عندما يقول أردوغان نعم، ماذا يقصد؟

إسرائيل هيوم

بقلم: ايال زيسر

اضافة اعلان

منذ أشهر تلمح تركيا لإسرائيل بانها معنية بتحسين العلاقات بين الدولتين والتي تشهد منذ أكثر من عقد أزمة عميقة. في الأسبوع الماضي رفع الاتراك مستوى السرعة عندما اتصل الرئيس التركي اردوغان برئيس الدولة اسحق هرتسوغ لتهنئته بمناسبة تسلمه مهام منصبه، وبحث معه في سبل إعادة العلاقات بين الدولتين الى مسارها. لا يمكن للمرء الا يتذكر اللقاء الذي عقده أردوغان مع الرئيس شمعون بيرس في مؤتمر دافوس في العام 2009، في موعد قريب من حملة الرصاص المصبوب. فقد فجر اردوغان اللقاء بعد أن اتهم بيرس بان إسرائيل تقتل الأطفال الفلسطينيين وبذلك أطلق الاشارة للتدهور في العلاقات بين الدولتين.
طريق طويل اجتازه أردوغان من اللقاء مع بيرس وحتى المكالمة مع هرتسوغ والتي في اثنائها اتفق الرئيسان على أن "علاقات إسرائيل وتركيا هي ذات أهمية كبيرة للامن والاستقرار في الشرق الأوسط، ويوجد احتمال عال للتعاون بين الدولتين في مجالات عديدة".
الدافع التركي واضح. فالسياسة الكيدية لأردوغان تجاه العالم كله اوصلته الى طريق مسدود. الاقتصاد التركي يراوح في المكان، التضخم المالي يرتفع الى السماء ومعه ديون تركية، بشكل يجعل من الصعب عليها تجنيد أموال جديدة. التدخل العسكري التركي في سورية وفي ليبيا اغرق أنقرة في مستنقع عميق، وكذا علاقاتها مع الولايات المتحدة توجد في درك اسفل غير مسبوق. بايدن، بخلاف ترامب، غير مستعد لان يغفر لأردوغان قمع المعارضة من الداخل و"يرى فيه طاغية". وتعبير عن التوتر بين انقرة وواشنطن توجد في قرار الكونغرس الأميركي الاعتراف بمذبحة الارمن.
يسعى اردوغان لتحسين علاقاته مع جيران تركيا كي لا يبقى في الخلف. وأول من حظيت بالمغازلة كانت مصر، غير أن الطريق الى المصالحة بين الدولتين لا تزال طويلة. يتبين أن اردوغان يرفض الاستجابة لمطالبات القاهرة التنكر للاخوان المسلمين، اعداء روح النظام المصري.
هذا درس مهم لإسرائيل في كل ما يتعلق بقيود العلاقة المتجددة مع تركيا. أردوغان عالق حتى الرأس في حركة حماس. وبالتالي لا يوجد سبب للافتراض في انه في كل مرة تنشب ازمة في غزة او مع السلطة، مرة اخرى لن "يقفز له الأردوغان" ومرة اخرى نسمع تصريحات مثل ذاك الذي اطلقه في اثناء حملة "حارس الاسوار" وجاء فيه ان الاسرائيليين "قتلوا أطفالا ابناء خمس او ست. امتصاص دم هؤلاء الأطفال وحده يرضيهم". بعد كل هذا، توجد أهمية للحوار مع تركيا وتوجد مصلحة في تقدم التعاون معها في مجالات الاقتصاد وربما ايضا في مجالات اخرى. الدولتان كفيلتان بان تربحا من ذلك، وهذا هو الأمر المهم بالنسبة لإسرائيل.
ينبغي التصرف مع اردوغان وفق نهج احترمه وشك فيه. الحوار والوصول الى اتفاقات، ولكن الاعتراف بقيود التعاون بين الدولتين، والا نكون متفاجئين كما يطلق أردوغان تصريحات سامة منددة باسرائيل، واساسا – لا يوجد ما يدعونا لان نهجر منظومة التحالفات والتعاون في مجالات الامن والاقتصاد التي اقامتها اسرائيل مع شركاء جدد في الحوض الشرقي من البحر المتوسط، واساسا اليونان وقبرص، دول البلقان الأخرى بل ومصر.