شركات الأسلحة الأميركية والإسرائيلية وأرباح حرب الإبادة

دبابة "ميركافا" منتشرة في محيط كريات شمونة الشمالية بالقرب من الحدود مع لبنان، 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 - (المصدر)
دبابة "ميركافا" منتشرة في محيط كريات شمونة الشمالية بالقرب من الحدود مع لبنان، 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 - (المصدر)

شركات الأسلحة الخاصة جزء جوهري من البنية التحتية لحرب الإبادة. هناك، في هذا العالم الكبير الذي ينظر إليه الفلسطينيون وهو لا يراهم، من يحتفلون الآن بمراكمة ملايين ومليارات الدولارات مع كل قنبلة تمحو بيتا، مع كل قذيفة تسقط في حضن طفل تحمله أمه.
*   *   *
عندما تدخل موقع جريدة "هآرتس" الإسرائيلية هذه الأيام، سوف يظهر لك إعلان ممول لشركة استثمارات إسرائيلية. وعندما تضغط أيقونة الإعلان، سيأخذك إلى مقال في مدونة فيها "محتوى دعائي ممول" يقنع الناس بأن يستثمروا أموالهم في هذه الشركة أو تلك، أو في هذه البورصة أو تلك. والآن، في موسم حصاد الدم، هذه ساعة الاستثمار في الشركات العسكرية.

اضافة اعلان


يقول عنوان المقال الدعائي: "هذه منظومة الأسلحة المتقدمة التي تمتلكها إسرائيل والولايات المتحدة"، ثم يتابع العنوان الثانوي:
"في الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وحماس، ويمكن أن تتوسع إلى الحدود الشمالية، وربما حتى أن تتدخل الولايات المتحدة، تستخدم منظومات سلاح متقدمة وذكية. الكثير منها تصنعه شركات أميركية مسجلة ضمن مؤشر S&P Aerospace & Defense".


وليس تطرق الإعلان إلى توسع الحرب معلومة إخبارية فحسب، بل إغراء بفرصة استثمارية يتوجب اقتناصها الآن في شركات الأسلحة.


وأصحاب الأسهم في هذه الشركات من ضلع الحكومات والجيوش الغربية. تخرجوا منها بعد عقود من ارتكاب الجرائم لصالحها، وباتوا الآن مستشارين أصحاب كلمة في أروقة الحكم. وهم يزودون الجيوش بألعاب قتلٍ جديدة، ثم أكثر جِدة. سوق كامل من "العجائب" القتالية.

 

كلها تسوق نفسها -مثل أي دعاية رأسمالية- بأنها ستغير الحياة؛ "ستغير قوانين اللعبة"، "ستغير شكل المعركة"، "ستؤمن النصر"!... إنهم يخترعون ألعاب القتل، ويجربونها علينا، ويبيعونها ويرسلونها إلى كل أطراف الأرض، ثم يخترعون ألعابا جديدة. أمام نصرهم الساحق علينا، فلا يأتي أبدا.
من مصنع الصواريخ إلى البيت الأبيض، وما بعد..


ليست هذه الدعاية كاذبة: منذ بدء حرب الإبادة التي تشن على غزة، شهد المؤشر الأميركي المذكور، المختص بشركات الطيران والأمن، ارتفاعات ملحوظة وصلت إلى 5.88 بالمائة خلال الأيام العشرة الأولى من الحرب.


أرسل غريغ هايز، المدير التنفيذي لعملاقة الأسلحة الأميركية "RTX" تقريرا إلى المستثمرين بعد أيام من بدء حرب الإبادة، يحثهم فيه على تأييد المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل. وهو يؤكد في تقريره أن المساعدات الأميركية ستُنتِج اتفاقيات جديدة لتصدير الصواريخ: "إذا نظرتم إلى المحفظة الاستثمارية للشركة، ستلاحظون الاستفادة من تجديد مخزون (الصواريخ)".


وقد ارتفعت أسهم هذه الشركة التي تصنع الرادارات والقذائف الموجهة، والشريكة في مشروع "القبة الحديدية" الإسرائيلي، بنسبة 13.46 بالمائة منذ بدء الحرب. وتقاضى مديرها المذكور في العامين الأخيرين مبلغ 63 مليون دولار، عمل على تأمينها بقنوات عديدة من ضمنها تأثيره كعضو في إدارة "الدائرة المستديرة للأعمال" Business Round Table -وهي واحدة من مجموعات الضغط الأشد تأثيرا في السياسات الأميركية التي قادت توجهات سياسية واقتصادية تاريخية في الولايات المتحدة منذ العام 1972، ومنها محاربة قوانين منع الاحتكار وحماية المستهلك في السبعينيات واتفاقية "نافتا" NAFTA في التسعينيات.


