5 سنوات من التوتر مجموع ما قد يعيشه الإنسان.. فهل هو سلوك مكتسب؟

1697377648945012500
5 سنوات من التوتر مجموع ما قد يعيشه الإنسان.. فهل هو سلوك مكتسب؟

يروي خالد (33 عاما) قصة معاناته مع التوتر والقلق منذ الصغر. فقد نشأ في عائلة كانت تعاني من ظروف عائلية صعبة للغاية. يقول: "لقد عشت طوال حياتي في حالة من التوتر.. ولم أشعر أبدا بالراحة أو الأمان".

اضافة اعلان


عانى خالد من التوتر والقلق في كل مراحل حياته، سواء في المدرسة أو في العمل. فقد كان ذلك يؤثر على تركيزه وقدرته على التعلم والانجاز. واليوم، وبعد مرور سنوات طويلة ما يزال يخضع لعلاج نفسي للتخلص من هذه الحالة التي أثرت عليه ليقرر بذلك إنهاء معاناته النفسية التي رافقته طويلا.

 

لا تذكر تسنيم ( 28 عاما ) يوما مر عليها دون ان يكون شعور التوتر مرافقا لها؛ "لطالما كنت أشعر بالقلق في كل أمور حياتي، حتى في أبسطها. كان هذا الشعور يرهقني ويؤثر على راحتي وقدرتي على حل المشكلات". 


بدأت تسنيم البحث عن طرق للتخلص من التوتر، ووجدت العديد من الطرق الفعالة، والتي كانت بسيطة للغاية، مثل توجيه التفكير لمناطق اخرى اكثر فرحا، وحتى أن سماع الموسيقا التي تحبها، ومشاهدة الدراما الكوميدية، كان يساعدها في محاولة لعيش حياة أكثر راحة.


تضيف: "في مرحلة ما، استسلمت لهذا الشعور وقررت التعايش معه. ولكن مع مرور الوقت، أدركت أن التوتر يؤثر على حياتي بشكل سلبي، فقررت أن أبحث عن طرق للتخلص منه".


اعتقدت أن هذه الطرق لن تفيدها، ولكن قررت أن تجربها. وكانت الطريقة الأولى هي سماع الموسيقا التي تحبها. بدأت تشعر أن توترها ينقص تدريجيا، وأصبحت قادرة على التفكير بشكل سليم ومتوازن.


من منا لم يمر بلحظات من التوتر افقدته السيطرة على نفسه ليلتفت حوله بحثا عن مخرج يقوده إلى الراحة والطمأنينة.. والتوتر النفسي هو رد فعل طبيعي للجسم لأي تغيير يتطلب تكيفاً أو استجابة. ويتفاعل الجسم مع هذه التغيرات باستجابات جسدية وعقلية وعاطفية.


وتتعدد أسباب التوتر النفسي، والتي قد تأتي بأشكال عديدة، وتؤثر على جميع الأعمار ومناحي الحياة. وقد أصبح التوتر جزءًا طبيعيًا من الحياة التي يعيشها الإنسان اليوم، ولكن المهارة هي في كيفية إتقان الفرد لطرق تخفف من حدته وتساعده في التخلص منه.


 وأوضحت إحدى الدراسات التي تمت بواسطة شركة بحوث التسويق المتخصصة في البحث الكمي "OnePoll" على 2000 شخص بالغ في بريطانيا، أن الشخص قد يشعر بالتوتر والإجهاد ما يعادل الـ5 سنوات ونصف في المتوسط طوال حياته.


وكشفت الدراسة أن معدلات التوتر تبلغ ذروتها عند سن الـ36، كما أكدت على أن أسباب التوتر متعددة ومختلفة، قد يكون الإجهاد بسبب العمل، أو التعرض للمشاكل المالية، أو التأخر عن موعد محدد وقد يكون ذلك التوتر بسبب الازدحام المروري، أو عدم إنجاز بعض المهام في وقتها المحدد، أو حتى زيادة الوزن، واضطراب العلاقات الاجتماعية، والأجواء العامة.


ومن الجانب النفسي تبين الاختصاصية النفسية عصمت حوسو انه في ظل الظروف الضاغطة التي حولنا يتمركز التوتر كجزء اساسي من حياتنا اليومية، موضحة أنه ناجم عن الضغوطات والمشكلات وقلة الانجاز وزيادة الاعباء. وهنالك العديد من الطرق للهروب من التوتر اذا كانت الاعراض بسيطة ومتوسطة، بينما الاعراض الشديدة تحتاج لعلاج نفسي، موضحة ان كل شخص لديه نمط من التفكير قد يكون سلبيا يكتسبه من الصغر.


