"مشاريع التزويد" و"إدارة الطلب".. سبيلنا لمواجهة خطر الإجهاد المائي

مياه تتدفق من بئر جوفية في إحدى المحافظات-(أرشيفية)
مياه تتدفق من بئر جوفية في إحدى المحافظات-(أرشيفية)

تحتّم مؤشرات ارتفاع حدّة الإجهاد المائي في الأردن، المصنّف ثاني أفقر دولة مائيا على مستوى العالم، اتخاذ إجراءات، حثّ مختصون وخبراء في قطاع المياه على ضرورة تبنيها وبشكل سريع؛ وقبل اختلال منظومة الأمن المائي والغذائي والصحي على حد سواء.

اضافة اعلان


وفي خصوصية الوضع المائي الأردني، أكد مختصون، في تصريحات لـ"الغد"، أولوية التخطيط والتحضير خلال الوقت الراهن، لمشاريع من شأنها تعزيز التزويد المائي جنبا إلى جنب المضي بمشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الاحمر في العقبة.


وأشاروا لضرورة الأخذ بالاعتبار أن "كميات المياه المعتزم تحليتها في العقبة، لا تعالج الضخ المتقطع واستنزاف المياه الجوفية، إذ إن كمية المياه المتوقع تحليتها في العقبة والبالغة 300 مليون متر مكعب سنويا أقل بكثير من الكمية المطلوبة لحل القضيتين".


وفيما حذر تقرير علمي صدر مؤخرا عن "ميدل إيست آي"، وحصلت "الغد" على نسخة منه، من مخاطر مؤشرات ارتفاع حدة الإجهاد المائي على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن ضمنها الأردن، بحلول العام 2050، حيث ستشهد المنطقة "بعضا من أعلى مستويات الإجهاد المائي في العالم"، أوصى الأمين العام الأسبق لسلطة المياه إياد الدحيات ضرورة اعتماد الحكومة، ممثلة بوزارة المياه والري، على مجموعة كبيرة من تدخلات ومشاريع تتمحور حول زيادة التزويد المائي وإدارة الطلب على المياه في كافة القطاعات المنزلية والزراعية والصناعية.


وقال الدحيات إن تلك التدخلات تهدف لتحقيق الاستقرار في ملف الأمن المائي الأردني، وتقليل حدة الإجهاد المائي، مشيرا لأن مشروع تحلية مياه البحر الاحمر هو "أهم مشاريع التزويد المائي التي ستحقق الاستقرار على المدى المتوسط"، منوها في الوقت نفسه لضرورة المضي بمشاريع تزويد مائي من شأنها "جسر الفجوة الزمنية على المدى القصير وتلبية الاحتياجات ولحين وصول مياه التحلية لمحافظات المملكة".


وأوضح أن من أهم تلك المشاريع؛ زيادة الضخ من مشروع الديسي، تنفيذ مشروع تحلية ابار حسبان، وتنفيذ وتوسعة محطات تنقية المياه على كافة السدود ومنها سدود الوالة والموجب وكفرنجة، وكذلك تنفيذ مشاريع التعاون الإقليمي كما وردت في استراتيجية قطاع المياه 2023 – 2040.


أما إدارة الطلب على المياه، فأشار الأمين العام الأسبق لـ "المياه"، لأهمية استمرارية تخفيض فاقد المياه والتعديات، بالاضافة لتطوير وتعزيز الخطاب الاعلامي وحملات التوعية حول مشاكل قطاع المياه بشكل دوري شفاف.


وعن القطاع الزراعي بهذا الخصوص، "يجب التوسع في استخدام المياه المعالجة بالمناطق الزراعية في وادي الاردن التي ما تزالت تستخدم المياه العذبة في الزراعة وهي مناطق شمال وادي الأردن، اضافة لتشجيع المزارعين في المناطق المرتفعة على استخدام أساليب الري الموفرة للمياه والطاقة في المزارع التي ما تزال تعتمد على المياه الجوفية".


وفي القطاع الصناعي، حثّ الدحيات على أهمية تنفيذ مشاريع إعادة استخدام وتدوير المياه في المجمعات الصناعية، مشيرا لدورها في تقليل اعتمادها على المياه الجوفية وتقليل كلف الإنتاج بشكل يزيد من تنافسيتها.


وقال التقرير إن العالم "يواجه أزمة مياه لا مثيل لها"، مضيفا أن الأردن، والإمارات، والسعودية؛ ومصر؛ واليمن؛ وإيران؛ وتونس؛ والعراق؛ والهند؛ وسورية؛ والمغرب؛ وإريتريا؛ والجزائر، من بين الدول الـ30 الأولى التي تعاني من ارتفاع مستوى الإجهاد المائي، وفق معهد الموارد العالمية.


ومن ناحيتها، دعت الخبيرة الدولية في دبلوماسية المياه ميسون الزعبي لأهمية الشروع في دراسة الخطط العملية والإجراءات والتدابير على المديين القصير والبعيد، والتي من أهمها تقليل نسبة الفاقد المائي بحزم، لتصل إلى المعدل العالمي، وصولا لتوفير كميات ضخمة تعالج نقص مياه الشرب بشكل خاص.


وأشارت الزعبي لعدم تحقيق نتائج ذات قيمة في هذا المجال، وذلك رغم تواصل الحديث عنها لعقود من الزمن، وهو ما يستدعي "حلا جذريا لمشكلة الفاقد المائي بشقيه، إذ إننا سنفقد نصف مياه التحلية إن استمر الفاقد كما هو عليه الآن".


