"فلسطين قضية مش ترند" مفهوم يعمق القضية الفلسطينية بوجدان الشعوب

Untitled-1
أرشيفية

"فلسطين قضية مش ترند"، عبارة تتردد على منصات التواصل الاجتماعي وفي الجلسات العائلية والحوارات التي تتناول الهجوم الإجرامي من قبل الاحتلال على أهل غزة، تأكيدا أن القضية الفلسطينية لم تغب، وأننا في حرب مستمرة لحين تحقيق النصر والتحرير.

اضافة اعلان


بعد أكثر من 60 يوما من العدوان على قطاع غزة والاعتداءات والاعتقالات المتواصلة في الضفة الغربية، لعل العالم أجمع أدرك أن هذه الحرب لم تبدأ منذ أحداث 7 أكتوبر، بل هي حرب امتدت على مدار 75 عاما من المعاناة والألم.


وفي زمن السرعة والعالم الرقمي، ظن البعض أن التفاعل مع ما يحدث في قطاع غزة هو "ترند" سينتهي بسرعة كغيره، ولكن الحقيقة أن الحكاية لم تبدأ الآن، بل منذ سنين مضت، ولكن ما عشناه في الأيام الماضية عمقها أكثر في الوجدان وفي عقول أجيال اليوم التي ستحمل راية التحرير من بعد.


وحتى لو عاد البعض الى ممارسة حياته بشكل طبيعي، إلا أن القضية الفلسطينية حاضرة بين لحظاتها وفي حوارات الآباء مع الأطفال لترسيخ القضية في العقول، وبما أن هذه الأرض محتلة سيبقى الحديث عنها مستمرا، لتبقى القضية الفلسطينية حاضرة دائما بين الكبار والصغار، فلسطين ليست قضية موسمية.

 

ومن الجانب الاجتماعي، يقول الدكتور محمد جريبيع، إنه لا شك بعد أكثر من 60 يوما من العدوان الصهيوني على غزة، بدأنا نلاحظ أن الشغف بمتابعة أحداث غزة قل الى حد ما نتيجة لطول المدة، ومن جهة أخرى، لا يستطيع الأفراد أن يبقوا دائما متابعين للأحداث ويتركوا مصالحهم الخاصة، لكن الأهم ألا ننسى القضية الفلسطينية.


ويوضح جريبيع، أن القضية الفلسطينية بالنسبة لنا ليست قضية موسمية أو قضية مرتبطة بحالة حرب؛ لأنها في الأساس قضية مستمرة على مدار سنوات طويلة، وكما نعلم فإن هنالك تحولات عديدة أصبحت تمارس على القضية الفلسطينية، وأصبح هنالك مقاومة تستطيع أن تحقق الكثير من الأهداف وتستطيع أن تكشف الوجه الحقيقي لدولة الكيان الصهيوني، وهذه النقطة الأهم التي يجب أن يركز عليها العالم أجمع.


ويعتقد جريبيع أنه من أهم نتائج الحرب القائمة الآن في غزة، أن المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تعيد القضية الفلسطينية الى طاولة البحث، ليس فقط على المستويين العربي والإقليمي، بل على المستوى العالمي.


ويقول "الأهم أننا، كأفراد، ندرك ونعلم تماما أن القضية الفلسطينية هي قضية مصيرية، وهي قضية الشعب العربي والإسلامي، وهي ليست قضية فلسطينية بالمفهوم الضيق بقدر ما هي قضية عربية إسلامية وقضية إنسانية وقضية الشعوب الحرة". ويضيف "يجب أن نعلم أن اهتمامنا بالقضية الفلسطينية ليس مرتبطا بأحداث معينة ولا بمواجهة عسكرية بين المقاومة والكيان الصهيوني بقدر ما هي مواجهة دائمة، والمواجهة ليس عليها دائما أن تكون عسكرية بقدر ما هي سياسية وإعلامية ونفسية واجتماعية، لأن الحروب ما بيننا وبين العدو الصهيوني ليست مؤقتة، وليست فزعات أو "ترندات" حتى نستطيع أن نتعامل معها بقدر ما هي حرب وجودية ندافع بها عن حقنا، وعن الحق العربي والإسلامي والمسيحي بفلسطين".


