غزة على شفير الهاوية.. فهل من منقذ؟

WhatsApp Image 2024-02-24 at 1.41.28 PM
المدير التنفيذي للشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية (امفنت) د. مهند عبد الفتاح النسور
لم يعد خفيا على أحد ما يحدث في غزة، إذ أصبح المشهد هناك مألوفا في كافة أنحاء العالم، القتل والدمار يحدث كل يوم، والنزوح من مكان إلى آخر عدة مرات طلبا للأمان من الموت أصبح سمة حياة للغزيين، إذ إن ثلاثة أرباع سكان غزة أصبحوا نازحين، ولا زالت عجلة الحرب دائرة حتى فاق عدد الشهداء 27000 وأكثر من 70000 عدد الإصابات بين الغزيين.اضافة اعلان

وإن كل المؤشرات تشير الآن إلى أن الأمور تسير إلى الأسوأ، وأن الحل الوحيد هو وقف القتل والدمار المتعمد الذي يتم دون مراعاة للإنسانية، ناهيك عن جملة من الأخطار التي تفتك بصحة الناجين من أثر العدوان الحالي والمستمر والذي أدى إضافة إلى مجموعة من الأخطار الصحية المباشرة على الغزيين، فقد أدى انعدام الأمن الغذائي نتيجة الحصار إلى تبعات كارثية على صحة الغزيين وخصوصا الأطفال منهم والحوامل والمرضعات، ما أدى إلى ارتفاع حاد في سوء التغذية بين هذه الفئات.

وهذا بات يذكرنا بما عانى منه العالم إبان الحرب العالمية الثانية، إذ إن طفلا من كل ستة أطفال يعاني من نقص التغذية الحاد، أي ما يعادل 16%، و5% من أطفال رفح يعانون من سوء التغذية الحاد، و70% من الأطفال في غزة يعانون من الإسهال الحاد خلال الأسبوعين الماضيين، أي بما يقارب 230 ضعفا مقارنة مع نفس الفترة في السنوات السابقة وهذا الوضع الخطر يشمل كافة أرجاء ومناطق غزة بعد امتداد فترة الحرب الزمنية المستمرة لغاية الآن، ولا نستطيع أن توأمة الجوع وفتك الأمراض السارية التي تشكل حالة خطرة وفتاكة للأطفال والحوامل والمرضعات وكبار السن والغزيين جميعا في المجمل.

وإن التعرض المزمن للجوع يؤدي في النهاية إلى جسم هزيل ضعيف المناعة يكون عرضة للأمراض المختلفة والوفاة في النهاية، وأيضا في حالة الإصابة بالإسهال الحاد يمنع امتصاص المواد الغذائية المهمة للإنسان، وبالتالي يزيد من ضعف المناعة لديه، وهي نتيجة تزيد أيضا من خطر الوفاة.

وإننا نشعر بالأسف بأن نرى أناسا يموتون من الجوع،  يموتون موتا صامتا في هذا الوقت من الحضارة البشرية والقوانين الدولية، وإن هذا بكل ما يحويه من نكسة للبشرية وما يحدث هناك في غزة سيبقى وصمة عار في تاريخ البشرية، ومما يفاقم هذه الكارثة في الوضع الصحي النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب وانعدام شبكة الصرف الصحي نتيجة للدمار الذي طالها، فلم يتبقى إلا خط مياه واحد يعمل بطاقة متواضعة بلغت 47% في ظل توقف جميع محطات تحلية المياه في شمال غزة.

أما بالنسبة للأمراض السارية فهي لا زالت تنتشر وتزداد خطورة وتغولا على الغزيين، فقد سجلت أكثر من 300000 إصابة لالتهاب التنفس الحاد، أما بالنسبة للإسهالات والتهاب الجهازالمعوي فقد سجل حوالي 250000 إصابة نصفها من الأطفال تحت سن 5 سنوات، وهنالك أيضا زيادة مضطردة في الأمراض الجلدية؛ وذلك لقلة المياه النوعية وللاكتظاظات في أماكن الإيواء والنزوح، وكلنا هنا خشية على ما يحدث لبرامج التطعيم الروتينية وتوقفها، ما يشكل خطرا قد تمتد آثاره لسنوات على صحة الأطفال.

ولا نستطيع إغفال تفشي التهاب الكبد A الذي يحدث نتيجة لشح المياه والمواد الغذائية الصالحة للأكل، أما بالنسبة للتبعات الكارثية للنقص في إيصال الوقود الذي يعد أحد أهم المحاور لدورة عجلة الحياة وخصوصا القطاع الصحي فأصبحت واضحة ولا لبس فيها، إذ إن هنالك  12 مستشفى تعمل فقط، 6 في شمال القطاع و6 في جنوبه من أصل 33 مستشفى في عموم القطاع، إضافة إلى ثلاثة مستشفيات ميدانية.

أما بالنسبة للمراكز الصحية فهنالك 7 مراكز عاملة من أصل 23 مركزا صحيا، وهذا كله يحدث بسبب استمرار العدوان والحصار وشح وصول الإمدادات ومنع مؤسسات الإغاثة من تقديم مساعداتها الإغاثية وينذر بازدياد الأرقام في الإصابات والأمراض والوفيات، فهي كارثة إنسانية بامتياز شكلتها الحرب الدائرة في غزة والتي لا نعرف متى ستنتهي، فهل من منقذ؟.