الأمن العام.. إرساء قواعد الاستقرار لتوفير النماء والرخاء

1684849286770772800
جانب من أحد التدريبات لمرتبات الأمن العام - (من المصدر)
عمان - الغد - في الخامس والعشرين من أيار (مايو) من كل عام، يحتفل الأردنيون بمناسبة عزيزة على قلوبهم (عيد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية)، والتي تبعث فينا أجمل مشاعر الكبرياء والاعتزاز، بما أنجزه لنا البناة الأوائل من آل هاشم الأطهار، الذين صنعوا من الاستقلال مشروع حياة لهذا الشعب الوفي الذي حفلت مراحل جهاده بالتضحيات والإنجازات العظيمة، وتبلورت بقوة عزيمتهم التي لا تعرف المستحيل، ليبقى الأردن موطن عزِّ وإباء، شامخاً دوماً بعطائهِ ومنجزاته.اضافة اعلان
تستوجب عظمة هذه الذكرى علينا، وقفة تأمل في تاريخ الأردن الغني بالأمجاد والمحطات المشرِّفة، ومسيرته المحتشدة بالذَّود عن قضايا الأمة، والتي تعتبر برهاناً على قوة وإرادة الأردنيين في التغلب على التحديات وتجاوز المحن. 
ليس يوم الاستقلال كباقي الأيام، وتاريخه ليس كأي تاريخ، فهو تاريخ صنعه الرجال العظماء الذين ذلَّلوا الصعاب، لخدمة الوطن والثوابت والمبادئ التي أُسِّس عليه هذا الحمى الهاشمي الأشم.
وعلى مدار سنوات، حظي جهاز الأمن العام، برعاية جلالة قائدنا الأعلى جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، إيماناً من جلالته بدور هذا الجهاز في إرساء قواعد الاستقرار لتوفير أسباب النماء والرخاء، ونجاح الخطط التنموية المتعاقبة التي تستهدف رفعة الوطن ورفاه المواطن، حتى غدا الأمن العام، حاضنة من حواضن القيم، وجسرا للعدالة والرفاه والاستقرار، وأصبح بفضل التوجيهات السامية، أكثر تطوراً وانجازاً في تعزيز سيادة القانون، وتلبية احتياجات المواطنين. 
مضى الأمن العام بخطى ثابتة واثقة، ليكون جهازاً حضارياً شمولياً، قادراً على أداء واجباته بكفاءة واقتدار وتميز، وأهلاً للوفاء بالآمال المعقودة على كاهله في توفير الحياة الآمنة الكريمة، لكل من تطأ قدماه ثرى هذا الوطن الطهور، ووضع أسسا متينة للبنى التحتية لوحداته المتنوعة، ملبياً جميع المستجدات التي تشهدها الساحة الأمنية، باعتماد منهجية حضارية عالية، متقدمة في التعامل مع المواطنين وتحسس قضاياهم، ومساعدتهم وحل مشكلاتهم.
وتستمر المديرية في تطوير آليات عملها، لتصبح أكثر تقدما ولتواكب مستجدات العصر، ومتطلبات العمل الأمني والإنساني الحديث، ولتمتلك القدرة على ترجمة رؤى سيد البلاد، لترسيخ مفهوم الأمن الشامل الذي يرتكز على محاور أمنية وإنسانية ومجتمعية، لتعزز سيادة القانون وتحفظ هيبة الدولة، وتحقق المصلحة الوطنية العليا، بالحفاظ على أمن الأردن واستقراره.
وتحقيقا لذلك، دأبت المديرية على تنفيذ فلسفة أمنية شاملة، وتجويد خدمتها للمواطنين، ضمن خطط تجاوزت العمل الأمني التقليدي، لتسهم بتحقيق مصالح الدولة وخدمة المواطن وكل مقيم على هذا الثرى الطهور، بتنسيق عالي المستوى، وتكامل وتناغم في تنفيذ الواجبات، يظهر جلياً في العمل بروح الفريق الواحد المنظم، للحفاظ على أمن المجتمع وسلامته.
