"الترند" حينما يكون سيفا ذا حدين.. واختصاصيون يحذرون

"الترند" حينما يكون سيفا ذا حدين.. واختصاصيون يحذرون
"الترند" حينما يكون سيفا ذا حدين.. واختصاصيون يحذرون

لم يعد مصطلح "الترند" غريبا على مسامعنا بل أصبح هدفا يلحق وراءه الكثيرون من دون إدراك لتأثيره وأهميته، وفي عالم أصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعي جزءا أساسيا من حياة الفرد، بات يصطدم بترندات تنوعت واختلفت من طريقة التحدث إلى التصرفات والملابس لقضايا مهمة وأخرى بسيطة لا تستحق أن يتسابق الجميع للحاق بها.

اضافة اعلان


"تقليد أعمى"؛ هذا ما يقوم به البعض حينما يقررون اتباع ما هو منتشر سواء كان يناسبهم أم لا، وما بين الرغبة في السير مع الجميع والخوف من عدم المواكبة والخروج عن "القطيع" يتأرجح الفرد بتفكيره بماذا يتبع وعن ماذا يتوقف.


وهذا الحال مع قيس (26 عاما) الذي يعتقد أن غيابه عن أي "ترند" ينتقص منه، واصفا ذلك بقوله "كيف يعني ما الحق الترند إذا بدي أكون الأفضل لازم أكون مع الترند أولا بأول"، مؤكدا بذلك أنه سريع ما يتبع أي ترند يتصدر مواقع التواصل ليكون مواكبا لكل ما هو جديد.


ويعتقد قيس ان ما يتم تداوله على مواقع التواصل هي "التفاصيل التي نعيشها ولا نستطيع الاستمرار ما لم نواكب تطورها"، معترفا انه إذا لم يكن جزءا من هذا الترند فهذا يعنى أنه بعيد عن العالم الذي يعيش فيه.


بينما راما ( 29 عاما) تخالفه الرأي، فليس بالضروري كل ما هو ترند أن يناسبها، وليس عليها أن تخالف ما تعتقد به لتسير فقط خلف التيار وتقول "الترند اللي ما بناسبني مش لازم أكون جزءا منه".


"الإنسان إذا ضل يلحق الترند رح يقضي حياته وهو يركض"، تقول راما معبرة عن استيائها من التقليد الذي يفعله الكثيرون، معتقدة أن غياب الوعي والرغبة في إظهار الفرد بانه جزء من عالم السوشال ميديا هو الدافع الأكبر.


وتعتقد راما أن الترند هي خدعة من خدع العالم الافتراضي التي فرضها رواده على المجتمع، وقاد لخلق عادات وتصرفات جديدة، وتقول "كم من الصعب أن يحافظ الفرد على نفسه في وسط هذه التخبطات للعالم الرقمي".


من جانب الإعلام الرقمي، تبين الدكتورة رشا اليعقوب أنه كما لمواقع التواصل الاجتماعي إيجابيات وسلبيات، فإن الترند واحد من الأمور التي ساعدت على تشكيل قضايا الرأي العام بشكل أو بآخر.


وتوضح اليعقوب أن الكثير من القضايا المهمة ساهم الترند بتشكل الرأي العام فيها، وليس فقط في انتشارها وانما أيضا في تشكيل موقف، مؤكدة بذلك الدور الإيجابي لـ "الترند" في قضايا تعود بمصلحة كبيرة على المجتمع بشكل عام سواء كانت على مستوى محلي أو اقليمي أو عالمي.


بينما الجوانب السلبية تكمن في نظرية وغريزة القطيع التي يمتلكها المجتمع، فالترند يخرج ليكون أشبه بـ "الموضة" بمعنى ما هو الشيء الجديد الذي على الساحة بحسب اليعقوب، مشيرة أن البعض يتبع الترند سواء كان منافيا لعاداته وتقاليده أو سلوكه إذ أصبح المجتمع يتقبل بعض الأمور بكل أريحية وسهولة بسبب نظرية القطيع التي يسير عليها الجميع.


وأبسط مثال على الفتاة التفكير به ارتداء لون جديد بقولها "هذا اللون أنا عمري ما لبسته ولكن الجميع يرتديه والناس ستراه مألوفا ولن تراه غريبا عليها"، وكذلك قصة الشعر والحركات والتصرفات التي نراها بالترندات المصورة، لافتة بذلك إلى أن الترندات المصورة هي الأكثر فعالية.


