كويللو: بهرتني قصص ألف ليلة وليلة وتأثرت بكتاب "النبي" لجبران في كل حياتي وأعمالي

كويللو: بهرتني قصص ألف ليلة وليلة وتأثرت بكتاب "النبي" لجبران في كل حياتي وأعمالي
كويللو: بهرتني قصص ألف ليلة وليلة وتأثرت بكتاب "النبي" لجبران في كل حياتي وأعمالي

روائي عالمي في حوار خاص لـ "الغد" 

تغريد الرشق

عمان- يشكل باولو كويللو ظاهرة في عالم الأدب باقتحامه عقول القراء حول العالم عبر كتاباته البسيطة والتي تشكل خيوطا من التواصل والفهم التمبادل بينه وبينهم لشدة بساطتها وتلقائيتها..

اضافة اعلان

كويللو الذي ابتعد عن التعقيد ايمانا منه بأن ما يصعب على القارئ فهمه هو ليس ابداعا يرى أن الابداع الحقيقي ينبع من هذه البساطة التي تجعل القارئ يشعر وكأن شخصيات الروايات هم أشخاص مشابهون له من ناحية الأحاسيس والحب والخوف والنظرة الى الحياة والمحاولة المستمرة لفهمها.

عمل كويلو المولود في العام 1947 كمخرج مسرحي وممثل وصحافي كما اختص في كتابة كلمات الأغاني لمغنيين معروفين في البرازيل قبل أن يتجه الى تأليف الروايات.

لم يستسلم كويللو عندما اصدر اول كتبه والذي لاقى فشلا ذريعا في العام 1982، بل استمر في المحاولة حتى بعد فشل كتابه الثاني، مصرا على النجاح والتحدي الذي لم يبرح مكانه في قلب هذا الكاتب المتمرد. واخيرا وصل الى مبتغاه عندما اصدر رواية "الخيميائي" وهو على مشارف الأربعين  من عمره، والتي حققت مبيعات خيالية، وصلت الى 30 مليون نسخة حول العالم إضافة الى أعماله التي ترجمت الى 67 لغة ومن اشهرها: "على نهر بيدرا جلست وبكيت" (1994) و"الجبل الخامس" (1996) و"فيرونيكا تقرر ان تموت" (1998) و"احد عشر دقيقة"(2003)و"ساحرة بورتوبيللو" (2006).

* بداية, دعنا نسأل لماذا أنت متأثر بدرجة كبيرة بأجواء الشرق عموما، وبالارث العربي خصوصا؟

- أنا دائما أملك اعجابا متأصلا وكبيرا بالثقافة العربية، كطفل ..ابهرتني  قصص ألف ليلة وليلة كما كان لها تأثير قوي جدا علي.

 لاحقا تأثرت بأعمال جبران خليل جبران كما انني تبنيت أحد كتبه "رسائل حب من نبي". وماازال الى اليوم اعتبر كتاب النبي لجبران من أهم الكتب التي اثرت في كل حياتي وفي أعمالي.

حاليا، اكتب أعمدة أسبوعية في عدد من الصحف والمجلات والدوريات حول العالم واحاول من خلالها أن اطرح قصصا من ثقافات مختلفة. وليس من الصعب ابدا ايجاد قصص من الثقافة العربية بما انكم رواة  قصص رائعون.. تقدمون فيها قيمكم وآراءكم المستوحاة اغلبها من أعمالكم الأدبية والشعرية.

* "عندما تريد شيئا فإن العالم بأسره سيتآمر لتحقيقه" هل قد وجدت أسطورتك الشخصية أو حلمك؟ وهل تؤمن أن أي شخص سيجد حلمه؟

- من المهم انك طرحت هذه الأسئلة.. لأنني كتبت مقالا عما احسست به بعد نشر كتابي الأخير "ساحرة بورتوبيللو" ..فقد كنت في (ليزبون) قبل ساعات قليلة من طرح الكتاب في البرتغال واميركا اللاتينية، وفيما كنت امشي في شوارع هذه المدينة الرائعة، وأفكر باللحظة التي سيلمس فيها أول قارئ الكتاب على رفوف المكتبات.

