مسار الهيدروجين الأخضر في مؤتمر المناخ


يعتبر الأردن أول بلد نام يبني أنظمة رصد وإبلاغ وتحقق وبنية تحتية رقمية متكاملة لتتبع تخفيضات الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة والاتجار فيها، وذلك ضمن مسار رائد للتصدي لأزمة المناخ. حيث أعدت وزارة البيئة الإستراتيجية الوطنية طويلة الأمد لمقاومة تغيرات المناخ وتخفيض الكربون لتحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول 2050، حيث تواصل المملكة عملها الجاد لضمان أمن الطاقة وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة بالتزامن مع العمل المناخي الفعال القائم على تحقيق النتائج والانجاز.

اضافة اعلان


من المتوقع ان يوفر مؤتمر المناخ «»COP28 فرصة كبيرة للأردن في تطوير مشاريع الاستدامة، وتحفيز الاستثمارات المناخية في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، وزيادة قدرات الطاقة المتجددة. حيث يمكن للمملكة إنتاج أكثر من نصف مليون طن من الهيدروجين الأخضر والامونيا عام 2030 من خلال جذب استثمارات تتجاوز 20 مليار دولار تعمل على تطوير سلاسل الإمداد في قطاعات المياه والطاقة والموانئ، والوصول لإنتاج 3 ملايين طن في عام 2050، مما سينعكس على خلق أكثر من 50 ألف فرصة عمل تماشيا مع رؤية المملكة الاقتصادية 2033.


قطاع الطاقة يواجه ضغوطا متزايدة متوازية مع تركيز نقاشات التغير المناخي العالمية على ضرورة الحد من الاحتباس الحراري العالمي إلى 1.5 درجة مئوية، حيث تشير «بلومبرغ» أنه إذا أردنا أن يكون لدينا أي أمل في الوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول 2050، يجب أن تتضاعف الاستثمارات الخضراء السنوية ثلاث مرات تقريبا إلى 7 تريليون دولار بحلول 2030. وسيشمل ذلك استبدال الحكومات والشركات والمستهلكين معظم أسطول العالم من المركبات للعمل بالطاقة الكهربائية والهيدروجين، وبناء محطات شحن لتلك المركبات، واستبدال الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري بالرياح والطاقة الشمسية والامونيا، مع وجود شبكات جديدة لربطها جميعا.


إن بناء منظومة الطاقة المستقبلية تتطلب تسريع نطاق العمل وتوحيد الجهود على جانبي العرض والطلب معا، وتنظيم العلاقة بين صانعي السياسات، ومنتجي الطاقة، والمستهلكين والصناعيين، ولذلك تتسابق الحكومات لتعزيز دورها في إنتاج الهيدروجين الأخضر وسط تبني عدد من الدول سياسات وخطط وطنية لدعم صناعة الهيدروجين الأخضر، وبث الاستثمارات الضخمة في بدائل الطاقة المتجددة على خلفية المساعي العالمية الطموحة لمكافحة التغير المناخي.


قدر الاتحاد الأوروبي أن استراتيجيته للهيدروجين الأخضر يمكن أن تخلق ما يصل إلى مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة بحلول عام 2030 وما يصل إلى 5.4 مليون وظيفة بحلول عام 2050، من خلال إنشاء فرص اقتصادية جديدة في عدة قطاعات مثل النقل والصناعة وتوليد الطاقة والتدفئة. ويحظى الشرق الأوسط بمكانة متفردة، تساعده على أن يصبح منطقة رائدة في المستقبل في إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون؛ ما يجعله الوجهة المثالية للشركات العالمية الراغبة في استكشاف الفرص المتاحة في تلك الصناعة الحيوية.


وبحسب «Wood Mackenzie» فإن المنطقة يمكن أن تصبح لاعباً رئيسياً في صناعة الهيدروجين الأخضر، وأن تشكل الطاقة المتجددة نحو 15 % من مزيج الطاقة في المنطقة بحلول نهاية العقد. وهنا تظهر قدرة الأردن لاعتماد الهيدروجين الأخضر كجزء رئيسي من مزيجها الطاقوي، حيث تعتبر المملكة رائدا في السباق نحو الطاقة النظيفة، من خلال امتلاكها للمصادر الطبيعية الوفيرة بطاقتي الشمس والرياح، والمساحات الشاسعة من الأراضي غير المستخدمة، وموقعها الجغرافي المميز، بالإضافة إلى بنيتها التشريعية المتطورة والتزامها بتقليل انبعاثات الكربون، وبالتالي تتمتع بميزة تنافسية كبيرة في مجال الهيدروجين الأخضر.


ما يزال هناك عدد من التحديات التي ربما تقف في طريق تحقيق ريادة المنطقة في صناعة الهيدروجين الأخضر حسب مركز «إنترريجونال»، أهمها تطوير استراتيجيات وطنية، والحاجة إلى تطوير البنية التحتية للصناعة، وتحفيز الطلب المحلي، وتطوير رأس المال البشري والتكنولوجيا وصياغة استراتيجيات تعاون مشتركة وتعزيز ربط أسواق المنطقة بالأسواق الأوروبية والآسيوية وإنشاء أنظمة شهادات موثوقة وشفافة لتعزيز ثقة المشتري.

 

بينما تستعد الدول لقمة «COP28» المقرر عقدها في تشرن الثاني (نوفمبر) المقبل في دبي، فإن العالم لديه الفرصة لرسم مسار انتقالي يعالج أكثر من 14 عاما من الوعود التي لم يتم الوفاء بها، خصوصا تمويل المناخ، ومن المرجح أن يحتل التمويل مركز الصدارة مرة أخرى في المفاوضات، وتحقيق هدف الصندوق الأخضر السنوي البالغ 100 مليار دولار، وكذلك إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، مع إعطاء الأولوية للتكيف. حيث قدّرت شركة التأمين السويسرية العملاقة «سويس ري» (Swiss Re) أنَّ الاحتباس الحراري الشديد يمكن أن يقتطع 23 تريليون دولار سنويا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهذا المبلغ ما يزال أكثر من 7 تريليونات دولار أو نحو ذلك التي يتطلب انفاقها من العالم لتجنبها.

 

للمزيد من مقالات الكات انقر هنا