بالطريقة نفسها، أفادت تسريبات بأن جيسون آيكن، نائب رئيس شركة جينرال داينامِكس General Dynamics، التي تزود إسرائيل بقذائف المدفعية، بشر المستثمرين بالآتي: "إذا نظرتم إلى الصفقات التي يمكن أن تتراكم أمامنا بسبب الحملة (الإسرائيلية)، فإن أكثر ما يظهر، ويبرز حقا، هو المجال المدفعي".

 

وقد ارتفعت قيمة أسهم الشركة منذ بداية الحرب بنسبة 9.72 بالمائة، لا سيما مع الإعلان عن إرسال نماذج تجريبية من المركبات التكتيكية الخفيفة، "فلاير 72"، لاختبارها ميدانيا في غزة.


وتزود كبرى شركات الأسلحة الأميركية "لوكهيد مارتن" Lockheed Martin إسرائيل منذ عقود بطائرات "ف-19" و"ف-35" وصواريخ "هيلفاير" وغيرها المئات من الأسلحة والمعدات منذ عقود.

 

وقد ارتفعت أسهم الشركة، منذ بداية الحرب وحتى 30 تشرين الأول (أكتوبر)، بنسبة 10.65 بالمائة. وتقاضى مديرها التنفيذي، جيم تايكليت، في العامين الأخيرين، ما يقدر بـ66 مليون دولار، إضافة إلى أسهم بقيمة 25 مليون دولار يمتلكها في الشركة. وهذا الرجل الذي ينتفع مباشرة من الحرب هو عضو في إدارة المركز الفكري "مجلس العلاقات الخارجية".


لا يتوقف الخط المباشر، الذي يبدأ من مصانع الأسلحة، في البيت الأبيض. فلشركة "بلاك روك" Black Rock، أكبر مؤسسة إدارة استثمارات في العالم، استثمارات بأكثر من 13 مليار دولار في الشركات الثلاث المذكورة أعلاه فقط، ومليارات غيرها في شركات تصنع أسلحة محرمة دوليًا، كالفوسفور الأبيض -الذي يستعمل في الحرب الحالية على غزة- والقنابل العنقودية.

 

والمدير العام لمركز أبحاث الشركة المسؤول عن إنتاج المعرفة والأبحاث الجيوسياسية من أجل "الاستثمارات المستدامة" هو ثوماس دونيلون -زوج كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لـ"اليونيسف"، المنظمة الأممية التي كان من واجبها أن تعمل على حماية 3.500 طفل الذين قُتلوا في غزة إلى حد الآن.


انتعاش بفضل الحرب


تراجع مؤشر بورصة تل أبيب "TA-35" بنسبة 9 بالمائة منذ بدء العدوان وحتى 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2023. إلا أن التدهور الذي شهده السواد الأعظم من الشركات الإسرائيلية لم يمس شركات الأسلحة بأي سوء. بل العكس طبعا.

 

وبحسب محلل الاستثمارات الإسرائيلي شاحر كارمي، فإن "القذائف تتطاير في كل مكان، ولا بد أن تستفيد الشركة".


في المنظور الأوسع، تسجل الصناعات العسكرية الإسرائيلية ارتفاعات سنوية غير مسبوقة. في العام 2022، بلغت عقود التصدير الأمني الإسرائيلي إلى العالم 12.5 مليار دولار.

 

وبحسب المعطيات الإسرائيلية، تضاعفت الصادرات الأمنية خلال عِقد واحد، وارتفعت خلال 3 سنوات بنسبة 50 بالمائة. وأسهم في هذه القفزة عاملان مركزيان: الحرب في أوكرانيا التي أفرغت مخازن أوروبا من السلاح، فجُدد المخزون الأوروبي بصناعات إسرائيلية، وثانيا، اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية التي فتحت سوقا جديدا وهائلا لنحو 120 شركة أمنية إسرائيلية.


