الزراعة بوادي الأردن.. نقص بالعمالة.. والأجور تستنزف %50 من كلف الإنتاج

عمال يقومون بعمليات تجهيز وزراعة الأرض في وادي الأردن-(الغد)
عمال يقومون بعمليات تجهيز وزراعة الأرض في وادي الأردن-(الغد)

وادي الأردن – يرى مزارعون ومعنيون بالقطاع الزراعي في وادي الأردن، أن حجم النقص بالعمالة الزراعية وصل هذا الموسم إلى معدلات غير مسبوقة، مقدرين أن ما يتوفر من هذه العمالة لا يتجاوز 25 % من حاجة القطاع الفعلية.  

اضافة اعلان


ووفق ما أكدوا لـ "الغد"، فإن هذا النقص المزمن، يفتح الطريق أكثر أمام ما يعرف بـ"العمالة الحرة"، والتي من المعروف أنها تستغل الوضع برفع أجورها لمستويات تشكل أحيانا أكثر من 50 % من عوائد الإنتاج، وهي نسبة عالية جدا، ويصبح معها العمل الزراعي غير مجد، اذ يفترض بأن لا تتجاوز نسبة أجور الأيدي العمالة عن 30 % - 35 %، من عوائد الانتاج كي تنجح العملية الزراعية التي تتطلب مستلزمات ذات كلف عالية.  


ويضيف مزارعون أن العمالة الحرة باتت ترفض العمل على نظام الساعة أو اليومية المتبع منذ بدايات الزراعة في وادي الأردن، وأصبحت تفرض على المزارع نظام (المقاولة) الذي يمنحها القدرة على التحكم بالأجور ورفعها كيفما شاءت.


يقول المزارع نعيم أبو دوش "قمت بزراعة حوالي 340 بيتا بلاستيكيا بأصناف متنوعة من الخضار المعدة للتصدير وهي أصناف تحتاج إلى عمالة كثيرة وماهرة"، موضحا "لدي 10 عمال بموجب عقود ورواتب شهرية ثابتة، بينما أحتاج إلى ما يزيد على 70 عاملا إضافيا لإنجاز الأعمال المطلوبة، وهو ما دفعني إلى الاستعانة بالعمالة المحلية أو العمالة الوافدة الحرة وعلى نظام المياومة". 


ويضيف أن "غالبية العمال الذين كانوا يعملون في مزرعتي غادروا البلاد بعد انتهاء العقد ولم أستطع توفير بديل عنهم بسبب إجراءات وزارة العمل"، لافتا إلى أن "هذا الأمر زاد من كلف العمالة التي تستنزف ما بين 45 – 50 % من إيرادات المزرعة".


ويتابع أبو دوش: "إذا ما تم إضافة كلف العمالة إلى كلف الزراعة الأخرى كمستلزمات الإنتاج والمياه والطاقة والنقل وغيرها من الكلف، فإن زراعة الأرض ستعود على المزارع بخسائر حتمية"، لافتا إلى أن "القطاع الزراعي يحتاج إلى اهتمام جاد من الجهات المعنية وإعادة النظر بكافة القوانين والتشريعات الناظمة التي باتت تشكل عائقا أمام استمراريته". 


ويعتبر المزارع نواش العايد أن "ظاهرة نقص العمالة أكبر التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، مؤكدا أن أجور العمالة واستغلالها بسبب النقص بات يستنزف ما نسبته 50 % من عوائد المنتج الزراعي لأي مزرعة مقارنة بحوالي 35 % المواسم الماضية". 


ويضيف أن "تعامل الجهات المعنية مع قضية العمالة الوافدة ولد حالة من الإحباط لدى معظم مزارعي وادي الأردن، ما تسبب بتراجع نسبة الأراضي الزراعية المستغلة"، مشيرا إلى أن "نقص العمالة الزراعية وضع المزارعين أمام خيارين أحلاهما مر، وهما إما أن يهجروا أراضيهم أو يقبلوا بالأمر الواقع والرضوخ لرفع الأجور المتكرر".


ويلفت العايد إلى أن "معاناة المزارع تتفاقم مع تشغيله عمالة محلية غير مؤهلة خاصة في الأعمال التي تتطلب مجهودا بدنيا، وهو الأمر الذي يؤثر لاحقا على الإنتاج وجودته ومنافسته في الأسواق".


