هل يشهد 2024 منصة انطلاق "الناقل الوطني"؟

خريطة تمثل مسار مشروع الناقل الوطني بين العقبة وعمان - (أرشيفية)
خريطة تمثل مسار مشروع الناقل الوطني بين العقبة وعمان - (أرشيفية)

 تحوم إشارات إنذار متكررة حول قطاع المياه الأردني الشحيح الموارد، عن حدوث أزمات مائية مرتقبة إن لم يدخل مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة، حيز خطوات الغلق المالي الفعلي، بحدّ أقصى في غضون العام المقبل 2024.  

اضافة اعلان


وعلى مشارف العام الجديد، أبت وتيرة العمل بـ"الناقل الوطني"، وهو من المشاريع المستدامة لتمكين الأردن من تنفيذ خططه الوطنية في تأمين 300 مليون متر مكعب سنويا لمعظم مناطق المملكة والتحول إلى التزويد المائي المستمر على مدار الساعة يوميا، ألا ينتهي العام الحالي؛ إلا بالخروج نحو أول ملامح حجر الأساس لتنفيذ المشروع. 


وكانت وزارة المياه والري مطلع كانون الأول (ديسمبر) الحالي، تسلمت عرضا فنيا واحدا من أصل خمس شركات تأهلت لتنفيذ مشروع الناقل الوطني، ويقوم على دراسته 70 شخصا، بعد طرح الوزارة عطاء المشروع، وفق تصريحات سابقة لوزيرها رائد أبو السعود. 


ومن المتوقع أن تتراوح التكلفة الأولية لمشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر، بين 2.5 إلى 3 مليارات دولار. 


أما عن قضية خفض الفاقد المائي؛ فتعد من أولويات جلالة الملك عبد الله الثاني، حيث تجددت تأكيداته مرارا بضرورة التركيز على تنفيذ المشروعات الاستراتيجية في رؤية التحديث الاقتصادي، وأهمها الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة، لمواجهة التحديات المائية والبيئية والتغير المناخي، بالإضافة إلى رفع كفاءة استخدام الموارد المائية وخفض الفاقد المائي، والتصدي لعمليات الاعتداء على المصادر المائية، وعدم التهاون في التعامل معها.


وتعد مبادرة خفض الفاقد بنسبة 2 % سنويا من المبادرات الأكثر إلحاحا وأهمية على مستوى مخرجات "رؤية التحديث الاقتصادي" حتى العام 2033، والتي خلصت إلى 12 مخرجا في قطاع المياه.  


وتعد المحاور المرتبطة بتقليل نسبة الفاقد 2 % سنويا، وإطلاق المشاريع الوطنية لتحلية المياه، وتوفير الفرص أمام استثمارات القطاع الخاص، ورفع كفاءة الطاقة المستخدمة في قطاع المياه، فضلا عن زيادة استخدام الطاقة البديلة، واستغلال تخزين المياه لتخزين الطاقة، ورفع كفاءة استخدام المياه، وتحقيق الاستدامة الذاتية المالية، إضافة إلى تطوير المراقبة والتحكم في إدارة العرض والطلب على المياه، تعد كلها ضرورية وأساسية للنهوض بقطاع المياه، ووفق خطة تنفيذية وزمنية مدروسة. 


وفي هذا السياق، أظهر تقرير ديوان المحاسبة السنوي للعام 2022 والصادر مؤخرا، نسبة الفاقد من مياه الشرب بلغت 50 % في العام 2022، ما يتطلب تحديث وتأهيل شبكات المياه ومتابعة الصيانة الدورية والحد من الاعتداءات على خطوط المياه.  


ونجح قطاع المياه خلال العام 2023، وبناء على مخرجات محور الموارد المستدامة في رؤية التحديث الاقتصادي، في إعداد إستراتيجية قطاع المياه للأعوام 2023-2040، مع خطة الاستدامة المالية لقطاع المياه وخطة تخفيض فاقد المياه.


