ما المطلوب لمعالجة مشكلة البطالة بين الشباب؟

البطالة
البطالة

في حين تواصل أعداد خريجي الجامعات ارتفاعها وزيادة الوافدين إلى سوق العمل، يمثل ضعف النمو الاقتصادي وعزوف الشباب عن الأعمال المهنية، أبرز عوامل تفاقم معدلات البطالة بين الشباب الأردني.

اضافة اعلان


البطالة مشكلة قديمة متجددة وما يفاقم من حجمها اتساع رقعة الشباب منها، ما يستدعي تسريع عملية الإصلاح الاقتصادي وعلى رأسها رؤية التحديث الاقتصادي، بحسب خبراء.


وأكد الخبراء أهمية التوسع في برامج التعليم المهني والتدريبي، وزيادة حجم النفقات الرأسمالية، والبدء في تدشين مشاريع تشغيل وطنية.


وكان المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال" حذر من استمرار ارتفاع معدلات البطالة بين فئة الشباب، باعتباره التحدي الأكبر الذي يواجه هذه الفئة التي تشكل الشريحة الأكبر في المجتمع الأردني، والتي تزيد على أربعة ملايين شاب وشابة من الفئة العمرية 12-30 عاما، 42 % منهم يعيشون في عمان. 


وقال المركز إن معدل البطالة في فئة الشباب حتى 24 عاما يبلغ 46.1 %، وبحسب الجنس بلغ المعدل بين الذكور الشباب 42.1 %، وبين الإناث الشابات 64.1 %، وهي من أعلى المعدلات على المستويين العربي والدولي.


واستعرض التقرير التحديات التي تساهم في زيادة نسب المتعطلين عن العمل من الشباب، ومن هذه التحديات سياسات التعليم ومدى جودة التعليم وملائمته لحاجات سوق العمل، ومدى توافر الفرص المناسبة لتطوير مهاراتهم وقدراتهم.


وأرجع استاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في الأردن إلى مشكلتين مركبتين، الأولى تتمثل في الواقع الاقتصاد المحلي حيث أن معدلات النمو منذ عقد ونصف تتراوح ما بين 2-2.5 % حيث أن نسب النمو هذه تجعل الاقتصاد غير قادر على توليد  فرص عمل وتشغيل كافية.


ويضاف لذلك المعيقات الجوهرية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني والتي تحد من قدرته على النمو والتشغيل كارتفاع حجم المديونية العامة وارتفاع النفقات الجارية دون الرأسمالية، علاوة على عجز الميزان التجاري، فضلا عن ضعف الاستثمارات وتشوه النظام الضريبي التي يعتمد على ضريبة المبيعات.  


وتتمثل المشكلة الثانية بحسب الحموري في عزوف الشباب الأردني عن اكتساب المهارات والحرف وابتعاده عن الاعمال المهنية وتعلمها، وميله بشكل كبير نحو التعليم الأكاديمي الأمر الذي نجم عنه فجوة في متطلبات سوق العمل، ما ترك شواغر كبيرة في الأعمال المهنية والحرفية اشغلتها العمالة الوافدة.


ويؤكد الحموري أن هذا التنامي الحاد لنسب البطالة بين الشباب يستدعي تحركا حكوميا جادا نحو تسريع عملية الإصلاح الاقتصادي وعلى رأسها رؤية التحديث الاقتصادي. ويضاف إلى ذلك زيادة حجم النفقات الرأسمالية، والبدء في تدشين مشاريع وطنية كبرى كمشروع الناقل الوطني، ومشروع قطار خفيف بين محافظات المملكة، وغيرها من المشروعات التشغيلية شريطة أن يتم تمويلها بشكل وطني وشعبي بدلا من الاقتراض من خلال ايجاد أدوات تتيح تطبيق ذلك كسندات يمكن لجميع المواطنين اقتناؤها والاستثمار بها ما سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.


ويشار إلى أن معدل البطالة في الأردن قد بلغ خلال الربع الاول من العام الحالي 21.9 % بانخفاض  بمقدار 0.9 نقطة مئوية عن الربع الأول من عام 2022 وبانخفاض مقداره 1.0 نقطة مئوية عن الربع الرابع من العام الماضي، وفق بيانات دائرة الإحصاءات العامة.


من جهته، أكد الخبير الاقتصادي موسى الساكت أن نسب البطالة بين الشباب محليا قد وصلت إلى مستويات مقلقة للغاية، وأصبحت مشكلة كبرى عابرة للحكومات المتعاقبة على الرغم من انها كانت أولوية اقتصادية لدى كافة هذه الحكومات.