ويشير جريبيع، الى أننا نستطيع أن نستفيد من هذه الحرب بعوامل عديدة، فمن الأمور التي استفدنا منها، إعادة فكرة الوعي السياسي لدى أطفالنا وشبابنا ولدى الجيل الذي لم يكن لديه المعلومات الكافية عن فلسطين، فالجيل بلحظة ما تغرب عن القضايا العربية والإنسانية وانشغل بمتطلبات الحياة الحديثة وانشغل بالسوشال ميديا، وهذه الحرب أعادت فكرة الوعي السياسي لهم. ويلفت الى أن الجيل الجديد من الأطفال والشباب واليافعين منهم من عاد لقراءة التاريخ من جديد، ولو رجعنا لمحركات البحث الآن لوجدنا أكثرها سيظهر البحث عن القضية الفلسطينية وعن المقاومة الفلسطينية وعن التاريخ الأسود للكيان الصهيوني وما ارتكبته من جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان باتجاه القضية الفلسطينية، وهذا يدل على شيء، ألا وهو أن هذه الحرب أعادت فكرة القضية الفلسطينية من جديد وقفزت الى أولوياتنا وأصبحت قضية وجدانية تتحكم بمشاعرنا وقلوبنا وعقولنا.


ويؤكد جريبيع، أننا لا نطلب من العالم أو المجتمعات العربية أن تترك أعمالها وحياتها وتقف أمام شاشات التلفاز لكى ترى الأحداث الأخيرة، بل نحن نقول إن عليهم ممارسة العمل الذي عليه، لأنه جزء مهم من حياتهم، وهذا تحد لرغبتهم في الحياة والصمود، فكلما نجحوا كانوا واعين للقضية الفلسطينية ولأهمية دورنا بدعم المقاومة الفلسطينية، وهذا جزء من حربنا ضد الكيان الصهيوني.


ويبين أن سير البعض وعودتهم لحياتهم الطبيعية هو وضع طبيعي، لأنها حرب طويلة وصراعنا مع العدو الصهيوني استمر على مدار 75 سنة وسيستمر أيضا الى حين تحرير فلسطين، ولذلك يجب أن تكون هنالك ممارسات لحياتنا الطبيعية لأننا لا نستطيع أن نعطل حياتنا واقتصادنا وتفاصيل الحياة ونشاطنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي نتيجة لهذه الحرب، لأنه يجب أن تكون لدينا ثقة وأن نبقى مؤمنين بعدالة القضية وبقدرة المقاومة على طرحها الدائم للقضية الفلسطينية على أجندة العالم.


ويقول جريبيع "هذه قضيتنا ونحن قد نعود الى حياتنا، ولكن نبقى نمارس أدوارنا بدعم القضية والمقاومة وفضح العدو الصهيوني وفضح جرائمه من خلال السوشال ميديا، ومن خلال الحديث عن القضية الفلسطينية وعن المقاومة والحديث عن الجرائم الصهيونية في جلساتنا الخاصة، فهذا أيضا يثير الوعي ويشكل رأيا عاما داخليا ويعيد التلاحم والاهتمام العربي والدولي بالقضية الفلسطينية".


ومن الجانب التربوي، يبين الدكتور عايش النوايسة، أن هنالك قضايا نعلمها للطلاب وتسمى القيم والاتجاهات، موضحا أن الجانب الذي يتعلق بالقيم والاتجاهات يتعلق بالثوابت، والقضية الفلسطينية هي قضية ثوابت وقيم واتجاهات، ولذلك من جانب التعليم عندما يتعلم الطفل القضايا التي تتعلق بالقيم والاتجاهات والمتعلقة بالثوابت كفلسطين، يتعلم أنها ثابتة وقضية شعب معتدى عليه وأرض محتلة من قبل عدو مغتصب. ويشير نوايسة الى أن تقديمها كمنوذج تعليمي يجب أن يختلف عن الطريقة التي نتعاطى بها اليوم؛ إذ إن هنالك فرقا بين ما نعلمه خلال المنهاج الرسمي وما يتعلمه الأطفال خارج المنهاج الرسمي "المنهاج الخفي" وهو الإعلام، وهو المسيطر الآن، مبينا أنه شئنا أم أبينا، علينا أن نعترف أن المنهاج غير الرسمي "مواقع التواصل الاجتماعي" هو المسيطر على الفكر الآن.