إذن، تأتي الحرب في ظل نشاط اقتصادي يقظ أصلا. وفي معزل عن الحرب، قبل بشهور من اندلاعها ومع استمرارها، كان التصدير العسكري الإسرائيلي في أوجه: مثلا، في 19 تشرين الأول (أكتوبر)، أعلنت مصادر صحفية عن تقدم المفاوضات بين ألمانيا، هولندا وشركة "إلبيت" الإسرائيلية لشراء منظومة "PULS" للقذائف ذاتية التحكم، بعد أن فُضحت صفقة إسبانية إسرائيلية بقيمة 700 مليون يورو، على غرار صفقات سابقة مشابهة مع المغرب، وأذربيجان ورواندا.


وفي 25 تشرين الأول (أكتوبر)، نشرت الصحافة الإسرائيلية تقريرا يؤكد أن شركة "IWI لصناعة الأسلحة الإسرائيلية" عقدت قبل أشهر صفقات مع حكومة البيرو لتسليح عناصر الجيش في المناطق الجنوبية للدولة (المسؤولة بدورها عن قمع دموي للاحتجاجات المستمرة منذ العام الماضي، وتاريخ طويل من المجازر بحق الحركات الأصلانية واليسارية في بلادها) بآلاف البنادق الهجومية. بحسب الموقع الإسرائيلي "إسرائيل ديفنس"، فإن"التزويد الجاري لهذه الأسلحة لن يؤثر سلبا على إمداد الجيش، والشرطة، ومختلف قوى الأمن الإسرائيلية بالسلاح".


في 27 تشرين الأول (أكتوبر)، أفاد الموقع ذاته بأن شركة "إلبيت" الإسرائيلية تزود دولة الفلبين في هذه الفترة، وفق عقد موقع في العام 2021 بقيمة 172 مليون دولار، بدبابات من طراز "صبرا" Sabrah. (ملاحظة على التسمية: لا نعرف إن كانت دبابة "صبرا"، التي طورتها "إلبيت" منذ التسعينيات بطلب من سلاح المدرعات التركي، قد سميت على اسم المجزرة في بيروت، أو شركة الحمص الإسرائيلية-الأميركية الشهيرة).


المعنى "الإسرائيلي" للازدهار


على غرار الشركات الأميركية، تتحول المجازر الدموية إلى قفزات متوالية لشركات الأسلحة في بورصة تل أبيب. ولو قفز الجيش الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، كما قفزت أسهم الشركات، لاختلفت صورة الحرب جذريا.


ارتفعت أسهم شركة "ثيرد آي" Third Eye بنسبة 83.73 بالمائة منذ بداية القتال وحتى 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وبلغت قيمتها 20 مليون دولار. وبعد أيام قليلة من بداية القتال، أعلنت الشركة عن صفقة بقيمة 4 ملايين دولار لتزويد "زبون محلي" بمنظومة "ميدوزا" لاكتشاف الطائرات المسيرة بارتفاعات منخفضة.


وشهدت مجموعة "آيرودروم" Aerodrome لصناعة الطائرات المسيرة قفزات عديدة بلغت أقصاها يوم 25 تشرين الأول (أكتوبر) بارتفاع سهمها بنسبة 202 بالمائة عن بداية الحرب.

 

وارتفعت أسهم شركة "ليوناردو" Leonardo DRS العاملة في مجال الرادارات التكتيكية بنسبة 24 بالمائة، لتبلغ قيمتها في السوق 5 مليارات دولار.

 

وارتفعت أسهم شركة "ميغون" FMS Enterprises Migun المتخصصة في صناعة الدروع الباليستية الخفيفة بنسبة 11.4 بالمائة لتصل قيمتها في السوق إلى 280 مليون دولار.

 

وارتفعت أسهم شركة "آريت" Aryt للصناعات، المتخصصة في بيع المركبات الالكترونية للقذائف الموجهة والمعدات العسكرية، بنسبة 25.9 بالمائة وبلغت قيمتها في السوق 61 مليون دولار.


وترصد التقارير الإسرائيلية عشرات الارتفاعات المشابهة، وتتوقف أيضا عند الذبذبات المتزنة في الشركات الأكبر مثل "ريفائيل"، "إلبيت"،

و"الصناعات الجوية". وهذه ثلاث من أكبر 35 شركة أسلحة في العالم، بحسب تصنيف Defense News.

