حمودة يوظف صفحاته على السوشال ميديا لدعم المصابين بمتلازمة داون

حمودة يوظف صفحاته على السوشال ميديا لدعم المصابين بمتلازمة داون
حمودة يوظف صفحاته على السوشال ميديا لدعم المصابين بمتلازمة داون

  الطريق لنشر الوعي قد يكون مليئا بالعقبات، لكن الخير يكون دائما في العطاء الذي يمنح القدرة على الاستمرار. والشاب محمد حسني حمودة (33 عاما)، أدرك جيدا أن الحياة عبارة عن فرص لا بد من اغتنامها بكل ما هو مفيد ويحسن من حياة الآخرين، فهو يؤمن بأن الأثر هو ما يبقى، لذلك يختار مسارا مختلفا أكثر إنسانية وحبا وصدقا. 

اضافة اعلان


محمد قرر أن يدخل لحياة الأشخاص من متلازمة داون والتعرف عليهم عن قرب ويكون ملهما لغيره من الشباب في توصيل رسالة إيجابية للمجتمع، مضمونها أن الأمل وقود الإنجاز وأن القدرات حتى لو اختلفت بالإرادة يصبح الصعب ممكنا.


استطاع، بحب، أن يقدم الأشخاص من متلازمة داون بصورة تعكس حقيقتهم وتسمح للناس بالتعرف عليهم كأشخاص مبدعين لهم إنجازاتهم، والأهم من ذلك أنهم كغيرهم لديهم أحلامهم وتطلعاتهم ويجيدون الحب بطريقة حقيقية تكشف نقاءهم وبساطتهم. عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، يحاول محمد نشر الوعي عن طريق فيديوهات تشيع الفرح وتقدم محتوى هادفا وواعيا فيه الكثير من التحدي والثقة والأمل.


وفي حديثه لـ"الغد"، يبين محمد أن توجهه نحو السوشال ميديا كان في البداية من أجل انتقاد محتوى بعض الأشخاص باعتباره غير لائق، ويؤثر على المجتمع والأطفال بشكل سلبي، ورغم أن محتواه هذا لاقى نسب مشاهدة عالية جدا، إلا أن والدته، حسب قوله، لم تكن راضية عنه، لذا رأى أن يغير اتجاهه ويبحث عن فكرة أخرى لمحتواه تغنيه وتمنحه قيمة وهدفا.


محمد أراد أن ينفع مجتمعه ويكون شابا مختلفا بوعيه وبإحساسه، قادرا على توصيل صوت فئة من حقها أن تعيش وتحلم وتحظى بالاحترام، هي فقط تحتاج للاهتمام ولفرصة يستطيعون من خلالها إبراز إمكاناتهم وما لديهم من طاقة على الحب والنجاح.


يقول "قبل عام ونصف تقريبا، وتحديدا عندما كان متواجدا في أحد المطاعم التقى بشخص من متلازمة داون، ما لفته في الموضوع أن الشاب كان يقدم الوجبات للزبائن بابتسامة وحب، وقد كان في قمة نشاطه طاقة متدفقة من الفرح، هذا الموقف جعل محمد يعود بذاكرته للوراء لموقف مشابه جمعه بأحد الشبان، لكن مع فرق بسيط، وهو أن الشاب آنذاك قدم له الوجبة بعصبية وملامح بائسة، الأمر الذي دفعه للاستغراب والتوقف قليلا مع نفسه، وخاصة أن الشاب كان يبدو بصحة جيدة، متسائلا عن السبب الذي يمنع الكثيرين من أن يكونوا سعداء".


ومن هنا، جاءت الفكرة بإنشاء صفحة على "فيسبوك" و"انستغرام" وأيضا "تيك توك" و"يوتيوب" و"سناب تشات"، تتناول جانبا مهما من حياة الأشخاص من متلازمة داون، والتأكيد أنهم يعيشون حياة طبيعية مثلهم مثل أي شخص آخر ليس هناك فرق. وعبر هذه الصفحات وما فيها من صور ومقاطع فيديو تتحدث عن إنجازات هؤلاء الأشخاص، تمكن محمد من تقديم محتوى مفيد، لكن هذه المرة بطريقة جديدة وعفوية، والصدق هو ما يميز المحتوى، فقد نجح محمد في بناء علاقات قوية أساسها الحب والاحترام مع الأشخاص من متلازمة داون، وذلك بعد أن كسب ثقتهم وعرف كيف يلمس دواخلهم بمعزل عن أسلوب الشفقة والاستعطاف ومن دون تنظير.


هو رأى أن التغيير يكون بالإضاءة على قدراتهم وإنجازاتهم، فمنهم الغواص ومنهم حافظ للقرآن، إضافة إلى مواهب أخرى كالطبخ وعمل المسابح والإكسسوارات وتركيب العطور وفي مجالات إبداعية عديدة، لافتا إلى أنه واجه معارضة من قبل البعض في البداية عندما قرر أن يكون محتواه مخصصا للأشخاص من متلازمة داون، فكانت النتيجة أن خسر 35000 متابع، لكن بمجرد نشره الفيديوهات وتقديمهم كأشخاص مبدعين بدأ يلمس تفاعلا كبيرا وبدأ عدد المتابعين يزداد حتى وصل إلى أكثر من 125000.


محمد استند إلى إيمانه وحبه للخير غير مكترث بآراء المحبطين، حيث أحب هذه الفئة ووجد عندها الدفء والسعادة والإنسانية والقدرة على الإنجاز، لذلك لم يتردد لحظة في إنصافهم والدفاع عن حقهم والوقوف ضد من يؤذيهم والتطاول عليهم من قبل المتنمرين. اليوم يصر محمد على أن يبقى داعما لهذه الفئة ومحتضنا لأحلامهم يشاركهم أفراحهم وأمنياتهم يعطيهم من وقته وجهده لأنهم يستحقون ولأنه لا يجد الراحة إلا بينهم.


الرسالة التي يوجهها لكل أب وأم لديهما طفل من متلازمة داون هي احاطتهم بالحب والاهتمام ودعمهم وتقبلهم ومساعدتهم على الاندماج اجتماعيا، فمن حقهم أن يلتحقوا بالمراكز والمدارس وتكون لديهم صداقات مع الجميع، فهم بذلك يصبحون أقوى ولهم وجودهم.


الوصول لمجتمع دامج ومتقبل يحتاج الى تعويد الصغار على رؤية الأشخاص من ذوي الإعاقة ومشاركتهم الأنشطة، لافتا الى أن هذه الفئة متميزة عالميا إذا ما تم توجيهها واستثمار ما لديها من قدرات، مشيرا إلى أن الاحترام مهم أن يبدأ من البيت أولا وأن الثقة التي تمنح للأشخاص من متلازمة داون قادرة على تمكينهم اجتماعيا ومهنيا. 


ويختم محمد حديثه بالقول "لا شيء عبثي في هذه الحياة.. نحن من نخلق سعادتنا بأيدينا، فلنكن صادقين بما نقدمه لغيرنا حتى نحصد الحب والثقة ونشارك في التغيير نحو الأفضل".