"تراس" خليفة لجونسون.. متقلبة بمواقفها السياسية وتسير على خطى تاتشر

وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس
وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس
بريطانيا - بعد صيف ساخن من الحملات الانتخابية على زعامة حزب المحافظين في بريطانيا، تمكنت وزيرة الخارجية ليز تراس، أمس من حسم السباق على حساب وزير المالية السابق ريشي سوناك، لتصبح رابع رئيس للحكومة منذ الاستفتاء على "بريكست" وثالث سيدة تشغل هذا المنصب بعد تيريزا ماي، ومارغريت تاتشر، التي تحاول السير على خطاها. ويؤكد محللون أن تراس معروفة بتحين الفرص وتغيير مواقفها، لا سيما انتقالها من معارضة "بريكست" إلى تبني موقف متشدد، مع رئيس الوزراء المستقيل بوريس جونسون، ضد بروكسل في مفاوضات ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشأن التجارة وقضية أيرلندا الشمالية. ولدت تراس لأبوين من الطبقة الوسطى، يميلان إلى "حزب العمال" ويبغضان تاتشر، وتلقت تعليمها بمدرسة حكومية في ليدز، ورغم أنها واصلت مشوارها التعليمي، مثل سائر الأعضاء البارزين بحزب المحافظين، بدراسة العلوم السياسية والفلسفة والاقتصاد في جامعة أوكسفورد، إلا أنها كانت في السابق منخرطة في الحزب الليبيرالي الديمقراطي، ولم تنضم إلى المحافظين إلا في العام 1996. شغلت تراس ستة مناصب وزارية في ظل حكومات بوريس جونسون، وديفيد كاميرون وتيريزا ماي. في العام 2014 أصبحت وزيرة للبيئة، وفي 2016 وزيرة للعدل، وسكرتير أول للمالية في 2017، ثم وزيرة للتجارة الدولية في 2019، ومنذ 2020 حتى الآن شغلت منصب وزيرة المرأة والمساواة إلى جانب كونها وزيرة للخارجية منذ العام 2021. وبحسب محللين لم تكن تراس فريدة ولا محطّ أنظار "حزب المحافظين" وعامة الناس حتى وقت قريب نسبياً. فقد واجهت الكثير من النقد لمسيرتها المهنية ولأهم محطّات حياتها حتى هذه اللحظة، وهي البالغة من العمر 47 عاماً. إلا أنها منذ مراهقتها تطلعّت لتسلّق السلّم الوظيفي بإيقاع لا "تتناسب سرعته مع إيقاع وعيها السياسي والثقافي والاقتصادي". وبعدما قضت فترة وجيزة من العمل في المحاسبة، تمكنت تراس من الحصول على مقعد بالبرلمان في العام 2010، ليفتح أمامها الباب لتقلد المناصب الوزارية. ووفق المحللين وصل التحول والتقلب في المواقف مع تراس إلى ذروته على خلفية التصويت على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست". فبعدما شاركت في حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي ودعمت التصويت برفض الانسحاب، لم تجد حرجاً في تغيير مواقفها بعد التصويت لصالح الانسحاب، وأشهرت دعمها العلني لما قد يحمله "بريكست" من امتيازات اقتصادية لبريطانيا، فضلا عن دعمها حملة جونسون لتولي منصب رئيس الوزراء في العام 2019. وأكدوا أن التحول الآخر اللافت كان موقف تراس من تاتشر، أو المرأة الحديدية، فقد شاركت منذ صغرها في عدة تظاهرات ضد رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة، ولم تكن تخفي انتقاداتها للوزراء المحافظين. والآن تبدو تراس سائرة على خطى تاتشر، لا سيما بتبنيها سياسة خارجية متشددة وتعهدها برفع الميزانية العسكرية، وكذا تشبثها على طريقة تاتشر بخفض الضرائب. وسيظل أكبر ما يؤخذ على تراس هو مواقفها المتقلّبة في أمور أساسية في الحياة الخاصة والعامة. ويُجمع زملاء تراس القدامى في الحزب الديمقراطي الليبرالي على أن العمل معها أمر شاقّ، إذ يصعب فهم ما تؤمن به حقاً من أفكار وقيم وسياسات. أما أحد أعضاء البرلمان عن حزب المحافظين فصرّح ذات مرة بأنها شخص غريب ليست شخصاً جيداً ولا سيئاً، فقط هي شخص غريب جداً. وكان التبدّل الأول في مسيرتها هو قلب الطاولة على ما نشأت عليه في بيت عائلتها وانضمامها في العام 1996 إلى "حزب المحافظين"، ما أثار رعب والدها أستاذ الرياضيات في جامعة ليدز ووالدتها الممرضة والمعلمة والعضو البارز في حملة نزع السلاح النووي من جانب واحد خلال الحرب الباردة. ثم تمرّدت على كراهية والديها لتاتشر فجعلتها أيقونة يحتذى بها، ولم تخف إعجابها بـ"المرأة الحديدية" ساعية للمشي في دربها. ثم عارضت أكل اللحوم وانضمّت إلى النباتيين لكنها لم تصمد طويلاً. وفازت تراس بزعامة الحزب خلفا لبوريس جونسون، بعد انتهاء عملية اقتراع استمرت نحو شهرين. وفي أول تصريح لها عقب إعلان فوزها قالت إنها ستقدم برنامجا لخفض الضرائب، والتعامل مع أزمة الطاقة. وينتظر أن يتوجه رئيس الوزراء المنصرف جونسون والزعيمة الجديدة للحزب تروس إلى قلعة بالمورال في أسكتلندا اليوم الثلاثاء للقاء الملكة إليزابيث الثانية، حيث يقدم جونسون استقالته وتكلف الملكة تراس بتشكيل الحكومة. وفي وقت سابق كتبت تراس في صحيفة "صنداي تلغراف" أنها تدرك مدى صعوبة أزمة تكلفة المعيشة للبريطانيين، مضيفة أنها ستتخذ "إجراءات حاسمة لضمان تمكن الأسر والشركات من اجتياز هذا الشتاء والشتاء التالي". وأضافت "إذا تم انتخابي، فإنني أخطط خلال الأسبوع الأول من إدارتي الجديدة لتحديد إجراءاتنا الفورية بشأن فواتير الطاقة وإمدادات الطاقة". وإلى جانب الأزمة الآنية الخاصة بتكاليف المعيشة وأزمة الطاقة، سيتعين على رئيسة الوزراء الجديدة التعامل مع عدد متزايد من الإضرابات، وقوائم انتظار طويلة في خدمة الصحة العامة، فضلا عن حكم قضائي مرتقب الشهر المقبل بشأن محاولة أسكتلندا الاستقلال عن المملكة المتحدة.-(وكات)اضافة اعلان