ووفقا لذلك، فإن هنالك الكثير من أنماط التفكير السلبية، والتي يمكننا أن نحولها إلى إيجابية، منوهة الى ان الفكرة السلبية تشحن طاقة الانسان وتتحول لسلوك ولذلك هنالك حاجة لتدريب النفس على مهارات معينة لتخطيها.


وعند مواجهة موقف ضاغط، تنصح حوسو بالتركيز على الحل، واللجوء للرياضة والاكل الصحي وتمارين الاسترخاء فهي تعيد التوازن الكيميائي للجسد وتساعد على افراز هرمونات السعادة التي تخفف حدة التوتر والالم. 


والنقطة الاهم للحصول على الطاقة هي "كيف يركز الفرد على الوقت الحاضر؟" بحسب حوسو، وان يقنع نفسه ان الماضي انتهى والمستقبل غير مضمون وما علينا أن نعيشه هو اليوم، ويساعد في ذلك اتقان تمارين الحواس الخمس. الفرضية الأساسية لهذا التمرين هي إعادة الاتصال بجميع الحواس وقد يفصل الانسان لوهلة عما يؤرقه في اللحظة الحالية، مما يضع حدا للأفكار التي تسيطر عليه وهي تقنية ذهنية قصيرة تبطئ من معدل التنفس وتقلل من سرعة النبض، وتسمح للجسم بمعرفة أنه لا يوجد ما يخشاه. 


الى ذلك، التركيز على سماع موسيقا يحبها الشخص او رؤية مناظر جذابة أو تناول طعام يحبه وبهذا يركز على أمر يحدث الآن ويعيشه وهذا التمرين يساعد على التركيز بما بين يديه والاستمتاع به.


وتضيف حوسو ان التركيز على الطبيعية يساعد الانسان وتقول "حياتنا اصبحت صناعية وعالم رقمي ولذلك فإن التواصل مع الطبيعية يساعد في تخفيف التوتر" واذا كانت الاعراض شديدة فقد يتأثر الدماغ وهنا يجب التوجه الى المختص النفسي لتلقي العلاج.


ومن الجانب التربوي يبين الدكتور عايش نوايسة ان الاسرة مطالبة بأن توفر اجواء وبيئة مريحة للاطفال، والتخفيف من حدة التوتر التي قد يمرون بها، واذا كان الطفل يتوتر من الاختبارات او الضغوطات المتعلقة بالدراسة ينبغي مساعدته من خلال التفكير بطريقة الهرم المقلوب وبذلك يعيدون طريقة تفكيره في المشكلة او المسببات التي تتعلق بالتوتر. 


ويقول نوايسة "الانسان ابن بيئته"، وسلوك التوتر هو "سلوك مكتسب" وفي بعض الاحيان يرى الطفل كيف يتعامل الأهل مع مشكلة او قضية ما، واذ كان الجو العام للاسرة "متوترا"، فمن الطبيعي أن ينعكس هذا على شخصيته وسلوكياته وتواصله مع الآخرين.


ويشدد نوايسة ان الأسرة يجب ان تساهم في المساعدة وقلب الهرم واعادة التفكير في اي مشكلة وتحد يواجه الطفل وبذلك تعليم الابناء على نمطية التفكير التحليلي وكيفية التعامل مع اي موقف.


ويؤكد نوايسة أهمية ان تعزز الاسرة من السلوكيات التي تقاوم التوتر وتعكس سلوكيات الحياة الايجابية التي تعتمد على التعاضد والتواصل ما بين الاهل والابناء مما ينعكس على المحيط الاجتماعي.


ويختم نوايسة حديثه بأن حياة الانسان في الطفولة هي التي تشكل شخصيته وسلوكياته ولذلك اذ كان هذا السلوك في بيئة طبيعية تنبذ التوتر والعصبية وتوفر للطفل الحياة الايجابية التي تساعده على التفكير التحليلي وكيف يتعامل مع المشكلات سينعكس ذلك على مستقبله.

 

اقرأ أيضاً:  

كيف تتأثر علاقة الشريكين بضغوط الحياة؟