"العدالة" بين الطلبة بالأنشطة المدرسية.. كيف تلغي "العزلة" وتكسر حاجز الخوف؟

"العدالة" بين الطلبة بالأنشطة المدرسية.. كيف تلغي "العزلة" وتكسر حاجز الخوف؟
"العدالة" بين الطلبة بالأنشطة المدرسية.. كيف تلغي "العزلة" وتكسر حاجز الخوف؟

 "لم أنل فرصتي بالمشاركة حينما كنت طالبا على مقاعد الدراسة، إنما كان تهميشي واضحا من قبل بعض المعلمين"؛ هكذا بدأ الشاب علاء محمد حديثه وهو يستذكر تلك المرحلة من حياته.

اضافة اعلان


عانى علاء من "التأتأة" البسيطة في كلامه بمرحلة، وحينها كان يعتقد المعلم أن إعفاءه من المشاركة بأنشطة مدرسية تتطلب منه الحديث أمام زملاء صفه بمواضيع مختلفة؛ ينقذه من التنمر أو التعليقات السلبية التي يمكن أن تزيد من سوء حالته.


غير أن علاء يقر أن هذا الأمر زاد من خوفه وضعفه حينها، لأن المعلمين لم يحاولوا الوقوف معه لتخطي هذا الأمر وتشجيعه على تجاوزه، أو حتى جعل باقي الطلبة يتقبلونه ويحفزونه على التقدم.


المدرسة هي النافذة الثانية على الحياة بالنسبة للطالب بعد البيت، والشاهد على نجاحاته وتميزه سواء أكاديميا أو اجتماعيا أو حتى شخصيا. ومنها يتعلم الطالب الثقة والقوة والقدرة على اكتشاف إمكاناته عبر الأنشطة المدرسية المتنوعة التي تمكنه من بناء شخصية قوية ومتميزة لديها القدرة على تكوين الصداقات.


لكن هناك خطأ يرتكبه بعض المعلمين حينما يضعون شروطا معينة في اختيارهم للطلبة والتركيز فقط على الطلاب الأكثر تفوقا أو أولئك الذين يمتازون بشخصيات واثقة وجريئة. وفي المقابل يهملون الطالب الخجول والانطوائي بعض الشيء بل أحيانا قد يستثنونه لمجرد أن مستواه الأكاديمي أقل من المتوسط.


وتتنوع الأنشطة المدرسية، بين أنشطة رياضية وثقافية وفنية ودينية ورحلات علمية وترفيهية، فالطلبة دائما بحاجة إلى أن يخرجوا من روتين الحصص الصفية وزخم المعلومات والواجبات اليومية، كما أن الأنشطة المدرسية تحرر الطالب الخجول من عزلته، إذ تسمح له بالمشاركة والكشف عن ميوله وبالتالي ستتحسن علاقته بزملائه وسيكون قادرا في المستقبل على التعامل بمرونة وسيتمكن من التعبير عن نفسه وتقديمها بثقة للآخر. 


ويحذر الاختصاصي التربوي الأسري الدكتور عايش نوايسة في حديثه لـ "الغد"، من اقتصار الأنشطة المدرسية على الطلبة المتفوقين وأولئك المميزين بشخصياتهم القوية والأكثر ثقة، هو أمر  في غاية الخطورة، حيث يعتبر خطأ كبيرا يزيد فعليا من غربة بعض الطلبة وعزلتهم. 


ووفق نوايسة، فإن الفرص يجب أن تكون متساوية ومتاحة أمام الجميع حتى وإن اختلفت قدرات الطلبة وميولهم، فلكل طالب الحق في المشاركة وليس من حق أحد  أن يحرمه أو يحكم عليه فقط بناء على تحصيله الدراسي. ويشير إلى أن الطالب الانطوائي أو الخجول بحاجة إلى أن يتحرر من عزلته وهنا يأتي دور المعلم الواعي والحريص على مصلحة طلابه، وذلك عندما يدرك أن الطلبة متفاوتون في كل شيء وأن هناك بينهم من يريد فرصة ليتغير ويصبح قويا.


