تعليم السباحة.. مبادرة لإنقاذ أطفال الغور الشمالي من حوادث الغرق

قناة الملك عبدالله الأول في الغور الشمالي - (أرشيفية)
قناة الملك عبدالله الأول في الغور الشمالي - (أرشيفية)

علا عبد اللطيف

بدافع الخوف على أطفال لواء الغور الشمالي من حوادث الغرق في القنوات والمسطحات المائية التي تتهددهم مع كل موسم صيف، أطلق شباب باللواء مبادرة لتعليم السباحة لإنقاذ أرواح الأطفال في تجربة سابقة وجديدة قد توقف مسلسل حصد الأرواح.

اضافة اعلان


ويقول الشاب أشرف الرياحنة صاحب فكرة المبادرة إن حالات الغرق الكثيرة في مياه قناة الملك عبدالله خاصة، والبرك المكشوفة في المناطق الزراعية، دفعتني الى استئجار بركة سباحة تابعة لمتنزه المتقاعدين العسكريين في لواء الغور الشمالي، بأسعار بسيطة ورمزية لإطلاق مبادرة تعليم السباحة".


واشار أنه عمل على ترويج المبادرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ومناشدة الأهالي بالتوجه لتعليم أبنائهم الصغار، كإجراء وقائي من الغرق في العطلة الصيفية.


واضاف الرياحنة في حديثه لـ "الغد"، أنه يستمع بين الحين والآخر لحديث الأمهات عن ذكريات مع أبنائهن الذين قضوا بحوادث غرق في القناة أو إحدى البرك الزراعية وهو حديث وعلى حد تعبيره "أوجع قلبي"، لاسيما وأن حالة من الخوف والقلق ما تزال تسيطر على الأمهات الأخريات في كل عطلة صيفية، من ذهاب أبنائهن الى قنوات المياه المكشوفة وخصوصا البرك الزراعية وقناة الملك عبد الله.


وأكد الرياحنة ان العطلة الصيفية فرصة لقضاء الراحة والاستجمام يستمتع بها الأهالي والطلبة، الا أنها في لواء الغور الشمالي تشكل مصدر قلق وخوف للكثيرين، جراء عدم توفر المسابح الآمنة للأطفال وغياب شروط السلامة العامة، في الوقت الذي يفتقد فيه اللواء للحدائق والملاعب، مما يزيد من خوف الأهالي.


وأضاف، لا بد من وجود مسابح آمنة ومجانية للاطفال تمكنهم من قضاء وقتهم وحاجاتهم، مؤكدا على ان الاستهتار بغياب وعدم توفر الخدمات سيرفع حالات الغرق وسيعمل على حرق المزيد من قلبوب الأمهات.


ويقول صاحب المبادرة، الذي لا يجد عملا دائما، إن العديد من الاسر اصرت على ان يأخذ أجرة رمزية لقاء تعليم ابنائها السباحة ولتوفير أجرة البركة الشهرية ولكي يتمكن من الاستمرار في المبادرة والقدرة على تعقيم تلك البرك.


ويطالب علي القويسم وهو متطوع ايضا في المبادرة لتدريب الاطفال على السباحة، من الجهات المختصة، بإيلاء العناية والاهتمام بالمكان، من خلال إنشاء الألعاب المائية المختلفة، بالإضافة إلى إعطاء فترة التدريب الوقت الكافي ليتمكن الأطفال من السباحة بشكل جيد.


ويأمل القويسم من الجهات المانحة والداعمة والمختصة، بالعمل على إنشاء المزيد من البرك وتوسعة الموجود والتي تتوفر فيها شروط السلامة العامة، وذلك لحل مشكلة الغرق، التي أصبحت كابوسا لأهالي الغور الشمالي وخصوصا الاحياء التى تعبر منها القناة كمناطق المنشية والمشارع والشونة الشمالية.