شكلت مديرية العمليات والسيطرة في الأمن العام، صرحاً يعكس الارتقاء والحداثة التي شهدها الأردن في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، والذي جاء إنشاؤها بتوجيهات ملكية، لتضم منظومة متكاملة من الأنظمة المساندة، ولتستجيب لآلاف الاتصالات يوميا، وتتعامل مع مئات الآلاف من الواجبات الأمنية والإنسانية، تلبية لاحتياجات المواطنين، بالإضافة إلى غرف عمليات فرعية مشتركة، تدار بيد كوادر مؤهلين ومدرّبين على التعامل مع البلاغات الواردة كافة، مهما ازداد تعقيدها.
أما الدفاع المدني، فما يزال يسطر أروع الأمثلة في تنفيذ المهام الإنسانية التي ستبقى راسخة في الأذهان، فهم الأكفأ والأمهر في التعامل مع الأحداث الكبيرة من إسعاف وإنقاذ وإطفاء، والتعامل مع الواجبات المختلفة والنوعية منها، عبر كوادر بشرية مؤهلة ومدربة وآليات ومعدات متطورة وحديثة، مكنتها من الاستجابة للحوادث. 
وكانت قوات الدرك على مدى سنوات، الدرع الآمن الحصين للحفاظ على أمن الوطن، ومنع كل ما من شأنه تعكير صفو المجتمع، فنفذت مئات الآلاف من الواجبات الأمنية والإنسانية التي أسهمت بتعزيز الأمن المجتمعي.
وكانت قيادات الأقاليم وقيادة شرطة البادية الملكية ووحداتها، حاضرة دائما، ولم تتوانَ عن القيام بواجباتها اليومية، ونفذت حملات أمنية عالجت سلوكيات وممارسات خاطئة، وكثّفت من عملها في ملاحقة مرتكبي الجريمة والمطلوبين، وها نحن نراهم يلبون نداءات المواطن على اختلاف أشكالها، ويقفون جنباً إلى جنب وإخوتهم المواطنين، دون أن يبخلوا عليهم، حتى بدمائهم التي يرفدون بها بنوك الدم على امتداد وطننا الحبيب.
أما إدارات البحث الجنائي والأمن الوقائي، فقد حققت إنجازات غير مسبوقة في الكشف عن الجرائم والوقاية منها بكل كفاءة واقتدار، مما أسهم ببث الأمن ونشر الطمأنينة في المجتمع.
وتنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية، بمواصلة الجهود الحثيثة لمكافحة المخدرات، وحماية المجتمع من هذه الآفة، حرصت إدارة مكافحة المخدرات على تعزيز الجهود العملياتية والتوعوية، للتصدي لتجار الموت وملاحقتهم وضبطهم في مختلف مواقعهم، وضبط المواد المخدرة بشتى أنواعها، بالإضافة لتنفيذ برامج توعوية هادفة لخلق بيئة رافضة لهذه السموم، لا سيّما فئة الشباب، كونها أكثر الفئات عرضة لها. 
أما مشكلة حوادث السير، فكانت من أبرز محاور رسالة التكليف السامي إلى مدير الأمن العام، للعمل على توفير السلامة المرورية على الطرقات، والحد من حوادث السير، إذ حرصت مديرية الأمن العام عبر إستراتيجيتها المرورية على تفعيل نظام النقاط المرورية، لتحسين الواقع المروري، وتوفير أعلى درجات السلامة على الطرقات، والحد من حوادث السير ورفع وعي السائقين، إذ نفذت مبادرات توعوية عبر الإدارات المختصة، كالدوريات الخارجية والسير والمعهد المروري، سعيا منها لمواكبة التطور التقني في تنفيذ واجباتها ومهامها، بما يخدم تنفيذ الخطط والحد من حوادث السير وتوفير بيئة آمنة على الطرق.
كما استمرت إدارة ترخيص السواقين والمركبات، باتخاذ إجراءات، تضمن كفاءة السائقين وصلاحية المركبات للتعامل مع الطريق، وطورت منظومة خدماتها للمواطنين عبر محطات الترخيص المتنقلة، والترخيص من مركبتك، وأتمتة خدماتها والانتهاء كليا من المعاملات الورقية في أقسامها كافة، لتشكل بذلك نموذجاً ريادياً على مستوى تقديم الخدمات للمواطن.
