"رفع الحظر": لا نتمنى النموذج السنغافوري في احتواء كورونا

الاستاذ الدكتور معتصم سعيدان
الاستاذ الدكتور معتصم سعيدان

الاستاذ الدكتور معتصم سعيدان*

منذ بداية الأزمة و النموذج السنغافوري في إدارة ازمة انتشار فيروس كوفيد 19 هو طموح و معيار كل دول العالم. و ذلك لأن سنغافورة كانت من أوائل الدول التي انتقل اليها الفيروس من مقاطعة ووهان الصينية في أواخر شهر كانون ثاني 2020، و مع ذلك فقد بقي معدل الحالات اليومي أقل من 50 حالة تقريبا و ذلك لشهرين متتابعين.

اضافة اعلان

الا أن تراخي الحكومة السنغافورية بإجراءاتها بعد ان طغت القناعة لدى أصحاب القرار بأن هذا الفيروس ضعيف وعدد الوفيات لم يتعدى 10 حالات وان معظم الحالات المصابة لم يظهر عليها اعراض مزمنة والمعظم لم يعاني الا من أعراض تكفيها بعض المسكنات، لا بل وصل تراخي أصحاب القرار في سنغافورة الى اهمال مراقبة المناطق الفقيرة، والتي يقطنها جالية مهاجرة من الهنود والبنغال تقدر عددها 300 الف مهاجر، وقد نتج عنها إصابات عدوى في تلك المساكن التي تضم المئات من المهاجرين و بدأت سلاسل العدوى تتشكل و تضاعفت الاعداد في الأسبوع الثاني من شهر نيسان واستمر التضاعف حتى اصبح تضاعفا هندسيا وأصبحنا نصحو يوميا على عدد من الحالات تتعدى 800 الى 1000 حالة يوميا منذ الاسبوع الثالث من شهر نيسان حتى وصل المجموع التراكمي الى 12690 حالة بعد ان كان 1000 حالة حتى 1/4/2002.

في الاردن، ومع سيطرة النمط السائد بنقصان معدل الحالات اليومية للعدوى مترافقا مع ازدياد حالات الشفاء اليومية، فقد بدأت نفس القناعات تسيطر على الاردنيين بأن ضرر الفيروس الاقتصادي أكبر بكثير من الضرر الصحي وأن معظم الحالات المصابة بالفيروس لم تعاني من اعراض و مضاعفات صحية كما هو الحل في الدول المنكوبة، وبدأ تأثير هذه القناعات يوجه قرارات حكومة الرزاز بحيث تم تخفيف اجراءا الحظر في عدة محافظات وقطاعات. وعليه يجب الاشارة هنا الى نقطتين مهمتين كي لا نسلك سلوك النموذج السنغافوري ونصحو يوميا على مئات الحالات من الاصابات الجديدة:

أولا: من الطبيعي ان يترافق نقصان معدل حالات العدوى اليومية – كنمط سائد منذ اسبوعين- مع تقليص وتخفيف اجراءات الحظر على المدن والقطاعات، ولكن يجب ان تتضاعف مهام فرق الاستقصاء الوبائي وزيادة عدد العينات العشوائية في المحافظات مع التركيز على عمالة القطاعات التي تم التصريح لها باعادة مزاولة اعمالها بشكل طبيعي.

وهنا نتحدث عن اهمية زيادة العينات والتي قد تصل الى 5000 عينة يوميا وبتوزيع جغرافي يتوافق مع العينات الاحصائية الممثلة للاردن كفئات عمرية و مناطق حضرية ونائية الخ.

ثانيا: يجب تكثيف المراقبة وتشديد اجراءات التباعد الاجتماعي في المناطق التي يتواجد فيها العمالة الاسيوية في المدن الصناعية و بالذات في التجمعات الصناعية في مدينة سحاب ومدينة الحسن الصناعية في الرمثا. وتقدر اعداد الجاليات الاسيوية (الهند، بنغلادش، الصين، الخ) بالالاف، وعادة ما يقطنون في تجمعات سكنية محصورة الى حد ما مما يسهم في انتشار العدوى وتشكل سلاسل عدوى قد تنتقل الى المجتمعات المحلية بسهولة وبشكل مؤثر كما هو الحال حاليا في الدول الخليجية.

يضاف الى ذلك، من المهم جدا تشديد الاجراءات وتعليمات التباعد الاجتماعي في المخيمات بشكل عام ومخيمات اللاجئين السوريين بشكل خاص. لا بل يجب ادراج هذه المخيمات في برنامج العينات العشوائية وذلك للحد من انتشار الفيروس في هذه التجمعات.

وعليه فاننا في الايام المقبلة والتي يرافقها عودة الكثير من القطاعات التجارية والصناعية الى ممارسة اعمالها بشكل طبيعي، سنشهد تزايدا في اعداد حالات العدوى اليومي، ولكن من المهم ان لا يتعدى في اقصاه المعدل الطبيعي خلال الفترة الماضية (12 حالة يوميا)، والا فان عدد الحالات سيتضاعف الى المئات وقد نسلك سلوك النمط السنغافوري خلال اسبوع، لا قدر الله.

*باحث في احصائيات انتشار فيروس كوفيد -١٩

الجامعة الاردنية