كنت متشوقا وادركت انني ما زلت قادرا - بعد نشري لكتب كثيرة-  بذات الشعور الذي احسست به عند اصدار كتابي الأول "الحاج" .

بالطبع مع توفر النجاح، الأبعاد تغيرت.. لكن الشعور الداخلي المتمحور حول مشاركة روحي مع الآخرين، يبقى موجودا. انا أعيش الحلم الذي حلمته في شبابي ولكني لا أرى هذا الحلم كشيء له نهاية. ما دمت قادرا على أن أحيا وأحب وأفكر، فإن البريق سيبقى.

* أنت تحاول اقناع الناس أن يكونوا سعداء وأن يمتلكوا أرواحا وعقولا حرة، بعيدا عن أي معتقدات مضللة، وفي الوقت ذاته تعلم القراء ان يؤمنوا بالاشارات الغيبية، لأنك تركز على هذه النقطة في كتاباتك وتقول ان الاشارات الغيبية كانت دليلك في معرفة الطريق الصحيح. أليس في هذا بعض التناقض؟

- لا أرى أي تناقض، فحين نعود لجملة "عندما تريد شيئا فإن العالم بأسره سيتآمر لتحقيقه" يجب أن تبقي في بالك ان بعض الناس لا يريدون شيئا حقا أو يريدون اشياء لن تساعدهم، الكون ما هو إلا صدى لرغباتنا التي قد تكون بناءة أو هدامة.

يجب أن يبقي المرء في باله ايضا، الفرق بين الحلم والهوس. وهو ذات الفرق الذي يكمن بين الأسطورة الشخصية وبين "الزهير"، عندما تلاحق أسطورتك الشخصية تمشي في طريقك وتتعلم منه، لا يعميك الهدف عن الطريق الذي تمشيه، من الناحية الأخرى فإن الهوس هو ما يمنعك من الاعجاب بما تعلمك اياه الحياة.. انه كمحاولة الوصول لهدفك من دون المرور بالتحديات.

ادركت انه بالرغم من الخوف وجروح الحياة يجب أن يبقى الإنسان يحارب من أجل حلمه كما يقول "بورج" في كتاباته "لا جرأة اكثر من ان تكون شجاعا" ويجب أن يفهم المرء أن الشجاعة ليست هي غياب الخوف ولكنها القوة في الاستمرار برغم الخوف.

*هل تنظم أفكارك وتدونها قبل البداية في الكتابة؟

- أدبي هو نتاج لـ"التناقض" اكثر مما هو نتاج للمنطق، التناقض هو التوتر الذي يسكن روحي، تماما كما يحدث عندما تستعمل القوس لترمي سهما... فهذا التناقض يكون شبيها بوتر القوس إما أن يكون مشدودا أو مرتخيا.

أعلم انه من المهم ان يمتلك الانسان قيما في الحياة ولكني كنت دائما منقادا للغموض وعدم الوضوح...لأن الحياة ليست أرقاما واحصائيات بل هي مثل موج البحر في مده وجزره تماما.

أنا اسمح لنفسي بالكتابة كل عامين فقط، لأنني اشعر انني جمعت طاقة كافية من المشاعر والأحاسيس لأخرج برواية.

كلما اكتب قصة جديدة اجرب واختبر مشاعر واحاسيس الموت والولادة من جديد، عندما اكتب أكون امرأة حبلى من الحياة.. ولا اعرف كيف سيكون شكل وليدي.

دورة الحمل هذه هي التي تأخذ عامين، فخلال هذا الوقت لا اخذ ملاحظات ولا اخطط، كل ما اعرفه أن الحياة وضعت بداخلي بذرة ستنمو عندما يحين الاوان ثم عندما يأتي الوقت المناسب اجلس واكتب .. كل حركة مبدعة تتطلب احتراما للغموض وانا احترم الغموض من دون أن احاول فهمه.

*هل تروي رواية "الزهير" قصة باولو كويلو الشخصية ومشوار حياته مع زوجته، فهناك تشابه واضح بين أحداث الرواية وشخصية البطل وبينك؟

- ليس لدي معادلة جاهزة عندما أهم بكتابة رواية جديدة ولكن هناك دائما العديد من العناصر التي تتحكم في ذلك ومنها الانضباط والتعاطف والرغبة المخلصة والحقيقية في أن افهم نفسي.