 

ويعود الحذر في حركة هذه الشركات إلى قيمتها وأسعار أسهمها المرتفعة أصلًا قبيل الحرب، والتي تعرضها لأخطار أكثر من غيرها في حال تلقى الجيش الإسرائيلي ضربات مؤلمة خلال مسار القتال. ومع ذلك، لا تهمل الصحافة تأكيد التصاعد المهم في مؤشراتها خلال العام الأخير.


تعرف رؤوس الأموال السيناريو: منذ اليوم الأول، تحولت الحرب في غزة إلى حقل لتجربة آخر الصناعات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية والأميركية من أجل "إثبات فعاليتها الميدانية".

 

وهذا الإثبات هو الدعاية الأهم، أكثر بكثير من كل التجارب والاستعراضات التي تقدمها الشركات لمندوبي الدول. وبالنسبة لهذه الشركات -دم الناس هو ختم الضمان الوحيد للأسلحة.

 

مهرجان "الإثباتات الميدانية".. أو أختام الدم لجودة السلاح


بعد أيام من بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، ومعه شركة "إيلبيت"، عن أول استخدام عملياتي لقذيفة "اللدغة الحديدية" Iron Sting، وهي قذيفة "ذكية" من عيار 120 ملم، يدعي الإسرائيليون أنها موجهة بأشعة الليزر و"جي. بي. إس". وفي غضون ساعات، نشرت مئات الوسائل الإعلامية الأجنبية، من دون مساءلة أو تحقيق أو نقد، مادة دعائية خالصة لصالح شركة الأسلحة الإسرائيلية. هذا، طبعا، إضافة إلى عشرات آلاف القذائف من عيار 155 ملم بقيمة ربع مليار شيكل (أي 62 مليون دولار أميركي) التي اشترتها وزارة الأمن الإسرائيلية من الشركة نفسها منتصف العام الحالي.


كما يتحمس الإعلام أيضا لدخول الدبابات الإسرائيلية الجديدة "باراك" إلى الميدان، وهي "الجيل الجديد" من دبابات المركافا التي يدعى الصحفيون إلى مرافقة الجنود في قيادتها التجريبية.

 

ويتم التسويق لهذه الدبابة باعتبار أنها تتمتع بمنظومة دفاعية متقدمة، ومجسات ضوئية وحرارية وذكاء اصطناعي وخوذة قيادة متقدمة "تشبه خوذة الطيارين" (يا للمثل العليا)! وشاشات تعمل باللمس... وتشبه الدعاية لهذه الدبابة، إلى حد بعيد، دعايات النسخ الجديدة من الـ"بلايستيشن".


وأعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن بدء استخدام ناقلات الجند الجديدة "إيتان" المزودة بمنظومة "إلبيت" الدفاعية الجديدة: "القبضة الحديدية" Iron Fist التي توفر (وفق الفيديو الدعائي للشركة) اعتراضاً أتوماتيكياً لمجموعة كبيرة من القذائف المضادة للدروع.

 

وعلى الرغم من أن الدخول البري إلى غزة لم يبدأ بعد، تبرعت مجلة "فوربس" Forbes بالتهليل للمنظومة الجديدة التي، مثل مئات الألعاب العسكرية الأخرى، "قد تغير طبيعة القتال في غزة".


ضمن الهوس الدعائي بالأسلحة الإسرائيلية، ظهر في الأيام الأولى للحرب فيديو يدعي تفعيل منظومة "الشعاع الحديدي" Iron Beam، وهي منظومة لاعتراض الصواريخ بالليزر ما تزال في مراحل التطوير والتجريب (ملاحظة على التسمية: يصعب تجاهل الملل في تسميات "الحديدية" الغريبة -القبة الحديدية، اللدغة الحديدية، القبضة الحديدية، الشعاع الحديدي- خاصة وأنها كلها مرشحة لتصدأ سريعا حين "تشرب من بحر غزة").

 

وبعد وقت قصير من نشر مشاهد "إسقاط صاروخ فلسطيني" بالليزر، اتضح أنها ليست سوى أخبار كاذبة، وأن الصور من لعبة فيديو شهيرة تدعى "Arma3" والتي تتمتع بتقنيات غرافيكية متقدمة.


