مجتمع عسكريتاري: تشوهات التاريخ والواقع في أسس الهوية الإسرائيلية (2 - 3)

1706007058821098000
دمار أحدثه القصف الإسرائيلي في غزة، 2023 - (أرشيفية)

كريس هيدجز؛ وميكو بيليد - (تقرير كريس هيدجز) 2024/1/12

 

ميكو بيليد: بينما يموت ذلك الجيل (الذي شهد نكبة 1948)، فإن كلا من الإسرائيليين الذين ارتكبوا الجرائم، والفلسطينيين الذين كانوا ما يزالون على قيد الحياة في ذلك الوقت ونجوا، ينفتحون ويكشفون عما في صدورهم، ويروون المزيد والمزيد من القصص.‏
                        *   *   *
وهكذا نحن نعرف عن الكنائس التي كانت مليئة بالمدنيين وأحرقت. نعرف عن مسجد في اللد كان مليئا بالناس وذهب شاب وأطلق صاروخا من نوع "فيات" في داخله.

اضافة اعلان

 

كل هذه القصص المروعة ما تزال تظهر ويُكشف عنها النقاب، لكن الإسرائيليين لا يهتمون؛ الإسرائيليون لا يستمعون

 

وكلما كان هناك هجوم على غزة –كما تعرف جيدا، بدأت هذه الهجمات في الخمسينيات مع أرييل شارون، بالمناسبة– فإن هناك دائما سببا للهجوم.

 

 

في البداية لأنهم متسللون، ثم لأنهم إرهابيون، والآن يُطلق عليهم اسم "حماس"، ومهما كان اسم الشيطان، فإن هناك دائما سببا وجيها جدا للذهاب والدخول إلى هناك، لأن هؤلاء هم أناس تربوا على الكراهية والقتل وما إلى ذلك.

 

إنها رواية متماسكة ومنسوجة بإحكام تتم إدامتها ولا يبدو أن لدى الإسرائيليين أي مشكلة في ذلك.‏


كريس هيدجز‏‏: ومع ذلك يجري القيام بأعمال وحشية. الاحتلال –أعداد هائلة، مليون إسرائيلي موجودون في الولايات المتحدة الآن. هناك أعداد كبيرة من الإسرائيليين غادرت البلاد.

 

وأتساءل كم من هؤلاء هم أناس لديهم ضمير ونفروا مما رأوه في الضفة الغربية وغزة. ربما أكون مخطئًا في ذلك.‏


ميكو بيليد‏‏: لا أعرف. في اللقاءات القليلة التي جمعتني مع إسرائيليين في الولايات المتحدة على مر السنين، الغالبية العظمى تدعم إسرائيل، وتدعم تصرفات إسرائيل.

 

ومن المثير للاهتمام أنك ذكرت هذا لأنني تلقيت بريدا إلكترونيا من شخص يمثل مجموعة من خريجي المدارس النهارية اليهودية.

 

وهذه مدارس صهيونية منتشرة في جميع الولايات حيث يقومون بتلقين أسوأ أنواع الصهيونية: الصهيونية العلمانية.

 

وهم الآن يشعرون بالفزع من التلقين العقائدي من أجل الخدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي.

 

لقد نشأت نسبة عالية جدًا من هؤلاء الطلاب بهذه الطريقة، وذهبوا إلى إسرائيل، وانضموا إلى جيش الدفاع الإسرائيلي، وشاركوا في مناسبات (إيباك)، وما إلى ذلك.

 

والآن ينظرون إلى الوراء ويفكرون ويعتريهم شعور بالغضب لأنهم مروا بكل هذا وكذبوا طوال حياتهم حول هذا الموضوع.‏


‏إذن، هذا تطور مثير للاهتمام. وإذا نما هذا الاتجاه، فإنه ربما يغير قواعد اللعبة لأن هؤلاء هم اليهود الأميركيون الأكثر ولاءً.