ويكمل نوايسة: "إن المعلم هو الوحيد الذي يستطيع أن يقيم طلبته ويعرف مستوياتهم على اختلافها الأمر الذي سيساعده حتما على وضع كل طالب في مكانه المناسب، وبالتالي سيتمكن الطالب من إبراز إمكاناته وخاصة إذا وجد الدعم الكافي والتشجيع وتم توجيهه بطريقة صحيحة".  وتؤكد المعلمة هبة أبو ذياب، أن الأنشطة المدرسية فرصة جيدة ومقياس حقيقي لقدرات الطلبة جميعهم، فمن خلالها يستطيعون تجاوز الكثير من مخاوفهم وخجلهم ويكونون قادرين على تقوية شخصياتهم استعدادا للحياة الأوسع تلك التي تطالبهم بأن يصقلوا أنفسهم من كل النواحي أكاديميا واجتماعيا وحتى على المستوى الشخصي. 


وتوضح أن الدور الأكبر يقع على المعلم، حيث إن اهتمامه بجميع الطلاب يدفعه لتسليط الضوء على الفئة الأقل مشاركة والأقل ثقة. هو بخبرته يوقظ لدى الطالب روح التحدي والإبداع ويقترب منه نفسيا ويشجعه، فتكون النتيجة أن يشعر الطالب بقيمته وبأن له وجود في الصف فيخرج من عباءة الخجل والخوف والتردد ويصبح فخورا بنفسه وواثقا من قدراته.


ودائما ما تصنع الفرصة الفرق، فالطالب مهما كانت شخصيته، إذا وجد الدعم والحب والاهتمام سينجح ويتميز وسيكون قادرا بعد ذلك على التواصل مع الآخرين وإبداء رأيه بكل صراحة ووضوح وبطريقة مهذبة. أما الطالب المتفوق فأحيانا الاهتمام الزائد به يعلمه الأنانية والغرور ويعتقد أنه وحده الجدير بالمشاركة ولفت الانتباه، لذا لا بد من أن يكون الاهتمام متوازنا ليأخذ كل طالب فرصته.


وتلفت أبو ذياب، إلى أن التفوق الدراسي ليس هو المقياس للمشاركة في الأنشطة وأن الأهل أيضا عليهم مسؤولية تجاه أبنائهم، وذلك بمحاورتهم لهم والوصول إلى ما يحبون من هوايات، إضافة إلى دورهم في تنمية المواهب لديهم ودعمهم وإحاطتهم بالدعم النفسي والمعنوي وإشعارهم بالحب والأمان ليبدعوا. 


وتختم حديثها: "إن المعلم لا ينحصر دوره بالتعليم فقط وإنما هو مرب أيضا وصاحب رسالة يجب أن يؤديها على أكمل وجه". 


ويرى الاستشاري النفسي والأسري الدكتور أحمد سريوي، أن المعلم يلعب دورا مهما جدا في تعزيز ثقة الطلاب بأنفسهم، وذلك من خلال إشراكهم في النشاطات اللامنهجية والمنهجية بطريقة عادلة ومتساوية مراعياً الفروق الفردية بينهم، ولكن بعض المعلمين وللأسف الشديد يستسهلون اختيار الطلبة المتفوقين ذوي الشخصيات القوية والمنطلقة للمشاركة في النشاطات اللامنهجية تحديداً، وهو أمر لا ننكره عليه ولكن قد يكون له الأثر على الطلبة الذين لم تتح لهم الفرصة للمشاركة.


هناك الطالب الخجول والطالب ذو الشخصية التجنبية، وغيرهم ممن يعانون من مشاكل نفسية تمنعهم من الظهور والانطلاق وقلة اختيارهم أو عدمها في بعض الأحيان يفاقم المسألة أكثر واختيارهم أيضاً بطريقة غير صحيحة، إذ إن زجهم في المواجهة بدون طرق مدروسة قد يعطي النتيجة نفسها أو نتائج وخيمة أكثر، فعملية الإشراك يجب أن تراعي الفروق الفردية والنفسية.


لذلك، ووفق سريوي، ينبغي أن يكون هذا الأمر تدريجيا مع دعم نفسي مباشر من قبل المعلم وبعض الطلبة وهذا الدعم يتطلب الصبر على أدائهم ومراعاة مشكلتهم النفسية والاجتماعية والصبر عليهم وصولا للنتائج المرجوة، فالكثير من هؤلاء الطلبة حينما يجدون مثل هذا الدعم ينطلقون بقوة وابداع.

 

اقرأ أيضاً: 

النشاطات اللامنهجية.. "متنفس" للإبداع وتفريغ لطاقات الطلبة