من جانبه، بين رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام أن "القطاع الزراعي في الأردن يعتمد إلى حد كبير على العمالة الوافدة التي لا يمكن الاستغناء عنها، خاصة وأن العمل في  القطاع الزراعي موسمي، إذ لا يستطيع المزارع تحمل أجور العمالة طيلة العام الأمر الذي يتسبب عادة بعزوف العمالة المحلية عن العمل فيه"، مضيفا أن "بعض العمليات الزراعية تحتاج إلى جهد وجلد كعمليات التجهيز للموسم الزراعي وهي بمعظمها أعمال لا يقوى عليها سوى العمالة الوافدة".


وقال إن "نقص العمالة زاد من عمليات استغلال المزارعين برفع الأجور مرارا وتكرارا دون رقيب، خاصة وأن معظم العمالة المتوفرة عمالة حرة غير ملتزمة بعقود عمل"، موضحا أن "مشكلة العمالة اليومية أنها تضع المزارع في مأزق لتأمين أجورها يوما بيوم في حين أن المزارع الملتزم بعقد يسمح للمزارع بتأجيل الأجور حتى نهاية الشهر أو ربما لحين بدء الإنتاج".


وقدر الخدام أن "ما يتوفر حاليا من حجم عمالة زراعية لا يغطي 25 % من حاجة القطاع الفعلية، لافتا إلى أن العام الحالي شهد تراجعا وضحا بعدد العمالة قياسا بالسنوات السابقة".   


ويؤكد الخدام أن "نقص العمالة الزراعية أصبح يشكل عبئا ومعاناة كبيرة لجميع مزارعي الوادي في ظل استمرار العوائق التسويقية، إذ أن ارتفاع الكلف مع تدني أسعار البيع يكبد المزارعين خسائر فادحة وهي الصورة التي سادت خلال المواسم الماضية"، مشددا على ضرورة قيام وزارة الزراعة بدورها في دعم المزارع والوقوف إلى جانبه في ظل الظروف الحالية والتنسيق مع الحكومة للسماح للمزارعين باستقدام العمالة الزراعية وربطها بشروط تمنع العامل الوافد من مغادرة المزرعة.


بدوره أكد رئيس اللجنة الزراعية في مجلس النواب النائب محمد العلاقمة "على ضرورة الاهتمام بالقطاع الزراعي وتوفير الدعم والتشجيع اللازم للدفع بذلك الاتجاه"، مشددا على ضرورة فتح باب الاستقدام أمام العمالة الزراعية الوافدة نظرًا للنقص الحاصل فيها وإعادة النظر باحتساب استحقاق الحيازات من العمالة، واعتماد الوحدات الزراعية التي تبلغ مساحتها 25 دونمًا فأكثر، إلى جانب، السماح للعامل الزراعي بالعمل في أي حيازة تعود ملكيتها لنفس صاحب العمل، خارج حدود المُحافظة التي يعمل بها، والسماح بتجديد تصاريح العمل للعمالة الوافدة المسموحة على اسم صاحب عمل آخر في القطاع، وتغليظ العقوبات على أصحاب العمل المُخالفين".


وكانت وزيرة العمل ناديا الروابدة قد بينت خلال لقائها لجنة الزراعة النيابية انه يوجد حاليا 55750 تصريح عمل زراعيا ساري المفعول، نصيب القطاع الزراعي منها 35 ألفا، بحسب أرقام العام 2021.


وأوضحت أن وزارة العمل تمنع انتقال العمالة غير الأردنية العاملة في القطاع الزراعي إلى أي قطاع عمل آخر، وذلك خدمة للقطاع الزراعي، مع السماح لأي عامل يعمل في القطاعات المسموح بالانتقال منها، للانتقال إلى القطاع الزراعي، كما يُسمح حاليًا باستقدام عامل غير أردني بدل عامل مُغادر.


وأكدت الروابدة أن هُناك تنسيقا بين وزارتي العمل والداخلية لضبط العمالة غير الأردنيَّة المُخالفة في سوق العمل، مشددة على أنه لن يكون هُناك فترة لتصويب أوضاع العمالة المُخالفة، كما كان سابقًا.


وتابعت، ان قانون العمل لا يُميز في الحقوق العمالية، بين العمالة المحلية وغير الأردنية، مُشيرة إلى أن الضمان الاجتماعي يشترط على صاحب العمل إشراك أي عامل بالضمان، فضلًا عن أن نظام عمال الزراعة ألزم صاحب العمل بالقطاع الزراعي بإشراك العمالة غير الأردنية بالضمان، في حال كان عدد العمال لديه 3 فأكثر.

 

اقرأ أيضا:

  الموسم يبدأ بتحدي "العمالة".. وإرباك بمواعيد الزراعة بوادي الأردن