ومن جهة أخرى تبين اليعقوب أن البعض أصبح يعتقد ان عليه السير ومواكبة السوشال ميديا سواء كان صحيحا ام خطأ بتقليد أعمى، فالبعض لديه رغبة التقليد لكي لا يكون المختلف الوحيد عن الموضة والتغير الذي يحدث.


وتنوه اليعقوب أن المؤثرين على السوشال ميديا عملهم صنع الترند وفي الأساس الشركات والجهات التجارية تلجأ لهم وصولا لتحقيق التفاعل الكبير ونسبة المشاهدات العالية والانتشار الكبير.


والبعض قد يمتلك "غيرة السوشال ميديا"، وفق اليعقوب، وقد لا يكون مؤمنا بالقضية ولكن عليه المواكبة كما يرى، مؤكدة أن  الترند غير من عادات وتقاليد المجتمع.


وهنا تكمن الخطورة بتغير عادات المجتمع وفي بعض الأحيان تقبل ما هو غير مقبول ومألوف، "لذا لا نستغرب ان أصبح هنالك ترند يدافع على الأفكار الغريبة والدخيلة التي من الممكن ان تمس ديننا وعاداتنا وتقاليدنا وبذلك إدخال موروثات جديدة والاستغناء عن قيم ومثاليات نؤمن بها"، وفق اليعقوب.


ووفق ما تقوله، فإن أغلب القضايا لا تستحق أن يتم الدفاع عنها ولا تستحق ان تنتشر كذلك، ولكن كثرة المشاهدات والكتابة عنها جعلتها "ترند" لذلك هو سيف ذو حدين ما لم يكن هنالك وعي، مشددة بقولها "علينا ان لا نكون مقلدين من دون وعيّ وفهم".


وتضيف ان "الترند سريع" فكل يوم يخرج ترند جديد يتابعه الفرد، والخطورة أنه يصبح الإنسان عبارة عن مهووس باللحاق بالترندات. 


ومن الجانب الاجتماعي يبين الدكتور محمد جربيبع انه لا يمكن التحدث عن مصطلح "الترند" الذي أصبح شائعا عند الكبار والصغار من دون الحديث عن مفهوم السوشال ميديا والتطور الذي حدث به، فالترند رافق هذا التطور.


سابقا كان هذا الأمر منتشرا، بحسب جريبيع، بمعنى ما هو الحدث الأكثر انتشارا والذي يسيطر على أحاديث الناس بجميع مواقعها ولكن الآن مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي أصبح الحديث أكثر عمومية وعلى مستوى العالم أجمع.


ويشير جريبيع إلى أن الترند من الطرق والأدوات المهمة المستخدمة للبحث عن كسب ودعم وتأييد للقضايا التي يؤمن به الفرد، مشيرا انه قد يكون حدثا يهم الفرد شخصيا وبالتالي يتبناه ويحاول نشره قدر الإمكان.


ويلفت إلى أن وسائل الإعلام انتبهت لأهمية الترند وأصبح هنالك برامج تتناول القضايا التي تتصدر الترند، وهذا يعني أن القضية ليست فقط حديث الناس بل أصبحت كذلك حديث المؤسسات الإعلامية وأصبحت تروج لها وتتحدث في نشراتها عن أهم ترند تصدر أحداث اليوم.


ومن جانب آخر تستخدم المؤسسات الترند للبحث عن المناصرة والدعم والتأييد لقضية هي مؤمنة بها، بينما الأفراد تستخدمه لقضية اجتماعية تثير الاهتمام، مبينا أن أي سلوك يقوم به الإنسان يأتي من خلف دافع قد يكون ذاتيا أو دينيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو سياسيا، ولكن للأسف هنالك بعض القضايا الخاطئة التي تعني أشخاصا وتصبح "ترند" ولكن لا تشكل قضية عامة وليست ذات أهمية. 


ووفقا لذلك، هنالك الكثير من القضايا التي تحدث في المجتمعات تعتمد عليها جهات محددة لمراقبة الترند على السوشال ميديا سعيا لمعرفة اتجاهات الأفراد وكمؤشر لقياس الرأي العام وتوجهات المجتمع نحو قضية معينة.