 

الأكثر ولاءً لإسرائيل. ولكن بشكل عام، الإسرائيليون الذين ألتقي بهم، مع استثناءات قليلة، يدعمون إسرائيل وهم هنا لأي سبب من الأسباب التي تجعل الناس يأتون إلى أميركا: إنهم ليسوا فريدين، وليسوا بالضرورة هنا لأنهم سئموا أو لأنهم غاضبون، أو منشقون أو معارضون بأي طريقة أو شكل.

 

حول العاصمة وماريلاند، هناك العديد من الإسرائيليين. في بعض الأحيان تجلس في مقهى أو تذهب إلى مكان ما، وتسمع المحادثات، وليس هناك نقص في الدعم لإسرائيل بين هؤلاء الإسرائيليين بالقدر الذي يمكن أن أراه.


كريس هيدجز‏‏: فلنتحدث عن الجيوش. كنت في وحدة النخبة في "القوات الخاصة".

 

حدثنا عن هذا التلقين. أتذكر أنني زرت أوشفيتز قبل بضع سنوات، وكانت هناك مجموعات إسرائيلية وأشخاص يرفعون الأعلام الإسرائيلية.

 

ولكن حدثنا عن هذا الشكل من التلقين العقائدي وعلاقته، على وجه الخصوص، بالهولوكوست.‏


ميكو بيليد‏‏: الأسطورة هي أن إسرائيل هي رد على الهولوكوست. أن "جيش الدفاع الإسرائيلي" هو رد على المحرقة. يجب أن نكون أقوياء؛ يجب أن نكون مستعدين وراغبين في القتال؛ يجب أن تكون لدينا دائمًا بندقية في اليد أو سلاح في اليد حتى لا يحدث هذا مرة أخرى.

 

والملفت هو أنك عندما تتحدث إلى الناجين من الهولوكوست الذين لم يتم تلقينهم؛ الذين لم ينجرّوا إلى الصهيونية –وهم كثيرون جدا في الحقيقة—فإنهم يقولون أن الفكرة القائلة بأن الدولة العسكرية هي بطريقة ما الرد على الهولوكوست هي فكرة سخيفة، لأن الجواب على الهولوكوست ينبغي أن يكون التسامح والتعليم والإنسانية، وليس العنف والعنصرية.

 

ولكن لا أحد يريد أن يدمر أسطورة جيدة ومفيدة بالحقائق الواقعية. هذه هي القصة.‏


‏القصة هي أنه بسبب أو شفيتز، نحن نمثل كل أولئك الذين قتلوا ولقوا حتفهم على يد النازيين، وما إلى ذلك، وبالتالي نحن نحتاج إلى أن نكون أقوياء.

 

العلم الإسرائيلي يمثلهم، والجيش الإسرائيلي يمثلهم. إنه شيء غريب؛ إنه جنون مطلق.

 

لقد ذهبت للخدمة في الجيش عن طيب خاطر، كما يفعل معظم الشباب الإسرائيليين.

 

في بيئتي، لم يكُن يُسمع عن الرفض أو عدم الذهاب للخدمة، على الرغم من وجود بعض الأصوات في البرية التي كانت ترفض وتشكك في أخلاقية ذلك. لكنني لم أفعل أبدًا.

 

ولم يفعل أحد من حولي حتى بدأت التدريب وبدأت المشاركة في الدوريات. أتذكر –ربما تحدثنا أنا وأنتَ عن هذا ذات مرة– أننا كنا وحدة مشاة؛ وحدة مشاة كوماندوز.

 

وفجأة أعطونا الهراوات وتلك الأصفاد البلاستيكية وقيل لنا أن نقوم بدوريات في رام الله.‏


وفكرت وأنا ذاهب، ما الذي يحدث بحق الجحيم؟ ما الذي نفعله هنا؟ ثم يقال لنا أنه إذا نظر إليك أي شخص بطريقة لا تعجبك، فإن عليك أن تكسر كل عظمة في جسده. وفكرت، الجميع سينظرون إلينا؛ نحن قوات كوماندوز تسير عبر المدينة.

