار عبر منصتها الإلكترونية، فرصة للاستثمار لإنشاء مركز معارض متطور ومبتكر بالعقبة، بحجم استثمار متوقع يبلغ 24 مليون دولار، على أن يقع المشروع في قلب مدينة العقبة على مساحة أرض تبلغ 170 ألف متر مربع، بمساحة إجمالية للمباني تستوعب 35 ألف متر مربع، وذلك بعد أن كان الحديث يدور في السابق عن إنشائه داخل مطار الملك الحسين الدولي.


حول ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة تطوير العقبة المهندس حسين الصفدي لـ"الغد"، إن "الشركة تولي موضوع إقامة أرض للمعارض في العقبة أهمية قصوى، لذا بدأت منذ أواخر العام الماضي بإعداد المخططات اللازمة والدراسات الخاصة بإنشاء مركز للمعارض ليكون جاهزا خلال العام المقبل"، مؤكدا أن "الشركة حاليا تعمل على إقامة المعرض وهي في مرحلة الإنشاءات قرب مطار الملك الحسين الدولي". 


الصفدي الذي يؤكد على ما توليه شركة تطوير العقبة من اهتمام لإقامة أرض المعارض، لم يتطرق إلى موضوع قصر المؤتمرات الذي لا يقل أهمية عن مشروع أرض المعارض، لا سيما وأن العديد من المؤتمرات الإقليمية والدولية إذا ما أريد لها أن تعقد بالعقبة فإن الحل الوحيد أمام الجهات المنظمة اللجوء إلى فنادق المدينة.   


ووفق خبراء، تعد ما تعرف بـ "سياحة المؤتمرات"، جزءا مهما من صناعة السياحة بشكل عام، نظرا لأهميتها الكبرى ومردودها المتميز على الاقتصاد، وهي التي تعرف كذلك بمسميات مختلفة مثل "سياحة الأعمال" و"سياحة المعارض" و"سياحة الاجتماعات"، ويشكل زوارها 1.8 % من إجمالي زوار المملكة بحسب ما أظهرته إحصاءات العام الماضي، حيث بلغ عدد زوار المملكة 5 ملايين زائر، ليشكل عدد سياح المؤتمرات والندوات من العدد الإجمالي ما يناهز 100 ألف زائر، مرجحين تضاعف الأرقام في حال إنشاء مركز متخصص في العقبة يجعلها جسرا إستراتيجيا يجمع القارات الثلاث نظرا لموقعها المتميز.


الخبراء دعوا إلى ضرورة العمل على جذب أكبر عدد ممكن من السياح ضمن سياحة المؤتمرات والندوات خاصة لمدينة العقبة التي تتكامل فيها جميع المقومات السياحية، بالإضافة إلى قربها من مدينة البتراء الوردية وهي مقصد عالمي مهم بالنسبة لزوار المملكة إلى جانب منطقة وادي رم.
الخبير التنموي الدكتور محمد الرصاعي وهو نائب رئيس جامعة الحسين بن طلال، يقول، إنه "بات واضحا في السنوات القليلة الماضية، أن الأردن يعد وجهة سياحية عالمية منافسة، نظرا لأسباب عديدة محلية وإقليمية، إلى جانب ما قامت به وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة من خطوات في الاتجاه الصحيح، حيث بلغ عدد السياح الذين زاروا الأردن في عام 2022 وفق منظمة السياحة العالمية (3567000) سائح وسائحة، ويتوقع المهتمون بقطاع السياح والتسويق أن يزداد هذا الرقم بشكل ملفت هذا العام، مما يشكل فرصة كبيرة لتعزيز أحد أشكال السياحة المرتبطة بهذا القطاع وهو سياحة المؤتمرات، والتي تعد ذات أهمية بالغة في التنمية بصورها المتنوعة وبالذات الاقتصادية منها والثقافية".