بعد ساعات، نشرت شركة تصميم الألعاب التشيكية رسالة تقول فيها: "على الرغم من الإطراء لواقعية تصميمنا البصري، إلا أننا لسنا سعداء باستخدام ألعابنا للبروبوغاندا". وأعلنت الشركة أنها ستتعاون مع وكالات صحفية كبرى لتفنيد هذه الأخبار الكاذبة. وبعد أيام، أصرت الصحافة الإسرائيلية على أن تسوق لمنظومة الليزر على أي حال.

 

ونشرت صحيفة "كلكاليست" معلومات غير واضحة المصادر تفيد بأن وزارة الأمن وشركة ريفائيل تبحثان إمكانية إدخال منظومة "الشعاع الحديدي" في تجارب ميدانية في إطار القتال في غزة.


بحرًا، تهلل الصحافة العسكرية لاستخدام سفن "ساعر 6" لأول مرة في هجوم على شواطئ غزة. وهي فرقاطات (سفن حربية متوسطة الحجم) ألمانية الصنع، مزودة بمنظومات دفاعية إسرائيلية. وكذلك لاستخدام "الجيل السادس" الجديد من صواريخ Spike NLOS Naval، بحسب موقع navy recognition الأميركي.


أما على مستوى المدافع، فتشكو الصحافة من أن المدفعية الإسرائيلية ما تزال تستخدم مدافع من سبعينيات القرن الماضي. في العام 2019، فازت شركة "إلبيت" بمناقصة لاستبدال المدافع الموجودة بمدافع جديدة من طراز "روعم" الذي تسوق له باعتباره (مرة أخرى) "يغير قواعد اللعبة".

 

وعلى الرغم من أن تسليم المدافع الجديدة لن يتم حتى العام 2024، أعلنت الشركة عن تزويد الجيش بنموذجين تجريبيين على الفور -ما تتوقع الصحافة العبرية أن يعزز تسويق المدافع للتصدير الدولي. وهي عجائب نعرف آخرها...


هذا الكم الهائل من الأسلحة الجديدة، إضافة إلى مخازن الذخائر والعتاد الأقدم، كلها تكلف إسرائيل ما يقدر بمليارات الدولارات يوميا. وبحسب الصحافة الإسرائيلية، تتعمد الحكومة إخفاء التكلفة اليومية للحرب خوفا من ضرب التصنيف الائتماني العالمي للدولة.

 

لكن الأكيد، وما لا يمكن إخفاؤه، هو أن هذه المليارات لا تُطلَق في الفراغ، وإنما تعود إلى جيوب من يدفعون هذه الحرب ويمنعون توقفها. من جهتنا، تعود علينا هذه المليارات بجثامين الآلاف من الأحبة، رجالا ونساء، كبارا وصغارا. أحلام تحت ركام، وأفراح مكفنة في مقابر جماعية.


مع بداية الدخول البري، وبدء الاعتراف الإسرائيلي بالخسائر، بدأت تنكشف حقيقة نعرفها جيدا. في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، اعترفت إسرائيل بتدمير المقاومة الفلسطينية لمدرعة "نيمير" Namer ومقتل غالبية جنودها.

 

وذلك بعد سنوات طويلة من تطويرها وعشرات التقارير الصحفية التي بجلتها وبشرت بها.. وتتساءل الصحافة الإسرائيلية: "كان يفترض أن تكون هذه ناقلة الجند المتطورة التي انتظرها الجيش لعقود... فأين الخلل؟".


نحن نعرف الإجابة عن السؤال، نعرف البديهية التي ثبتتها الشعوب: كل الأسلحة التي تُسوق كعجائب خارقة ساحقة؛ كأرفع منجزات التكنولوجيا القادمة من المستقبل، توظف لتهويل الأسطورة، ودب الرعب في الشعوب المستضعفة، وتعظيم ظلال أشباح الإمبراطورية في وعي المجتمعات المظلومة.

 

ثم مراكمة الأرباح الهائلة من الاستراتيجيات العدوانية والاستعمارية المعربدة في عالمنا. البديهي أن الأسطورة، مهما عظمت، ومهما بلغت تقنيات بنيانها، سيعاند المظلوم حتى يجد السبيل إلى هدمها.

*مجد كيال: كاتب وباحث من حيفا، فلسطين. روايته الأخيرة "نهر الكرمل" صدرت بداية سنة 2023.

 

اقرأ المزيد في ترجمات:

حماس تستخدم أسلحة أحدثت تحولا في حرب أوكرانيا