الانتخابات.. تضارب التصريحات

لم يتبق سوى 15 يومًا على موعد إجراء الانتخابات النيابية لمجلس النواب التاسع عشر، والتي ستجري في العاشر من شهر تشرين الثاني المقبل، وسط إجراءات غير مسبوقة متعلقة بجائحة فيروس كورونا المستجد، والتي صبغتها بنوع من اللامبالاة الشعبية، مرتبطة بالخوف من جهة بذلك الوباء، ومن جهة ثانية بعدم الاقتناع بأن المجلس النيابي سيكون من مخرجاته ما يعود بالنفع إيجابًا على المواطن والوطن، وبالتالي سيكون كسابقيه من المجالس التي جرت ويلات على الشعب الأردني. الغريب بأن القائمين على الهيئة المستقلة للانتخاب، هم أنفسهم من يعملون بطريقة أو أخرى، على خلق شعور سلبي لدى المواطن تجاه الانتخابات؛ فتارة يخرج الناطق الإعلامي باسم الهيئة، جهاد المومني، مصرحًا بكل ثقة وطمأنينة بأن «مستقلة الانتخاب» لا تملك صلاحيات تأجيل الانتخابات، بينما من حقها تغيير موعد يوم الاقتراع حتى 26 كانون الثاني المقبل، وتارة ثانية يُصرح بأنه سيتم تمديد الاقتراع ساعتين، بحجة السماح لقاطني العمارات المحجورة والمعزولة بالإدلاء بأصواتهم، ومعلوم بأن التمديد له آثار سلبية أكثر منه إيجابية. وتارة أخرى يخرج رئيس الهيئة، خالد الكلالدة، بتصريح أقرب ما يكون إلى الخيال، إذ يقول بأن الانتخابات سـ»تجري ولو بنسبة 2 بالمائة، وإن نسبة المشاركة غير مقلقة».. وللقارئ أن يتخيل كم سيكون عدد المشاركين في الانتخابات المقبلة، والذي يُقدر بنحو 4 ملايين و655 ألف ناخب وناخبة.. رغم أن ذلك صحيح، فانتخابات مجلس النواب تُجرى بمن حضر، ولا يشترط القانون نسبة معينة. كل ذلك يأتي وسط مخاوف من انخفاض نسبة المشاركة والاقتراع، حيث لم تزد هذه النسبة في الانتخابات البرلمانية العام 2016 عن 36 بالمائة، في مجمل مناطق المملكة، مع أنها لم تتجاوز الـ23 بالمائة في المدن الرئيسة ذات الكثافة السكانية (عمان وإربد والزرقاء). هل من المعقول أن تخرج مثل هذه التصريحات من قبل قائمين على هيئة، من مهامها الأساسية حث الناس على المشاركة في الانتخابات، فضلًا عن الإشراف على إجرائها، بكل نزاهة وشفافية، وأن لا يشوبها أي تجاوزات، وبالتالي إنجاحها قدر الإمكان؟!. حق طبيعي للمواطن، أن «يضرب أخماسا بأسداس»، عندما يسمع مثل هذه التصريحات المتناقضة من قبل القائمين على «مستقلة الانتخاب»، فقد أصبح المواطن في حيرة من أمره.. فمرة ستُجرى الانتخابات في موعدها المقرر، ومرة ثانية تأجيلها على الأقل لنحو 75 يومًا، وثالثة حول نسب المشاركة. من حق المواطن الحصول على توضيحات بشأن ذلك، من خلال خبراء متخصصين في القانون والفقة الدستوري، ليشرحوا بكل إسهاب ذلك، فالكثير من المواطنين كانوا على يقين بأن الدورة العادية لمجلس النواب يجب أن تلتئم في الأول من شهر تشرين الأول، ولجلالة الملك الحق في تأجيلها مدة شهرين. لكن ذلك يُناقض ما قاله الناطق الإعلامي لـ»مستقلة الانتخاب» من أن الهيئة تملك حق تأجيل الانتخابات حتى 26 كانون الثاني المقبل، الأمر الذي «يضع العقل في كفة»، ويؤشر على أكثر من علامة استفهام وتعجب واستغرب؟!. الأمر بحاجة إلى توضيح، من قبل مختصين، وخصوصًا بأن تصريحات لمسؤولين في اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة تُشير إلى أن المنحنى الوبائي آخذ في الارتفاع، وأن الفترة الممتدة من الآن وحتى منتصف الشهر المقبل، ستشهد ذروة الارتفاع بإصابات «كورونا»، ومعلوم بأن هذه الفترة تشهد حراكًا انتخابيًا. وليس ذلك فقط، فالأمر أيضًا بحاجة إلى جزم بموضوع إجراء الانتخابات أو تأجيلها، فالمترشحون والمترشحات يعانون الأمرّين، جراء إجراءات السلامة والوقاية، من حظر شامل ليوم واحد، وقبل ذلك ليومين في الأسبوع الواحد، والالتزام بعدد العشرين شخصًا في كل لقاء وبالتباعد الجسدي، ما يعني أن الدعاية الانتخابية والتواصل مع الناخبين يتطلب أيامًا أكثر من أي انتخابات سابقة.اضافة اعلان