 

من هو الذي لن ينظر إلينا؟ كنت في الوراء. لم أكن أدرك أن الجميع فهموا بالفعل أن هذا هو حال الأمور، هكذا يفترض أن تكون الأمور. فكرتُ، انتظِر، هذا خطأ. لماذا نفعل هذا؟ يُفترض أن نكون نحنُ الأخيار هنا.‏


‏‏ثم كان هناك غزو لبنان في العام 82 وما شابه. وهكذا كُسر هذا الشيء في ذهني، كان ذلك صدعًا خطيرًا حدث في جدار الإيمان وجدار الوطنية الذي كان في داخلي.

 

لكنَّ كل هذه الفكرة برمتها عن أن كونك عنيفًا، وعسكريتاريًا وعنصريا بطريقة ما؛ أن تكون غازيًا هو بطريقة ما رد على أهوال الهولوكوست، هي جنون مطلق.

 

لكنكَ عندما تكون مشاركا وفي الداخل لا أحد من حولك يطرح الأسئلة. وأنت لا تطرح الأسئلة أيضًا إلا إذا كنت على استعداد لأن تتفرَّد وتتعرض للصفع على رأسك.‏


كريس هيدجز‏‏: داخل الجيش، داخل الجيش الإسرائيلي، كيف كانوا يتحدثون عن الفلسطينيين والعرب؟‏


ميكو بيليد‏‏: الخطاب، الكراهية، والعنصرية هناك مرعبة. قبل كل شيء، هم الحيوانات. إنهم لا شيء. إنه شيء أشبه بمزحة، كما ترى، إنه شيء مفزِع.

 

يعتقدون أن من الممتع إيقاف الناس وسؤالهم عن هويتهم ومطاردتهم ومطاردة الأطفال وإطلاق النار عليهم. كل شيء يبدو وكأنه ترفيه، أترى؟ لم أكن قد سمعت أبدًا عن هذا الخطاب إلا عندما أصبحتُ فيه.

 

ثم بعد ذلك، عندما كنت ألتقي بالإسرائيليين الذين خدَموا (في الجيش)، حتى هنا في الولايات المتحدة، والطريقة التي يمزحون بها حول ما فعلوه في الضفة الغربية، والطريقة التي يمزحون بها حول قتل أو إيقاف الناس أو إجبارهم على خلع ملابسهم والرقص عراة، إنه كله ترفيه.‏


‏إنهم يعتقدون أنه شيء مضحك. إنهم لا يرون أن هناك مشكلة هنا لأن العنصرية متأصلة فيهم منذ سن مبكرة لدرجة أنها تكاد تكون عضوية.

 

لا أعتقد أن هذا مستغرب أو مفاجئ. عندما يكون لديك مجتمع عنصري، ويكون لديك نظام تعليمي عنصري منهجي للغاية، فإن هذا هو ما تحصل عليه.

 

والعنصرية لا تتوقف عند الفلسطينيين أو العرب؛ إنها تذهب إلى السود، وتذهب إلى الأشخاص الملونين، وتذهب إلى اليهود أو الإسرائيليين الذين يأتون من بلدان أخرى ذات بشرة داكنة، لسبب ما.

 

العنصرية تعبُر كل هذه الحدود وهي كلها بالكامل جزء من الثقافة.‏


كريس هيدجز‏‏: لديك القليل جدًا من الانتقادات التي تتوجه إلى الجيش الإسرائيلي، ولا شيء تقريبًا في الصحافة الإسرائيلية، على الرغم من وجود قدر كبير من الانتقادات في الوقت الحالي، لنتنياهو ولسوء إدارته وفساده.

 

حدثنا قليلاً عن تأليه الجيش الإسرائيلي في الخطاب العام ووسائل الإعلام الرئيسية وما يعنيه ذلك لما يحدث في غزة.‏


ميكو بيليد‏‏
: حسنًا، الجيش فوق القانون. إنه فوق الشبهات -إلا في بعض الحالات من وقت لآخر.