وبين الساكت أن البطالة الموجودة لدينا تعد هيكلية أي أن مخرجات التعليم لا تتناسب ومتطلبات سوق العمل، حيث إن هناك عزوفا واضحا عن التعليم المهني واكتساب الحرف إضافة إلى افتقاد الشباب الأردني بشكل كبير للمهارات والكفاءة اللازمة لكثير من الأعمال المتاحة في سوق العمل الأمر الذي ينتج عنه تزايد في معدلات البطالة في صفوف الشباب.


وأشار إلى أن الخريجين الجامعيين في الأردن يفتقدون كذلك للمهارات الحديثة التي يتطلبها سوق العمل سواء المحلي أو الخارجي كاللغة الإضافية والمهارات التكنولوجية الحديثة.


ولفت الساكت إلى أن البطالة أخطر الأمراض الاقتصادية والاجتماعية التي نواجهها في بلدنا، خاصة في ظل تزايد أعداد الخريجين والداخلين إلى سوق العمل والذي يقترب سنويا من حاجز 100 ألف نسمة والتي تضاف إلى قرابة نصف مليون عاطل عن العمل، موضحا انه في حال لم يتم توظيف نصف عدد هؤلاء الداخلين إلى سوق العمل حديثا سنويا سنجد انفسنا بعد سنوات أمام مليون عاطل عن العملة وهذه مشكلة وطنية كبرى تستدعي انتباه صناع السياسات.


وبهدف الحد من تنامي نسب البطالة ورفع قدرة الاقتصاد الوطني والقطاعات المختلفة داخله على خلق المزيد من فرص العمل دعا الساكت إلى أهمية تقديم الحوافز والتسهيلات للقطاع الخاص لا سيما القطاعات الإنتاجية، وتخفيض كلف الانتاج المترتبة عليه، إضافة إلى التوسع في التعليم المهني والتدريبي، وتهيئة البيئة الملائمة لاستقطاب الاستثمارات المحلية والخارجية.


إلى ذلك، أوضح مدير مركز الفينيق لدراسات الاقتصادية والاجتماعية احمد عوض أن زيادة نسب البطالة بشكل عام يعود إلى ضعف معدلات النمو الاقتصادي المتحققة، إضافة إلى السياسات الاقتصادية الضاغطة على معدلات النمو والتي تؤدي إلى إضعافها خاصة لسياسات الضريبية غير العادلة باعتراف الحكومات المتعاقبة، حيث أن ثلاثة أرباع الإيرادات الضريبية في الأردن تتأتى من الضريبة العامة على المبيعات والضريبة المقطوعة والرسوم الجمركية. وبالتالي النظام الضريبي غير عادل، ما يشكل ضغطا على قدرات المستهلكين، سواء كانوا المستهلكين أو مؤسسات أو افراد وبالتالي يضعف القدرات الشرائية. 


وقال عوض إن بلوغ معدلات البطالة بين الشباب الأردني مستويات غير مسبوقة تتراوح منذ سنوات بين 46-50 %، ينذر بمخاطر كبيرة ذات طابع حقوقي واقتصادي واجتماعي، حيث أن هذه المعدلات المرتفعة من البطالة تعني أن هناك نسبة كبيرة من الشباب محرومون من حق أساسي لهم وهو الحق في العمل والذي يعد المدخل لبناء الحياة والأسرة والاستقرار النفسي والاجتماعي لدى الفرد.


وبحسب عوض فإن معالجة مشكلة البطالة محليا بما فيها البطالة في صفوف الشباب تتطلب من الحكومة تغيير سياساتها الضريبية باتجاه أن تكون أكثر عدالة، وتخفيض الضريبة العامة على المبيعات والضرائب المقطوعة، وخاصة الضرائب المقطوعة على مشتقات النفطية باعتبار أن الطاقة المدخل الرئيسي للإنتاج إضافة إلى إعادة النظر بسياسات الأجور وزيادتها، علاوة على تطوير مستوى المهارات لدى الخريجين الجدد والارتقاء بمنظومة التعليم المحلية وتوفير برامج تعليمية وتأهيلية تتناسب مع حاجات سوق العمل.

 

اقرأ المزيد : 

في اليوم العالمي للعمال.. بطالة الشباب في الأردن: استراتيجيات معطلة ووعود مؤجلة