وأضاف الرصاعي، أنه "لا يرتبط هذا النوع من السياحة بقطاع التعليم العالي فقط، بل هو ذو صلة بقطاعات عديدة أخرى مثل القطاع الطبي والصناعي والزراعي والأنشطة الاقتصادية، كما يترافق في الغالب مع عقد المؤتمرات إقامة معارض، لتسويق منتجات هذه القطاعات وعرض مستجداتها، حيث تعد المؤتمرات فرصة حقيقية لعقد الاتفاقيات في مجالات التعاون وبناء البرامج المشتركة وتبادل الخبرات والمكتسبات"، مؤكدا أن "الأدوار المهمة تقع على عاتق جهات عديدة في الدولة، لتعزيز سياحة المؤتمرات، غير أن هذه الأدوار في هذا النوع من السياحة، لا بد أن تكون تشاركية لمعظم الوزارات والجامعات والمؤسسات الحكومية، إلى جانب مؤسسات القطاع الخاص وخاصة الفنادق والمطاعم ومراكز المؤتمرات وشركات السياحة والتسويق السياحي، ويأتي في مقدمة هذه الأدوار تهيئة بنية تحتية مناسبة ومجهزة بكافة المستلزمات، لعقد المؤتمرات والمعارض العالمية، وإعداد كوادر بشرية مؤهلة قادرة على إدارة وتجهيز متطلبات عالية الجودة لتحقيق الأهداف المرجوة من هذه المؤتمرات".

 

وقال، إن "هناك نجاحات واضحة في هذا النوع من المنتج السياحي في دول عديدة في الإقليم، كالإمارات العربية المتحدة وتركيا، حيث يمكن محاكاة هذه التجارب الناجحة والاستفادة منها في جعل الأردن وجهة سياحية منافسة في مجال سياحة المؤتمرات، والبناء على الإمكانات والمكتسبات الوطنية والعمل على تنفيذ أحد أهم محاور خطة التحديث الاقتصادي التي أطلقتها اللجنة الملكية، وهو محور (الأردن وجهة عالمية)".


ووفق الخبير السياحي محمد السلامين، فإن "سياحة المؤتمرات تلعب دورا كبيرا في كافة أنماط السياحة، وهي ركيزة أساسية لأي مدينة سياحية، خاصة تلك الواقعة على البحر"، مؤكدا أن "العقبة يجب أن يكون فيها منذ سنوات مركزا متخصصا للمؤتمرات والمعارض، حيث توفر سياحة المؤتمرات فئة مختلفة من السياح هم رجال الأعمال وأصحاب شركات عملاقة ومتوسطة وأصحاب الخبرة في قطاعات مختلفة، ويمكن أن يجد في العقبة مكانا مناسبا وملائما لإقامة مشاريعه إذا ما توفرت له كافة متطلبات الإقامة المتميزة في مؤتمره".


وأضاف، أن "مدينة العقبة تتمتع وتحظى بمقومات وإمكانيات هائلة لقربها من البحر الأحمر، وما تمتاز به من خطوط بحرية منتظمة، إلى جانب سلامة الموانئ وأمنها وقربها من البحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى وجود مطار الملك الحسين الدولي الذي يتمتع بميزة الأجواء المفتوحة وعدد من المعابر البرية، وإمكانيات السياحية التي تمتلكها العقبة، بما فيها وادي رم والبترا، فيما يمتلك مطار الملك الحسين الدولي الذي افتتح في سبعينيات القرن الماضي في العقبة مميزات تؤهله ليكون بوابة جوية إستراتيجية للأردن والمنطقة، ومن أهمها موقعه المتوسط لخريطة الطيران العالمي".
ومن وجهة نظر الخبير السياحي يوسف هلالات، فإن "وجود أرض للمعارض والمؤتمرات في العقبة، يسهم في دعم إستراتيجية العقبة بتعزيز مكانتها لتصبح وجهة رائدة لاجتماعات وفعاليات الأعمال بما يحقق التنمية والتنوع الاستثماري والاقتصادي، وسيدعم توفير مكان لإقامة المؤتمرات والمعارض المحلية والعربية والدولية إقامة مشاريع استثمارية مرادفة كالفنادق والمطاعم ووسائل النقل بما يوفر فرص عمل إضافية لأبناء الوطن، إضافة إلى استقطاب مئات الآلاف من المسافرين والزوار والسياح ورجال الأعمال والفرق العالمية المختلفة".


يشار إلى أن العقبة نجحت في جذب العديد من المؤتمرات الإقليمية والعالمية، من أبرزها معرض سوفكس 2022، إضافة إلى عدد من الفعاليات والأنشطة العالمية المرتبطة بالسياحة والرياضة، التي كان لها الأثر الأكبر على القطاع السياحي بأشكاله كافة، وعززت وجود المدينة السياحية على خريطة كبرى المعارض والفعاليات العالمية، نظرا لما تمثله من تسويق مباشر للعقبة في مختلف دول العالم من خلال تعريف المشاركين في هذه المؤتمرات بمنتج العقبة السياحي.

 

اقرأ أيضا:

 سياحة المؤتمرات.. كيف نعزز أثرها الإيجابي؟