اقتراح مصر وضع نتنياهو في ورطة

هآرتس
هآرتس
 رفيت هيخت  30/4/2024

أفلام الفيديو للمخطوفين التي نشرتها حماس، إضافة إلى الاقتراح المصري الذي رد عليه الطرفان، بما في ذلك حماس، بشكل إيجابي نسبيا، زاد الانطباع وكأنه توجد صفقة وشيكة وبحق. الترجمة الفورية في الحقل السياسي هي شرك دراماتيكي كما يبدو لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وكأنه يقترب من اتخاذ قرار مصيري – بين الشركاء في الائتلاف الذين دمروا إسرائيل واوصلوها إلى هذا الوضع، ومن كثرة الوقاحة هم يقدمون المواعظ لخيانة المواطنين الذين تم التخلي عنهم في السابق وبين اتخاذ قرار أخلاقي صحيح وإستراتيجي من أجل إعادة المخطوفين وتقليص الساحات في الطريق إلى التطبيع، وإمكانية عقد تسوية إقليمية جديدة برعاية الولايات المتحدة.اضافة اعلان
 التهديدات المتبادلة عشية العيد الثاني، في زاوية بتسلئيل سموتريتش وفي الزاوية الثانية بني غانتس، اللذين "تغلبا على ضعف جزء من الشعب"، خلقت لدى الكثيرين الشعور بانفجار قريب. في حين أن الأول قدم بمسيحانية زائدة وجبة صغيرة من التحريض، وأن الثاني رد بطريقته الخاصة (على الأهمية الكبيرة لإعادة المخطوفين). في أعقاب ذلك عائلات المخطوفين توجهت لرئيس المعارضة يئير لبيد حول إذا كان وبحق سيتمسك بوعده "دعم" الحكومة والانضمام إليها في حالة أن تشكيلة الحكومة الحالية تمسكت بالعار الأخلاقي، واستمرت في التخلي عن أعزائهم من أجل لا شيء، والتمسك بالأكاذيب الطفولية حول "النصر المطلق" على حماس. لبيد أكد على أنه يلتزم بذلك. ولكن بالطبع لم يتوجه إليه أي أحد بهذا الشأن، ويمكن التخمين باحتمالية عالية أنه لن يفعل ذلك أي أحد أيضا.
عم الضغط الأميركي والمصري، الذي لا يجب التقليل من أهميته، والذي أصبح مميزا في هذه الأثناء، إلا أن هناك مصادر كثيرة مطلعة على المفاوضات قدرت أنه لا توجد أي مصلحة للطرفين، سواء نتنياهو أو السنوار، في التوصل إلى الصفقة. فالسنوار يهتم باستمرار الحرب على خلفية قضية مذكرات الاعتقال في لاهاي والمظاهرات الكبيرة ضد إسرائيل وانحياز الرأي العام العالمي ضدها.
 رغم احتمالية تحقيق نتائج إستراتيجية جيدة، فصل الزمني طويل جدا من وقف إطلاق النار الذي فعليا وقف القتال، مع احتمالية عالية بأنه في هذا الوقت ستسقط الحكومة في إسرائيل وأنه سيبقى على قيد الحياة، فإن السنوار يمكنه وبشكل كبير التصرف مثل المتعصب الهستيري الذي يمثله. يصعب قليلا تصديق أن من هب لحملة غير معقولة من حيث وحشيتها في 7 أكتوبر سيطور فجأة في مركز الحدث، طبيعة معتدلة أو عقلانية ويضع نصب عينيه مصلحة الشعب في غزة الذي يعاني بشكل مخيف في أعقاب الحرب. إشارة إلى هذا التوجه كان يمكن سماعها في بيانات حماس التي كررت المطالبة الحازمة بوقف الحرب، التي هي القضية الخلافية الأساسية التي لا يمكن التنازل عنها، مهما حاول المرء عجن الدلالات.
من جهة أخرى، نتنياهو يعرف أن الموافقة على اقتراح مصر، الذي يشمل وقف القتال لأشهر طويلة قد تصل إلى سنة، هو قرار بإعدام اليمين الاستيطاني الكهاني، الذي يمسك بيده أسطوانة الأوكسجين السياسية له. وما زال يتساءل كيف سيتصرف نتنياهو، يجب التذكير بإحدى مقولاته الأولى على الفور بعد 7 أكتوبر عندما كانت إسرائيل ما تزال غارقة في الصدمة والتشويش والمفاجأة بعد المذبحة والأحداث المرافقة لها. كابنت الطوارئ ظهر في حينه كحاجة وجودية لأن لا أحد كان يثق وبحق بالحكومة الأسوأ في تاريخ اسرائيل، نتنياهو فاجأ الكثيرين عندما تساءل: "ما الذي سيحدث للاعضاء الـ 64 لدي؟". أهمية هذا السؤال لم تخفت منذ ذلك الحين، بل ازدادت فقط. مثلما أنه من الجنون تخيل أن السنوار سيطور براغماتية سليمة في هذه المرحلة من الأحداث، هكذا من غير الممكن التوقع من نتنياهو تنمية ضمير أو اهتمام بكل شيء لا يتعلق بالإبقاء على حكمه، بما في ذلك ضائقة المخطوفين وعائلاتهم.
 من المحتمل أنه سيتبين بسرعة أن المعضلة الحقيقية ليست نتنياهو، الذي بالتأكيد يمكن التخمين بأنه سيحاول اختيار الاحتمالية الإجرامية والفاسدة التي ستعطيه المزيد من الوقت في الحكم وتمكنه من محاولة الابتعاد عن المذبحة وإخفاقاتها، مع إلقاء المسؤولية عن فشل المفاوضات على حماس. إذا العملية المطلوبة هي للمعسكر الرسمي، لا سيما غادي ايزنكوت الذي أعلن في السابق بأن قضية المخطوفين هي السبب الذي من أجله انضم لكابنت الحرب في حكومة المتهربين والكهانيين الذين يرسلون الآخرين إلى القتال باسم هذياناتهم.
 حتى الآن برر المعسكر الرسمي الفشل المستمر في إعادة المخطوفين بأن حماس هي التي تفشل المفاوضات وتضع شروطا لا يمكن لإسرائيل التعايش معها. ويُضاف إلى ذلك الاستطلاعات المشجعة – الجمهور أدمن على حبة المسكن، وجود غانتس وايزنكوت في الكابنت، وهكذا فإن المعسكر الرسمي التصق بالحكومة وربط مصيره بإدارة الحرب. بعد أن وافق كبار قادة جهاز الامن على اقتراح مصر، ضمنا اعترفوا أخيرا بفشل الفرضية الكاذبة التي تقول إن الضغط العسكري هو الذي سيعيد المخطوفين، فقد حان دور غانتس وايزنكوت، ولا يهم أبدا ماذا سيكون رد حماس.
لا يمكن للوضع أن يكون أكثر وضوحا. اليمين المسيحاني مسرور مما يحدث وهو مستعد للتضحية بالمخطوفين لصالح هذيانات الهوس التي ترتكز على انكار واضح للواقع؛ مجرمو البيبية معنييون بتخليد العائلة القيصارية؛ والحريديون المعفيون من كل النتائج المؤلمة لهذه الأحداث ينشغلون فقط بشؤونهم. الموقف السائد في حكومة إسرائيل الأصلية يصمم على المس بشكل لا يمكن إصلاحه بالعقد الاساسي جدا الموجود بين الدولة ومواطنيها – مع إغراق إسرائيل ببرنامج طويل من الحروب التي تخططها لنا. محظور إعطاء أي مبرر أو صلاحية لمثل هذه الحكومة.