ويفسر نوايسة "اليوم، قد يشرح المعلم لساعات والطفل قد لا يتلقى الفكرة بالقدر الذي يتلقاها عندما يشاهد فيديو أو صورة عبر مواقع التواصل، إذ تكون لديه أكثر رسوخا من الذي تحدث به المعلم أو من عمليات التعليم، ولذلك طرح هذا السؤال: لماذا لا نسخر هذه التقنية لعمل عمليات التعلم والتعليم لثوابت، وبذلك نستغلها ويكون لنا بها رسائل تعليمية؟".

 

ويذكر نوايسة، أن العالم الافتراضي اليوم هو عالم يستخدمه الجميع للتجارة والتسويق، ولذلك لماذا لا نستخدم هذا العالم ذاته لعمليات التعلم والتعليم؟، وأن يكون موجها لهؤلاء الأطفال نحو فلسطين بأنها قضية لم تبدأ اليوم ولم تنته من خلال المقاطعة فقط، بل هو من السلوكيات التي تتواصل وتنصر بها القضية الفلسطينية، ولكن ما يتعلق بالثوابت وعروبة فلسطين وقضيتها هذه يكون على الجانب الإعلامي أن يغطيه، فهنا يأخذ هذا الجانب صفة التعليم، ويصبح جانبا إعلاميا تعليميا".


ويبين أنه في النظم التعليمية هنالك رسائل موجهة، وفي هذه الفترة، الأطفال بحاجة لعمليات التعليم برسائل موجهة من خلال الإذاعة الصباحية في المدرسة ومن المعلمين، ومن خلال تعزيز الأنشطة في المنهاج الرسمي، وبذلك يكون لدينا تركيز أكثر على التعليم الذي يتعلق بفلسطين وتاريخها وعروبتها.


ويؤكد نوايسة، أن دور مواقع التواصل والمدرسة والأسرة يأتي بهذا الترتيب عند الطفل، لذلك يجب أن تتكاتف الجهود معا لترسيخ القضية.


ويشير الى أنه، وللأسف، غابت فلسطين عن التعليم والإعلام لفترة زمنية بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، وهي التي أجبرت على ذلك، ولكن الفرد اليوم بحاجة لأن يستغل هذه الأحداث ويتجه الى التدريس عن طريقة الأحداث الجارية، وبالتالي يتطرق لها ويعرضها ويعلم الأطفال أن فلسطين عربية وجزء من الوطن العربي ولو غابت القضية لكنها ثابتة.


ويلفت إلى أن التساؤلات التي يطرحها أطفال اليوم تثير التفكير الناقد لدى الطفل وتولد لديه الرغبة في المعرفة، لذلك يجب أن تكون الرقابة الأسرية حاضرة لتوجه الطفل وتصحيح أي معلومة خاطئة، فإن دور الأسرة في التوجيه مهم، والأصل أننا من خلال عمليات التعلم والتعليم سواء المنهاج الرسمي أو غير الرسمي، يجب أن يكون هنالك توعية وتوجيه، فهذه فرصة لإعادة التفكير بعروبة فلسطين وعروبة القضية وثوابتها.


ويختتم نوايسة حديثه، مؤكدا أن القضية عادت مع جيل واع وقادر على أن يحقق النصر مستقبلا، ويقول "نحن كنا نظن أن هذا الجيل هو جيل التقنية والسوشال ميديا.. ولكن الحقيقة أن هذا الجيل ذكي ويفكر وقادر على أن يوصل رسائل مهمة تحصد ملايين المشاهدات ويكسب ويغير في الرأي العام ويؤثر من خلال مواقع التواصل، لذلك يجب أن نتعاطى معه بذكاء".

 

اقرأ أيضاً: 

في أحداث غزة.. "اختلاف الرأي يفسد كل الود للقضية"