ولم تألُ إدارات الأمن العام النوعية جهداً في التوسع بخدماتها المبتكرة، الرامية لتلبية احتياجات المجتمع بصورة الكترونية متطورة، فحققت إداراتها: حماية الأسرة والأحداث والملكية لحماية البيئة والتنفيذ القضائي والمختبرات والأدلة الجرمية والشرطة السياحية، نقلات نوعية في مجال تطوير خدماتها.
كما مضت إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل بتطوير منظومة العملية الإصلاحية، بتنفيذ برامجها لرفع سوية خدماتها للنزلاء، والانتقال من مفهوم العقاب إلى مفهوم الإصلاح والتأهيل، وفق خطط عصرية وبرامج إرشادية، تعزز قدرات النزلاء وتمكنهم من الانخراط كعناصر فاعلة في المجتمع، لا سيما في مجال التأهيل الحرفي.
أما المتقاعدون العسكريون الذين يحظون بدعم ورعاية جلالة الملك عبدالله الثاني، فقد استمرت المديرية بإيلائهم جل الاهتمام عن طريق تجسيد التواصل معهم، وتقديم الخدمات لهم والاستفادة من خبراتهم عند الحاجة.
وفي مجال التدريب، واصلت مديرية الأمن العام تنفيذ خططها التدريبية عبر المعاهد المتخصصة والرائدة في إعداد وتطوير العنصر البشري، وصقل مهاراتهم لتوجيه طاقاتهم لما فيه خدمة الوطن والمواطن، ضمن منظومة تدريبية تقدم التدريب الشمولي والمتخصص في مختلف جوانب العلوم الأمنية الشرطية والإنسانية.
أما في الجانب الإعلامي، فقد كانت مديرية الإعلام والشرطة المجتمعية حاضرة مع تلك الجهود، وحرصت على نقل الحدث بصورته الحقيقية، وتنفيذ سلسلة محاور إعلامية وتوعوية، تزامنت مع الخطط الأمنية والمجتمعية، ونفذت عدة مبادرات، ضمن شراكة حقيقية راسخة مع المواطنين وسائر مؤسسات المجتمع في مجالات العمل الإنساني والمجتمعي، وبثت آلاف الرسائل الإعلامية المقروءة والمصوّرة على صفحاتها الرسمية، التي تحولت إلى فضاء تفاعلي لاستقبال المعلومات، وتقديم الاقتراحات والآراء، بالإضافة لاستمرار إذاعة الأمن العام برسم مفهوم التفاعل والشراكة بين الأمن العام والمواطن.
ويستمر جهاز الأمن العام بتكريس رسالته الإنسانية في شتى بقاع الأرض، ويتوج أداءه بمشاركة واسعة في مختلف مهام الأمم المتحدة لحفظ السلام، عن طريق سرايا الشرطة الخاصة الأردنية، وعبر مراقبين دوليين أثبتوا أنهم خير من يمثل وطنهم في الخارج.
ولأن لا شيء أغلى من الوطن، الذي يفتدى بالمهج والأرواح، مضى جهاز الأمن العام يقدم الشهيد تلو الآخر، شهداء صافحوا بعضهم، وسلموا الراية تلو الأخرى، في مركب يواصل الإبحار لسد السبل كافة على كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن هذا الوطن.
كبيرة هي المهام والواجبات والتحديات، ولكنّها تصغر أمام إرادة وعزم البواسل الذين ما هانوا ولا استكانوا، في بذل الغالي والنفيس في سبيل رفعة الوطن وحمل الرسالة الإنسانية، ليبقى هذا الوطن قلعة هاشمية شامخة عصية على كل التحديات، يزهو بهمة قائدنا الأعلى جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، وبهمة أبنائه من منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الباسلة الذين كانوا وما يزالون وسيبقون دوما، محط ثقة القائد ومحبته، ولا تفتر لهم همة ولا يثنى لهم ساعد، وهم يؤدون واجباتهم ومهامهم بحرفية ومهارة وكفاءة واقتدار.