 

لذلك بعد حرب 73، تم إجراء تحقيق. والآن، كان هناك، في وقت سابق من هذا الأسبوع، كان هناك اجتماع لمجلس الوزراء... يجتمع مجلس الوزراء كل يوم أحد. وكان رئيس أركان الجيش هناك وكان... تم تسريب هذا من اجتماع مجلس الوزراء. تم تسريب أن بعض الشركاء الأكثر يمينية -من المضحك أن نقول شركاء اليمين لأنهم يشكلون جميعا هذا الجنون اليميني في مجلس الوزراء الإسرائيلي -لكن المستوطنين الأكثر يمينية في مجلس الوزراء كانوا يهاجمون الجيش؛ كانوا يهاجمون رئيس الأركان لأنه قرر، على ما أعتقد، بدء تحقيق؛ كان الأمر كارثيًا لأنه عندما جاء المقاتلون الفلسطينيون من غزة، لم يكن هناك أحد في المنزل. وقد استعادوا أكثر من نصف بلادهم. استولوا على 22 مستوطنة ومدينة إسرائيلية.‏


استولوا على القاعدة العسكرية للواء غزة، الذي من المفترض أن يدافع عن البلد من حدوث هذا بالضبط. لم يكن هناك أحد في (المكان)... واستولوا على القاعدة. لذلك بدأ (رئيس الأركان) تحقيقًا داخليًا داخل الجيش، وهم ينتقدونه، وما تراه في الصحافة الإسرائيلية الآن هو شيئان مثيران للاهتمام: الأول هو أن شيئا ما حدث خطأ بشكل فظيع ونحن في حاجة إلى معرفة السبب، وإنما يجب أن ننتظر لأننا لا ينبغي أن نفعل هذا في زمن الحرب.

 

لا ينبغي أن ننتقد الجيش في زمن الحرب. يجب ألا نجعل الجنود يشعرون وكأن عليهم التراجع لأنهم إذا احتاجوا إلى إطلاق النار، يجب السماح لهم بإطلاق النار.

 

والشيء الآخر الذي نراه هو أنه من الناحية السياسية، الجميع يأكلون بعضهم البعض. إنهم يقتلون بعضهم البعض سياسيًا في الصحافة. لذلك كل من يعارض نتنياهو ويريد أن يمارس معارضته يقوم بمهاجمته.‏


وجماعته يهاجمون الآخرين لمهاجمتهم الحكومة. أعني أن هناك هذا الشلل الكامل، الذي يبدو أنه ينشأ نتيجة لهذا الاقتتال الداخلي الذي يؤثر على الأداء الوظيفي للدولة كدولة. الإسرائيليون لا يعيشون في البلد، وإسرائيل ليست الدولة التي كانت عليها قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر)، لقد أصيبت بالشلل لعدة أسابيع، والآن ما تزال مشلولة من نواح كثيرة.

 

لديك صواريخ تأتي من الشمال؛ لديك صواريخ تأتي من الجنوب. لديك أعداد كبيرة جدًا من الجنود الإسرائيليين الذين يُقتلون والآلاف الذين يصابون والحرب لا تنتهي. إنهم غير قادرين على هزيمة الفلسطينيين في غزة؛ المقاومة المسلحة، وما إلى ذلك.‏


‏وهكذا، كل هذا يحدث وتقرأ الصحافة الإسرائيلية وهي مثل هذه البالوعة التي تُخرج الفقاعات والفقاعات، والمزيد من الفقاعات، والجميع يهاجم الجميع.

 

والجيش، كما قلتَ، هذا صحيح، إنه فوق الشبهات والتوبيخ في الغالب الأعم، ولكن من وقتٍ لآخر، مثلما قلتُ، هذه المرة بالذات كان المستوطنين غاضبون جدًا. وثمة سبب آخر هو أن الجيش قرر سحب بعض القوات البرية، وهو أمر مفهوم، لأنهم يتعرضون لضربة شديدة.

 

أتذكر أن هذا حدث من قبل عندما انسحب الجيش من غزة، كانوا يتعرضون للهجوم بسبب وقف القتل، بسبب عدم استمرارهم في عمليات القتل الجماعي للفلسطينيين.‏


كريس هيدجز‏‏:
حسنا، ماذا كان لديك ؟ 70 قتيلا من لواء جولاني كما أعتقد؟ وتم سحبهم. هذه وحدة نخبوية للغاية.‏


ميكو بيليد‏‏: نعم، إنه شيء مثير للاهتمام للغاية لأن العديد من الضحايا هم من كبار الضباط. لديك عُقداء ومقدمون وقادة رفيعو المستوى في القوات الخاصة الإسرائيلية يُقتلون. وعادة ما يقتلون في عناقيد كبيرة لأنهم يكونون في ناقلة جنود مدرعة أو يسيرون معًا.

 

في جنين قبل بضعة أيام، فجروا مركبة عسكرية وقتلوا مجموعة من الجنود. لذلك، يحكُّ الإسرائيليون رؤوسهم، ولا يعرفون ما الذي يحدث بحق الجحيم وماذا يفعلون، لأنهم أولاً وقبل كل شيء، لم يكونوا محميين كما كانوا يعتقدون.‏


‏وأنا متأكد من أنك تعرف هذا، المستوطنات الإسرائيلية، الكيبوتسات، المدن في الجنوب المتاخمة لغزة...

 

كلها تتمتع ببعض من أعلى مستويات المعيشة بين الإسرائيليين. إنه أسلوب حياة جميل. إنه دافئ، إنه رائع.

 

الزراعة هي... لا أعتقد أنه خطر ببالهم أبدًا أن الفلسطينيين سيتجرأون على الخروج من غزة ويقاتلون وينجحون بالطريقة التي فعلوها. وذلك الجيش، أعني أن الجيش كان مفلسًا.

 

كان غير موجود، وجهاز المخابرات كان مفلسا، ولم يكن أي شيء يعمل. وهذا يذكرنا بما حدث في العام 1973.

 

أعني أن هذا أسوأ بكثير، لكنه يُذكِّر بما حدث. لا أعتقد أنه من قبيل المصادفة أن هجمات 7 تشرين الأول (أكتوبر) كانت بالضبط بعد 50 عاما ويوما واحدا من بدء حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 وقد انهار النظام بأكمله. هذا هو ما نراه الآن.‏


كريس هيدجز‏‏: كيف تقرأ ما يحدث في غزة، عسكريًا؟‏


ميكو بيليد‏‏: حسنا، الفلسطينيون قادرون على الصمود وقتل العديد من الإسرائيليين. حتى على الرغم من أن الإسرائيليين لديهم القوة النارية ولديهم الخدمات اللوجستية، من الواضح أن امتلاكهم سلاسل التوريد ليس مشكلة.

 

في حين أن الفلسطينيين، لا أعرف من أين يحصلون على الإمدادات. لا أعرف من أين يحصلون على الطعام حتى لمواصلة القتال. إنهم يقومون بوضوح بمقاومة شرسة.

 

لا أعتقد أن هناك، من الناحية العسكرية، استراتيجية هنا. أعني، هذا الانتقام. هذا الذي يحدث يحدث فقط لأن إسرائيل تعرضت للإذلال، وتعرض الجيش للإذلال، وكان عليهم أن يفرغوا غضبهم بمهاجمة أحد ما، حتى لو لم يفعل شيئا.‏


وهكذا، وجدوا أضعف الضحايا الذين يمكنهم وضع أيديهم عليهم؛ وهؤلاء هم المدنيون الفلسطينيون في غزة. ولذلك يقتلونهم بعشرات الآلاف. لا أعتقد أن أحدًا يصدق شيئًا اسمه التخلص من "حماس".

 

لا أعتقد أن هناك أي شخص يعتقد أن هذا ممكن حقًا. لا أعتقد أن هناك أحدًا يأخذ على محمل الجد أو يصدق أنه يمكنك إخراج الكثير جدًا من الناس من غزة وتوزيعهم في جميع أنحاء العالم وفي أماكن أخرى، حتى على الرغم من أن هذا هو ما يقولونه.

