الاقتراض الخارجي

محمد عاكف الزعبي

يدور الان حديث حول نية الحكومة التوجه الى الاقتراض الخارجي عبر اصدار سندات يوروبوند طويلة الاجل وذلك لتمويل عجز الموازنة.اضافة اعلان
مزايا الاقتراض الخارجي في الوقت الراهن كثيرة، ابرزها: التخفيف من مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص على سيولة القطاع المصرفي، خصوصا في ظل التنافس المحموم بين البنوك على الودائع وتآكل المعروض النقدي.
ايضا، يغذي الاقتراض الخارجي المملكة بالاحتياطيات الاجنبية التي بدأت منذ اواخر العام الماضي تسلك اتجاها عاما هبوطيا. الامر الذي من شأنه ان يبدد اية مخاوف حول الاستقرار النقدي في المملكة ويخفف حركة الدولرة التي يشهدها السوق.
يضاف الى ذلك، ان تكلفة الاقتراض من الخارج اقل من تكلفة الاقتراض الداخلي. وفي ضوء توجه الفيدرالي الاميركي الى تضييق سياسته النقدية واجراء رفعتين اضافيتين على اسعار الفائدة هذا العام وتوجه البنك المركزي الاردني الواضح لتوسيع هامش الفائدة بين الدولار والدينار، يكون التوقيت الان مناسبا للاستفادة من فائدة الدولار المنخفضة.
عند الحديث عن مزايا الاقتراض الخارجي يجب ان لا ننسى ايضا ميزة اساسية هي امكانية اطالة معدل عمر الدين العام والتخفيف من تركز استحقاقات الدين الحكومي عبر الاقتراض الخارجي. هنا، اعتقد ان على الحكومة ان تبذل قصارى جهدها لاصدار سندات لثلاثين عاما، واعتقد ان تحقيق ذلك ممكن وبسعر معقول، هذا على الاقل ما يمكن استنتاجه من تجربة مصر التي استطاعت رغم ظروفها الاستثنائية الراهنة من الاقتراض من الاسواق العالمية لمدة ثلاثين سنة.
فوق هذا كله فان عبء سداد المديونية الخارجية والالتزام الذي تمثله المديونية الخارجية امام الدائنين، بالعملة الصعبة، يزيد من انضباط الحكومات والتزامها بتنفيذ برامجها الاصلاحية. هذه الميزة تنسحب ايضا على الدين الداخلي، لكن العبء الاكبر الذي تنطوي عليه الاستدانة من الخارج من سداد لاصل الدين وفوائده في العملة الاجنبية يجعل من المديونية الخارجية مصدرا اكبر للانضباط من نظيرتها الداخلية.
طبعا هنالك مساوئ للمديونية الخارجية. أبرز هذه المساوئ هي الأثر السلبي للاقتراض الخارجي على التصنيف الائتماني للمملكة وملاءتها المالية في نظر المستثمرين. لكن الاصلاحات المالية التي تعكف الحكومات على تنفيذها من شأنها ان تخفف من اثر الدين الخارجي على المكانة المالية للمملكة.
في ضوء ما سبق، اعتقد بانه يمكن الخلوص الى ان الدين الخارجي الان خيار جيد، خصوصا اذا ما اخذنا بعين الاعتبار مستوياته الراهنة عند حوالي 37 % من الناتج المحلي الاجمالي والتي تعد مقبولة وتسمح للحكومة بمزيد من الاقتراض.