العراق: جبهة سنيّة جديدة للإطاحة بالحلبوسي

بغداد- أنتج حراك داخلي استمر لأسابيع في أوساط الكتل والأحزاب السُنّية، جبهة جديدة تمثل كتلة سياسية تضم 35 نائبا وشخصية سُنيّة باسم "الجبهة العراقية" الهدف الحقيقي منها الإطاحة برئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي. واختير رئيس جبهة الإنقاذ والتنمية أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب السابق لقيادة الجبهة العراقية، بينما تم التوافق على أن يكون النائب أحمد الجبوري (أبو مازن) رئيسا للكتلة في مجلس النواب. ونقلت وسائل إعلام محلية أن الجبهة الجديدة تهدف إلى دراسة تطورات المرحلة الراهنة وحل المشاكل التي تعاني منها "المحافظات المحررة والإجراءات التعسفية التي تعصف بها وما يعانيه مواطنوها من إنكار للحقوق وجرائم الإخفاء القسري والسجناء والمعتقلين"، بحسب بيان للكتلة. ويُعتقد أن تشكيل الجبهة العراقية جاء لوضع حد لتفرد رئيس مجلس النواب بالقرارات دون الرجوع إلى شركائه في تحالف اتحاد القوى العراقية الذي يرأسه منذ أيار/مايو 2019. وبعد الغاء عضويته في تحالف المحور الوطني الذي دخل انتخابات 2018 ممثِّلا لتحالفي المحور الوطني برئاسة خميس الخنجر والقرار العراقي برئاسة أسامة النجيفي قبل أن يعيد تشكيله باسم جبهة الإنقاذ والتنمية. وكان "تحالف المحور الوطني" قبل انشطاره إلى قسمين يعتبر التحالف السُنّي الأكبر في البرلمان بعدد 50 نائبا من أصل 329 نائبا يتشكل منهم مجلس النواب". ويمثل العرب السُنّة 71 نائبا منذ انتخابات 2018 بعدما كان عددهم 90 نائبا في الدورة التشريعية السابقة (2014 إلى 2018). ومن المقرر أن تُجرى انتخابات مبكرة في 6 يونيو 2021 وفق الجدول الزمني الذي حدده رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وهو موعد انتهاء الفترة الانتقالية المحددة له بعد أن اختير في أيار/مايو الماضي خلفا لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي إثر احتجاجات شعبية. وتشكلت "الجبهة العراقية" بحضور النائب الجبوري عن حزب الجماهير الوطنية، والنائب رشيد العزاوي عن الحزب الإسلامي العراقي، والنائبين فارس الفارس وطلال الزوبعي عن المشروع العربي، ومحمد إقبال عن الكتلة العراقية المستقلة، وأسامة عبد العزيز النجيفي عن جبهة الإنقاذ والتنمية وكانت الموافقة على مقررات اجتماع قيادة الجبهة العراقية بالإجماع. ووفقا لمصادر تحدثت لوسائل إعلام محلية، فإن قيادة المشروع العربي الذي يرأسه خميس الخنجر اعترضت على إعلان الجبهة العراقية لأنه لم يكن طرفا فيها. وطالب المشروع بإلغائها وسحب البيان، لكن بيانا لمكتب أسامة النجيفي ذكر إن من حق حزب المشروع العربي أن يعلن رأيه أو قناعته، ولكنه مطالب بإعادة النظر بالسبب الذي أورده، ذلك إن جميع القيادات المؤسسة للجبهة العراقية كانت حاضرة". وتابع البيان "حزب المشروع العربي كان ممثلا بشخصيتين هما فارس الفارس، وطلال الزوبعي، وقد اطلعا على البيان مع جميع القيادات، ووافقا على مقررات الاجتماع". ومعروف عن المشروع العربي الذي يرأسه خميس الخنجر الذي يقود كتلة المحور الوطني تحالفه مع كتلة الفتح بقيادة هادي العامري الحليف الأوثق لإيران، وهي كتلة على خلاف حاد مع جبهة الإنقاذ والتنمية التي يقودها أسامة النجيفي وكتلة تحالف القوى العراقية التي يقودها الحلبوسي. وتساهم الانقسامات بين القوى والأحزاب والكتل السُنّية بشكل كبير في إضعاف قوة ونفوذ المكون السني في صراعه على السلطة والموارد مع المكون الشيعي الذي يهيمن على الجزء الأكبر منهما ويفرض سيطرته شبه المطلقة على القوات الأمنية عموما. ووفقا لتقارير صحفية، فإن مصادر تحدثت عن أن الهدف من تشكيل الجبهة الجديدة هو إقالة رئيس مجلس النواب محمد الذي بات يهدد وحدة وتماسك المكون السني بصفته يشغل أعلى منصب. ونقل عن المصادر قولها أن الحلبوسي لم يكن له دور فعال في الدفاع عن حقوق السُنّة وتبني مواقف واضحة مما يتعرضون له، خاصة بعد حادثة مقتل عدد من العرب السُنّة في منطقة الفرحاتية في محافظة صلاح الدين في 17 أكتوبر/ تشرين الأول. ويقود التحرك ضد الحلبوسي، حسب إعلام محلي، النائب الجبوري الذي شغل منصب محافظ صلاح الدين والمدرج مع رئيس تحالف المحافظات المحررة خميس الخنجر على قائمة العقوبات الأمريكية منذ 18 يوليو 2019 بتهم تتعلق بالتعاون مع القوى المسلحة الحليفة لإيران بالعراق. ويتشكل ائتلاف المحافظات المحررة الذي يقوده خميس الخنجر من 20 نائبا انشقوا عن التحالف الذي كان يقوده الحلبوسي. وتقلص عدد نواب اتحاد القوى العراقية برئاسة الحلبوسي من 59 نائبا إلى 43 نائبا بعد انشقاق كتلة حزب الجماهير برئاسة النائب الجبوري. وتتطلب إقالة رئيس مجلس النواب جمع تواقيع 110 نائبا، وتقديمها إلى رئاسة المجلس لعقد جلسة للتصويت على إقالته بموافقة 166 نائبا من الحاضرين في الجلسة. ويستبعد النائب زياد الجنابي، عضو اتحاد القوى العراقية إقالة رئيس مجلس النواب قبل انتهاء الدورة الحالية للمجلس. ولا تزال الكتل السياسية السُنّية تفتقر إلى رؤية واضحة لحل الأزمات المتراكمة في المحافظات التي يمثلونها، وهي أزمات تعيشها منذ غزو العراق عام تعمقت بشكل أكبر بعد الحرب على تنظيم داعش (2014 إلى 2017) كما إن عموم المكون السني يعيش صراعا على تصدر المشهد السياسي وقيادة المكون مع واقع الهوة التي تتسع يوما بعد آخر بين القيادات السياسية السُنّية والقاعدة الجماهيرية التي يمثلونها بصفتهم نوابا منتخبون. ويواجه الحلبوسي تحديات كبيرة في سعيه للتفرد بصدارة المشهد السياسي للعرب السُنّة خاصة في محافظة الأنبار التي سجل فيها نجاحات غير مسبوقة في إعادة إعمارها بعد الدمار الذي لحق بها جراء الحرب على تنظيم داعش. ووفق مبدأ التوافق بين الكتل السياسية، يكون اختيار رئيس الوزراء من المكون الشيعي ورئيس الجمهورية من المكون الكردي في حين يختار رئيس مجلس النواب من المكون العربي السني. وقد لا يكون تشكيل التكتل السني الجديد على صلة بالمطالبة بإقليم سُنّي حيث تحظى الكتلة التي يقودها الحلبوسي بالحضور الأوسع في محافظة الأنبار والتي لا يمكن تشكيل إقليم سني بغياب هذه المحافظة. ولا تبدو الجبهة العراقية الجديدة منسجمة في داخلها سواء في رؤيتها لأوضاع المحافظات السُنّية أو ارتباطاتها الإقليمية أو علاقاتها مع الكتل السياسية الكردية والشيعية. في كل الأحوال فإن عدم الانسجام بين قياداتها الرئيسية، وهشاشة الأسس التي قامت عليها، فإن الجبهة العراقية تحمل في طياتها بذور انفراطها وعدم قدرتها على الصمود والحفاظ على تماسكها للمشاركة في الانتخابات المقبلة في يونيو/حزيران المقبل، أو تحقيق هدفها الحقيقي بإقالة الحلبوسي الذي يبدو في صدارة المشهد السُنّي ويحظى بقبول جماهيري واسع في محافظة الأنبار، وفي محافظات سُنّية أخرى بدرجة أقل مقارنة بنظرائه من القيادات السُنيّة في المحافظات الأخرى.-(الأناضول)اضافة اعلان