عندما ابدأ برواية جديدة احاول الاقتراب من نفسي من زاوية مختلفة ففي "الخيميائي" مثلا حاولت أن اوضح لنفسي ماذا تعني الكتابة بالنسبة لي، والطريقة التي وجدتها كانت عبر "الوصف والتشبيه".

في رواية "احدى عشرة دقيقة "بدأت بسؤال: لماذا يعتبر الجنس من القضايا الرئيسية في الحياة؟ ولكن كانت لدي شكوك لهذا يتساءل بطل الرواية: هل صحيح ان العالم قد يتمحور حول احدى عشرة دقيقة؟

 تحدثت كثيرا في الكتاب عن العلاقات الجنسية ولكن في النهاية اشك في أن العالم يتمحور حقا حول الجنس.

في كتابي الأخير "ساحرة بورتوبيللو" اردت اكتشاف الجانب الأنثوي من الالوهية اردت استكشاف الغوص في قلب الأم (الأرض).

من جانب آخر وفي رواية "الزهير" هناك نوع من اللقطات السريعة المأخوذة من حاضري الآن ككاتب مشهور..الرواية تفيض بالتعليقات عن ماذا يعني ان تكون غنيا ومشهورا؟ وعن طبيعة الزواج والمسؤولية الملقاة على الكاتب. ولكنها لا تمت بأية صلة لزواجي فأنا اعيش حياة زوجية رائعة مع زوجتي نفسها منذ 28 عاما واتمنى ان ابقى معها حتى أموت.

* كتابك الأخير "ساحرة بورتوبيللو" نشر على الانترنت وباستطاعة اي كان ان يقرأه كاملا. ما هدفك من نشره بهذه الطريقة؟ ألا تظن أن نشره بالمجان على الشبكة العنكبوتية سيؤثر على مبيعات نسخ الكتاب المطبوعة؟

- أنا متأكد أن الانترنت له تأثير ايجابي على نسبة مبيعات الكتاب لأن القارئ يستطيع بالمجان أن يجد نص الكتاب كاملا وهذا برأيي يساهم في زيادة التشويق المحيط بأعمالي.

تأثير الانترنت مذهل في هذا المجال فهو يفسح للناس المجال لمعرفة معلومات وثقافات لا متناهية. وهذا بالمقابل يغذي فضول القراء ويدفعهم للذهاب للمكتبة وشراء الكتاب أو أي كتاب آخر.

لا اظن ان القرصنة هي تهديد حقيقي للكتب كما هو الحال في الموسيقى مثلا. الناس يحبون الحصول على الشيء بيدهم.

* نعود مرة أخرى لرواية "ساحرة بورتوبيللو" .. والتي من المنتظر أن نشاهدها فيلما..هذه هي المرة الأولى التي توافق فيها على ان تتحول احدى رواياتك الى فيلم ..ما الذي غير رأيك؟

- قررت العام الفائت أن انشر ثلث هذه الرواية بعدة لغات بحيث يتسنى للقراء من حول العالم قراءة اول عشرة فصول كما يستطيعون اضافة تعليقاتهم الخاصة.

كانت تجربة رائعة في مجال التفاعل بيني وبين قرائي..لذا قررت هذا العام ان اوسع مساحة التواصل مع القراء عبر دعوتهم لنقل الرواية الى الشاشة الكبيرة.

فأي قارئ كان يستطيع ان يقدم تصوره لمشاهد الفيلم او موسيقاه ضمن موعد نهائي انتهى قبل أيام.

 * باولو كويللو هو السفير الأوروبي للحوار الثقافي بين الشعوب للعام 2008 .. ماذا يضيف هذا المنصب لمهمتك في الحياة؟ وكيف تنوي ان تترك اثرا في قضية الحوار بين ثقافات العالم المختلفة؟

-  تشرفت بمنحي هذه الفرصة. كل سفير هو فنان بحد ذاته. وفي كل ما نفعله يجب أن نركز على ان الطريقة الوحيدة لخلق بيئة تنعم بالسلام هو عبر الفن. كما أن الاتحاد الأوروبي لديه خطط محددة لتطوير عملنا معا.