العدوان على غزة يلقي بظلاله على أجندة قمة المناخ "كوب 28"

أدخنة تتصاعد جراء قصف طائرات الاحتلال لمناطق في غزة أمس-(وكالات)
أدخنة تتصاعد جراء قصف طائرات الاحتلال لمناطق في غزة أمس-(وكالات)

تلقي الحرب الوحشية على قطاع غزة بظلالها على قمة المناخ (كوب 28)، التي ستُعقد في نهاية الشهر الحالي بالإمارات، إذ يتوقع بأن تشهد نقاشات حادة بين الدول، بشأن ما يمارسه الاحتلال حالياً من انتهاكات بحق الفلسطينيين. 

اضافة اعلان


ومع اشتعال هذه الحرب، يتوقع بأن تتعرض أجندة المناخ في المنطقة العربية، إلى ضربات وتوتر في مجالات رئيسة عديدة، وفق خبراء بيئيين عرب.


كما ويرجح بأن "يثير نشطاء مجتمع مدني سيحضرون القمة، الحرب على غزة، للفت الانتباه الى كيف أن هذا الغزو المتصاعد، مع ما يصاحبه من تدمير للبنية التحتية في القطاع، وخدمات المياه والنزوح الجماعي، سيكون له آثار كارثية على الأجيال، وتعرض الفلسطينيين لتأثيرات تغير المُناخ بصورة أكبر مستقبلاً".


وتتعالى أصوات خبراء بيئيين مطالبة بـ"ضرورة طرح قضية الحرب الصهيونية على القطاع، ومحاولة ربط تأثيرات الحروب على التغيرات المُناخية".


ويتوقع حضور 70 ألف مشارك في المؤتمر، بينهم قادة وزعماء وأمراء وملوك من 197 دولة حول العالم، الى جانب مسؤولين حكوميين، وقادة دوليين من قطاع الصناعة، وممثلين للقطاع الخاص وأكاديميين، وغيرهم، بحسب تقديرات رسمية إماراتية.


وأكد الأستاذ في فلسفة البيئية وتغير المُناخ حبيب معلوف لـ"الغد"، أن "حرب غزة، سيكون لها تأثير دراماتيكي على مفاوضات القمة لهذا العام، لا سيما من ناحية التمويل". 


وأوضح أن "التمويلات ستضخ باتجاه استمرار الحرب على غزة، وبالأخص عقب الطلب الأخير للرئيس الأميركي جو بايدن من الكونغرس، بتقديم تمويل يقارب الـ100 مليار دولار، لدعم الحروب في كيان الاحتلال وأوكرانيا".


وذلك الأمر يعني برأيه، أن "الصناديق المناخية، لن تشهد تدفقا لتمويلات مالية من الدول، في ظل الأوضاع السياسية الراهنة، والحرب شبه العالمية التي يشهدها العالم".


ولا يقتصر الأمر على ذلك، وفقه، بل إن "أنظار الدول في الوقت الحالي، تتجه نحو الحرب على غزة، والحروب الأخرى التي تشهدها دول في العالم، بعيداً عن الاهتمام بقضايا التغير المناخي".


ولكن وفي حال "تمكنت الدول العربية من التوصل الى هدنة في غزة، أو وقف الحرب عليها حالياً، فإن انعقاد القمة سيبقى مستمراً، ولكن في حال حدوث العكس، فسيكون الفشل وعدم النجاح، العنوان الأبرز لهذا المؤتمر".


وبين أن "اجتماع الدول العربية الشهر الحالي، وما سينتج عنه من مخرجات، قد يحكم سير المفاوضات، ولكن وضع القمة يشوبه القلق في هذا العام".


واستبعد معلوف، أن "يطرح موضوع غزة على أجندة المفاوضات في القمة، باعتبار أن المحاور الرئيسة لمواضيعها أعدت مسبقاً، ومن بينها الاستدلال على نسب انبعاثات غازات الدفيئة للدول بعد خمسة اعوام، مع متابعة شأن صندوق الخسائر والأضرار".


وكانت الإمارات حددت ملامح أجندة عمل القمة في آب (أغسطس) الماضي، والتي ارتكزت على عدة محاور، مثل: ربط الصحة والإغاثة بالتعافي والسلام، والتمويل والتجارة بالمساواة بين الجنسين والمساءلة، كما تطرقت لأول مرة الى الشباب، لتحسين سبل عيشهم في قلب العمل المناخي.


لكن معلوف "توقع بأن تطرح المجموعة العربية شأن غزة في المفاوضات، بينما ستبقى أجندة العمل كما هي دون تغيير".


واتخذت شبكة المنظمات البيئية الفلسطينية التي تضم 15 مؤسسة أهلية بيئية في فلسطين، موقفاً رافضاً للمشاركة في القمة، لكون "نقاشاتها قد تحتوي على تقديم حقائق مزورة، ووهمية من بعض الأطراف حول ما ارتكبه الاحتلال الصهيوني من انتهاكات في فلسطين المحتلة"، وفق  منسقة الشبكة عبير البطمة.