ونادت بأهمية توسيع وتعزيز خطط الحصاد المائية التي قد تساهم برفع المخزون إلى ما يتجاوز 400 مليون متر مكعب سنويا؛ لاسيما وأن مشاريع الحصاد غير مكلفة ماليا، وتتوزع على مساحات واسعة في المملكة.


وذلك إلى جانب ضرورة تنظيم استغلال المياه الجوفية، بما يسمح لها بالتجدد، وهو ما يتطلب التحكم في الاستغلال العابث وغير القانوني للمياه، توازيا والمطالبة الجادة والمستندة للقوانين والأعراف الدولية، بالحقوق المائية للأردن مع الأطراف الشريكة، وصولا لتعزيز حصيلته المائية.


وبخصوص مشروع تحلية البحر الأحمر، فأكدت الزعبي دوره في المساهمة بتنفيذ خطط الوزارة الاستراتيجية المتعلقة بتحسين واقع المياه الجوفية، ومشكلات الضخ الجائر من الآبار الجوفية، لاستعادة قدرتها على التخزين المائي عبر السنوات القادمة، وتخفيض فاقد المياه بشقيه الفيزيائي والتجاري، وعبر رفع كفاءة الشبكات وتحسين التزويد المائي.


ولفتت لأنه رغم استراتيجية اتخاذ القرار بإنشاء مشاريع التحلية لتلبية حاجات منطقة الاردن من المياه، إلا أن التحلية وحدها ليست كافية لمواجهه مخاطر زيادة حدة الاجهاد المائي في الاردن".


وتابعت "نحن ايضا بحاجة لمشاريع اخرى يجب التخطيط والتحضير لها من الآن، وأن كميات المياه المعتزم تحليتها في العقبة، لا تعالج الضخ المتقطع واستنزاف المياه الجوفية إذ إن كمية المياه المتوقع تحليتها في العقبة والبالغة 300 مليون م3 سنويا أقل بكثير من الكمية المطلوبة لحل القضيتين".


وبينت "إذا لم تضع الوزارة الخطط والموازنات المائية الضرورية لحل هذه القضايا، فإن الآمال المعقودة على التحلية لن تؤدي إلى تزويد مريح وآمن للمياه بعد الانتهاء من تنفيذ المشروع".


وفي حين أكد الخبير الدولي في قطاع المياه محمد ارشيد مساع وإجراءات كبيرة تقوم بها وزارة المياه والري للحد من الإجهاد المائي وعلى كافة المسارات، إلا أنه استعرض تساؤلات ترتبط بإمكانية المضي بتلك الإجراءات.


وتساءل حول "مدى قدرة البنية التحتية التي ستصبح غير صالحة خاصة وأن الخطة الرئيسية تشير لتضرر معظم حقول الآبار وحول تكاليفها، وهل تم الاخذ بالاعتبار ماهية انخفاض مستوى المياه في الآبار التي ستتطلب طاقة أكثر بنحو 40 %، وهل تم الاستعداد لتدهور جودة المياه الجوفية بسبب حركة المياه من الجزء الشرقي باتجاه المناطق الغربية واحتوائها على المعادن الثقيلة؟"


وتابع "ما مستقبل الزراعة في المناطق المرتفعة المعتمدة على الابار الجوفية خاصة وأن الدراسات تتوقع تدني انتاجيتها وجفاف بعضها، وكيف سيكون تأثير العجز المائي على الأمنين المائي والغذائي، وماذا نحن فاعلون بمياهنا المشتركة التي بحاجه لتطوير وتحديث لمواكبة التغيرات المناخية وانخفاض الكميات وضمان حصولنا على حقوقنا المائية والمحافظة على استدامة الاحواض المشتركة".


وفي حين تساءل الخبير الدولي عن خطط الطوارئ الملائمة للتغيرات المستقبلية، دعا لضرورة التركيز على الاجراءات الوقائية والمتمثلة في زيادة وعي الاردنيين بمحدودية مصادر المياه، والإسراع بتنفيذ مشروع الناقل الوطني ومشاريع التحلية الاخرى، وإنفاذ القوانين والتشريعات المتعلقة بالاعتداءات على مصادر المياه وخاصه حفر الآبار المخالفة في ظل وجود مئات الآبار المخالفة العاملة والمخفية وغير المسجلة في وزارة المياه.


وذلك إلى جانب إيجاد افكار ومشاريع ابتكارية لإعاده شحن وتغذية الاحواض المائية المستنزفة، ومزيد من التعاون والتنسيق مع دول الجوار التي لديها احواض مشتركه مع الاردن والتي تقارب 40 % للحفاظ على المياه واستدامتها، ووضع خطط عمل عملية واقعية، وتطوير مصادر جديدن، كالآبار العميقة، مع الاشارة لوجود حقول واعدة.


كما أوصى بأهمية الاستمرار في مشاريع فاقد المياه وتأهيل الشبكات، وزيادة شبكات الصرف الصحي التي تساهم في الاستفادة من المياه العادمة لاغراض الري، التركيز على مشاريع معالجة المياه العادمة، وتطوير واستغلال الينابيع، ومزيد من الاهتمام بمشاريع الحصاد المائي، وإعادة النظر في الخطة الرأسمالية وتحديد التكاليف اللازمة لتنفيذ خطط العمل المستقبلية والتي من المفترض تضمينها في الخطة الاستراتيجية، ووضع خطط وبرامج لاستمرارية تزويد المشاريع الزراعية بالمياه.

 

اقرأ المزيد : 

تقرير: شح المياه يهدد 25 دولة بينها 15 دولة عربية