ويؤكد المواطن علي التلاوي ان مناطق وادي الأردن من أكثر المناطق التي يتعرض أطفالها لحوادث الغرق، مشيرا الى أن أغلب ضحايا قناة الملك عبدالله هم أطفال جراء غياب المرافق العامة، وعدم وجود متنفس لأهالي اللواء، إضافة الى ارتفاع الحرارة الذي يدفعهم الى التوجه للمياه المكشوفة سواء في قناة الملك عبدالله، أو البرك الزراعية، للتخفيف من درجات الحرارة المرتفعة.


وأضاف، أنه وبعد أن سمع عن "المبادرة" توجه على الفور وسجل أطفاله الصغار، كإجراء وقائي لهم من الغرق، خصوصا وأنه يسكن بالقرب من القناة المكشوفة، التي تفتقد للسلامة العامة.


وطالب من الجهات المختصة، بصيانة سياج القناة لمنع الأطفال من السباحة فيها، خصوصا الذين لا يجيدون السباحة، معتبرا أن القناة تمثل حالة من الفوضى في ظل تجاهل الجهات المعنية لأوضاعها الخطرة.


وتقول علياء ابداح والتي فقدت ولدها قبل حوالي عام غرقا في قناة الملك عبدالله إن ابنها الذي كان قد بلغ من العمر11 عاما، ذهب الى القناة ليطفئ حرارة جسمه، نظرا لارتفاع درجات الحرارة، الا أن عدم وجود الأسلاك الشائكة على جوانب القناة سمح له بالاقتراب أكثر من المياه فيما انزلقت قدماه وأدى إلى وقوعه وغرقه في القناة.


وأكدت أن ابنها لم يكن يعرف السباحة، كما أن جميع أفراد العائلة لا يعرفون السباحة.


وتابعت بعد أن فقدت ولدي شكل ذلك دافعا قويا للبحث عن فرصة لتسجيل أبنائي الآخرين في اي مركز لتعليم السباحة، فيما تأتي المبادرة الشابية بمثابة إنقاذ لأرواح أطفال الغور من حوادث الغرق.


وأكدت، أن تلك المبادرة ساهمت وبشكل لافت وواضح في ضبط العديد من الأطفال والالتزام بالتعليمات والسلوكيات الصحيحة، مشيرة الى أن تعليم الأطفال والشباب السباحة سيخفف من حوادث الغرق خلال العطلة.


من جانبهم يرى مهتمون بالشأن الاجتماعي ضرورة إيلاء شباب المبادرة مزيدا من الاهتمام، واستقطاب المبادرين والعمل على دعمهم ماديا ومعنويا.


وقال عضو اللجنة اللامركزية في اللواء عقاب العوادين "إن قناة الملك عبدالله، التي يمتد طولها لنحو 110 كيلومترات من منطقة العدسية حتى نهاية الأغوار الوسطى، تفتقر لوسائل الحماية جراء الاعتداءات المتكررة من قبل البعض على السياج"، مبينا أن هذه الاعتداءات تحصل بسبب سرقة المياه لري المزروعات، أو العبث بها بقصد السباحة أو سرقة الشبك لغايات البيع او الاستخدمات الاخرى في مزارعهم او منازلهم.


ويلفت الى أن هناك إجراءات مشتركة مع الجهات المعنية لاتخاذ التدابير اللازمة للحد من تكرار حوادث الغرق، مشيرا الى اقتراح عدد من الحلول، خصوصا في المواقع الخطرة المحاذية للمناطق السكنية، والتي تمر منها القناة، تتمثل بإقامة أنابيب ضخمة عند المساكن وتغطية سطح القناة، وتركيب حواجز إسمنتية على أطرافها، وإنشاء مقاطع عرضية تمنع مرور العوالق، تسهيلا على رجال الدفاع المدني في حال حوادث الغرق، وخوفا من سحب الغريق الى أماكن بعيدة.


من جانبه، أقر مصدر بسلطة وادي الأردن بوجود حالة من القلق والخوف في اللواء بسبب ارتفاع عدد حالات الغرق، مؤكدا أن عملية الحد من تلك الحوادث هي عملية مشتركة بين الطرفين المواطن والسلطة والعمل بشكل جماعي حفاظا على أرواح السكان والأطفال خاصة، داعيا إلى ضرورة التبليغ عن أي حالة اعتداء على القناة وسياجها.

اقرأ المزيد :