وتشكل تلك الخطة خريطة طريق لقطاع المياه التي يتم بناء عليها إعداد البرامج والخطط التنفيذية وتحديثها بشكل مستمر. 


كما تمكنت وزارة المياه والري من إنجاز وافتتاح مشروع الطاقة الشمسية المتجددة في منطقة الديسي، 24 ميجاواط، والذي بدأ العمل عليه في العام 2019، حيث سيساهم من خلال نظام العبور، بتخفيض فاتورة الطاقة الكهربائية في عدة مواقع استهلاك، منها محطة وادي العرب، ومحطة زي، ومحطة الزارة ماعين، وذلك توازيا والسير بنجاح في طريق الاستمرار بتنفيذ حملة إحكام السيطرة وضبط الاعتداءات على مصادر وخطوط المياه في المملكة.  


أما عن الوجه الآخر، فلا تزال المملكة تواجه صعوبات في إيجاد آلية لبناء القدرة على الصمود في وجه الجفاف في ظل تناقص الهطولات المطرية، وتحقيق الأمن المائي، وذلك من خلال تعزيز إدارة الطلب على المياه وتحقيق التوازن بين إدارتي التزويد والطلب. 


ولا تزال قضايا عدة تواجه تطبيق أسس حوكمة المياه الفعالة في الأردن؛ منها: الافتقار الى المساءلة، والشفافية، واللوائح الفعالة، والمشاركة الكافية من جانب أصحاب المصلحة، والمركزية الشديدة في اتخاذ القرار، وذلك توازيا وعدم إنجاز قانون شامل موحد لقطاع المياه يتم فيه بيان الواجبات والمسؤوليات داخل مؤسسات القطاع ومع القطاعات الأخرى المتداخلة. 


وتتمثل التحديات التي تجابه تحقيق الهدف السادس للتنمية المستدامة؛ في تناقص الموارد الضرورية للقياس والمتابعة وجمع البيانات وخريطة الطريق والخطط لتحقيقها، ومجالات التواصل والتعاون والتطوير في هذا المجال، بهدف تحقيق خطة التنمية المستدامة للعام 2030. 


ولا تزال وتيرة تقدم قطاع المياه الأردني نحو تحقيق كامل مؤشرات الهدف السادس للتنمية المستدامة الـ11، المتمثل بالوصول للمياه النظيفة والصرف الصحي، تقارع الزمن. 


ومع اقتراب العام الإطاري 2030 المحدد لتحقيق كامل تلك المؤشرات، والتي أطلقت في العام 2016، أظهرت تقديرات رسمية لوزارة المياه والري، والتي تنفرد "الغد" بنشرها، أن جزءا من إنجازات مؤشرات الهدف السادس، تحقّقت في إطار سبعة من أصل 11 مؤشرا، مقابل أربعة مؤشرات لم تشهد التقدم المطلوب، ومن ضمنها مؤشرات أخرى لم تشهد أي نوع من التغيير. 


وتنامت دعوات محلية وإقليمية بهذا الخصوص، نحو ضرورة اتخاذ إجراءات من شأنها تعزيز العمل لتحقيق الهدف السادس للتنمية المستدامة؛ وهي تحسين التعاون والتآزر بين المؤسسات العامة، وخاصة في مجال جمع البيانات، والتخطيط المتكامل وتوضيح المسؤوليات، وتطبيق نهج الإدارة المتكاملة لموارد المياه لضمان التوازن بين مصالح وتطلعات واهتمامات الشركاء الداخليين، من مؤسسات قطاع المياه، والشركاء الخارجيين، كالمواطنين والجهات الداعمة. 

 

ويعاني الأردن عجزا مائيا، يتزامن مع ضغوطات تتمثل بالزيادة السكانية وتراجع نسبة الهطولات المطرية والتغيرات المناخية، ما يستدعي التغلب على تلك التحديات المليئة بعبء ثقيل على إدارة هذا القطاع الإستراتيجي الحيوي.

 

اقرأ المزيد : 

"الناقل الوطني" هل يكون مدخلا لاعتماد الطاقة المتجددة ؟