وبينت البطمة لـ"الغد"، أن "منظمة أصدقاء الأرض التي تضم الشبكة في عضويتها، تعتزم تنظيم فعاليات على هامش القمة تسلط عبرها الضوء على جرائم وانتهاكات الاحتلال في القطاع".


كما أن "ثمة جهودا تُبذل حاليا، وبالتنسيق مع منظمات مجتمع مدني لاستغلال القمة بإبراز الانتهاكات، والجرائم التي يمارسها الاحتلال في فلسطين".


"وبرغم أن الكيان الاحتلالي، يروج بأنه دولة صديقة للبيئة، لكنه أثبت عكس ذلك عبر حربه على القطاع، باستخدام أسلحة تُصدر نسبا عالية من الانبعاثات السامة، فاقت بكثير تلك الناجمة عما يصدر في مصانع الدول الصناعية".


وهذه الأسلحة، وفقها "سيكون لها آثار طويلة الأمد على الهواء والتربة والبيئة، بالاضافة للتدمير الكامل للبنية التحتية للأراضي الزراعية".


وفي القمة الماضية استعرض كيان الاحتلال، "قدراته التكنولوجية المائية المتطورة، والتي يستخدمها حاليا بقطع المياه عن الفلسطينيين في القطاع، وهذا يندرج ضمن الإبادة الجماعية، بل ويشكل مخالفة لصكوك حقوق الإنسان الدولية". 


ومن بين التحضيرات والمقترحات الحالية في القمة، أن "تُعقد جلسات جانبية، لتسليط الضوء على أثر الحروب، وربطها بالتغيرات المناخية سواء في فلسطين، أو في دول العالم". 


ودعت "المشاركين في القمة لتسليط الضوء على ما يرتكبه الكيان الصهويني من جرائم وانتهاكات حاليا، بعد توقف عدوانه الإجرامي على القطاع".


وبرأي مديرة برنامج السياسات البيئية في مبادرة الإصلاح العربي سارين كراجرجيان، فإن "أحداث الحرب والمجازر في القطاع، تنصب في إطار تحقيق العدالة لسكانه، وللفلسطينيين"، مبينة أن "تحقيق العدالة في مواضيع البيئة والتغير المُناخي، باتت ملحة، بخاصة في ظل انقطاع الوقود في غزة بسبب ممارسات العدوان الاجرامي للصهاينة على الفلسطينيين في القطاع، والذي قد يسرع من انتقال العالم الى مصادر طاقة نظيفة".


وشددت لـ"الغد" على أن "النقاشات التي ستطرح على طاولة المفاوضات في القمة لا بد أن تتضمن محاورها قضايا العدالة والتحول نحو الطاقة، بخاصة في ظل الحرب على غزة".


وهنالك "نشطاء بيئيون أصدروا تقارير تحدثت عن سيطرة الاحتلال على الأراضي الزراعية في فلسطين المحتلة، والذي يشكل تهديدا على سيادتها ومزارعيها، والحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للشعب الفلسطيني"، في نظرها.
ولم "نشهد لغاية الآن، إعلانات من دول أو منظمات حول رفضها للمشاركة في القمة بعد الحرب على غزة"، كما أكدت كراجرجيان.


ولم يتوقع ممثل جمعية فلسطين للبيئة والتنمية المستدامة سائد الشوملي، أن "تطرح القمة قضية الحرب على غزة، لأن الدول في العالم لا تولي اهتماما لما يحدث من انتهاكات مستمرة من الاحتلال الصهيوني في فلسطين".


وأعرب عن أمله بأن "تطرح الدول قضية الحرب على غزة ضمن النقاشات في القمة، والتفكير بأهالي القطاع الذين استشهدوا إثر الحرب الوحشية، قبيل الحديث عن البيئة والمُناخ، وغيرها من هذه القضايا".


وأكد أن "الجمعية أعلنت مقاطعتها للقمة بعد الحرب على غزة، والتي تأتي في توقيت يعد الأسوأ في تاريخ القمم السابقة، في ظل القتل والدمار الشامل لمناحي الحياة في القطاع".


وشدد على أن "الطروحات التي سيقدمها المحتلون في القمة، هي ذاتها التي جرى تداولها في مؤتمر شرم الشيخ، بأنهم حماة للبيئة ويسعون لحماية الطبيعة في الأراضي التي يحتلونها من فلسطين".


ولكن، وبرأيه فإن "تلك الطروحات، تعاكس الواقع الحقيقي في القطاع الذي بات يشهد تدميراً لبيئته بمختلف مجالاتها".

 

اقرأ المزيد: 

الأردن يطلق "المناخ واللاجئين" في "كوب 28"