 

ويؤكد جريبيع أن الترند يكون الهدف منه أحيانا لفت انتباه العالم أو أصحاب القرار لقضية مرفوضة اجتماعيا وتشكل حيزا عند الأشخاص.


ويشير جريبيع إلى أنه كلما تطورت السوشال ميديا بالعالم زاد معه "نجوم سوشال ميديا" الذين ينافسون الإعلام في تشكيل الرأي العام والخطورة أن السوشال ميديا كمحتوى ليس عليه رقابة. بينما مؤسسات الإعلام تكون ضمن ضوابط مهنية ومحددات ومعايير اخلاقية.


ويتفق جريبيع مع اليعقوب في الخطورة بأن الكثير من الناس يتبنى هذا الترند لكن دون معرفة تامة بالقضية وما خلفها.


ومن الجانب النفسي يبين الدكتور علي الغزو أن الخوف من عدم المواكبة أحد أهم الدوافع التي تقود الفرد لاتباع "الترند" فالفرد يريد أن يكون مدركا لما يدور من حوله وهذا الأمر متداول بشكل كبير بين فئة الشباب.


ويوضح الغزو أن بعض الأشخاص عندما يحتكون بالآخرين يشعرون انهم على اطلاع أكثر منهم، وهنا يصبح لديهم رغبة بالتقليد بمعنى "أريد أن أقلد وليس لأنني مهتم فعلا بهذا المحتوى" ليظهر للعالم ومن حوله أنه مواكب وهذه فقط حاجة نفسية لاشعار الآخرين انه على اضطلاع بآخر الأحداث.


ويؤكد الغزو أن الإنسان "التابع" مهما حاول أن يقلد سيشعر بالنهاية بأنه مزيف وسرعان ما يكتشف حقيقة ذلك وربما يشعر ببعض الثقة لأن الآخرين يجاملونه.
ويشدد الغزو على أهمية الوعي في التعامل مع السوشال ميديا بطريقة صحيحة ومنطقية، و"ان لا نبقى نلهث وراء الأمور السطحية التي لا تضيف للفرد شيئا".


ويشير الغزو أن حالة القلق التي يعيشها الفرد لانه دائما يفكر كيف يرضي الآخرين وكيف يظهر بطريقة جيدة ينال بها اعجابهم ورضاهم ويثبت لهم أنه متابع ومواكب ولكنه في حقيقة الأمر إنسان له شخصية مختلفة تماما عن الواقع الذي يعيشه. 


ويختتم الغزو حديثه، "للوهلة الأولى قد نرى أن الأمر عاديا وأنه مجرد تقليد، ولكنه يأخذ أبعادا كبيرة فالإنسان الذي يشعر بهذا النقص قد يعاني من أمراض نفسية كبيرة، وإذا استمر في التفكير بهذا الأمر قد تزيد درجة القلق والتوتر والاكتئاب، وبالتالي يصبح بحاجة لطبيب معالج فهي البداية لدوامة من الأمراض النفسية. 


ووفق تقرير عالمي، حديث حول الواقع الرقمي في الأردن أظهر أن عدد مستخدمي "فيسبوك" بلغ مع بداية العام الحالي قرابة 5.3 مليون مستخدم نشط.


وأشار التقرير إلى أن مستخدمي شبكة فيسبوك الاجتماعية في الأردن أصبحوا يشكلون نسبة تصل إلى 52 % من إجمالي عدد سكان المملكة الذين يتجاوز عشرة ملايين نسمة. 


ومن جهة أخرى، قال التقرير إن عدد مستخدمي فيسبوك باتوا يشكلون نسبة تصل إلى 70 % من عدد سكان المملكة ممن أعمارهم ثلاث عشرة سنة فأكثر.


وأصبح ارتباط واعتماد الناس في جميع أسواق الاتصالات حول العالم وثيقا بالهاتف الذكي وتطبيقاته التي دخلت كل تفاصيل حياتهم اليومية والعملية، ليظهر تقرير عالمي حديث أن قيمة ما أنفقه المستخدمون حول العالم على التطبيقات الذكية خلال فترة الربع الأول من العام الحالي وصل إلى 32.5 مليار دولار.

 

اقرأ أيضاً: 

ما سر قوة "الترند" على وسائل التواصل الاجتماعي؟

"ترند باربي الوردي".. ما بين هوس "التقليد" وتحديد مفاهيم الجمال

السوشال ميديا والخصوصية: هل بات "الترند" أهم من الإنسانية؟