 

ولكن طالما سُمح لإسرائيل بأن تقتُل، وطالما لم تنقطع سلسلة التوريد، فإنهم سوف يستمرون في القتل.


كريس هيدجز‏‏: وهم أيضا يخلقون أيضا أزمة إنسانية، بطبيعة الحال. الأمر لا يقتصر على مجرد إلقاء قنابل والقذائف فقط، إنه الآن يتعلق بالتجويع. الإسهال وباء، والصرف الصحي مدمَّر.

 

أتساءل عند أي نقطة ستصبح هذه الأزمة الإنسانية واضحة بحيث يكون الخيار حقًا أمام الفلسطينيين هو إما أن تغادر أو تموت.‏


ميكو بيليد‏‏: هذا هو السؤال الكبير دائمًا بالنسبة للفلسطينيين. والشيء المحزن هو أن الفلسطينيين يوضعون دائمًا في هذه المواقف حيث يتعين عليهم اتخاذ هذا الخيار. إنه أسوأ أشكال الظلم وغياب العدالة.

 

وأنت تعرف هذا، لقد كنتَ في مناطق الحرب. لا نعرف كم هو عدد الجثث المدفونة تحت الأنقاض وما الذي سيجلبه ذلك. هناك مئات الآلاف الآن من الذين يعانون من جميع أنواع الأمراض نتيجة لهذه الكارثة البيئية.

 

وكما تتذكر، ماذا كان ذلك؟ 2016 أو شيء من هذا القبيل، 2017؟ أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا قال أن غزة ستكون بحلول العام 2020 مكانًا غير صالح للسكن. لا أعتقد أن قطاع غزة كان صالحا للسكن في أي وقت.

 

كان دائما كارثة إنسانية منذ إنشائه في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات لأنهم فجأة ألقوا بكل هؤلاء اللاجئين هناك من دون بنية تحتية وكان هذا كل شيء، ثم شرعوا في قتلهم.‏


وإذن، هذا سؤال مهم، وكنتُ أتحدث إلى بعض الناس قبل أيام: كأميركيين، كدافعي ضرائب، ألا نريد من الأسطول السادس الموجود في البحر الأبيض المتوسط؛ الأسطول السادس للبحرية الأميركية، أن يساعد الفلسطينيين؟ أن يقدم الدعم لهم؟ أن يُنشئ منطقة حظر جوي فوق هؤلاء الأبرياء الذين يجري ذبحهم؟ أعني، كأميركيين، أليس هذا هو الطبيعي، ألا ينبغي أن يكون هذا هو المطلب الطبيعي؟ الرغبة الطبيعية في مطالبة سياسيينا بفعله؟ لأن السفن البحرية الأميركية سبق وأن استُخدمت لأسباب إنسانية من قبل.

 

لماذا لا يقومون بدعم الفلسطينيين؟ لماذا لا يقدمون لهم المساعدات؟ لماذا لا يساعدونهم على إعادة البناء؟ لماذا تذهب دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لمواصلة هذه الإبادة الجماعية بدلاً من إيقافها ومساعدة الضحايا؟‏ (يُتبع)


*كريستوفر لين هيدجز Chris Hedges (18 أيلول (سبتمبر) 1956 -): هو صحفي أميركي ومؤلف ومعلق. يكتب عمودًا أسبوعيًا في موقع "شيربوست" Scheerpost ويستضيف البرنامج الحواري، "تقرير كريس هيدجز"‏‏The Chris  Hedges Report‏‏ على ‏‏شبكة الأخبار الحقيقية‏‏. ‏عمل في بداية حياته المهنية ‏‏كمراسل حربي‏‏ مستقل في ‏‏أميركا الوسطى‏‏ لصحيفة "‏‏كريستيان ساينس مونيتور"‏‏، ‏‏و"محطة الراديو الوطني"، و"دالاس مورننغ نيوز".

 

‏‏ عمل مراسلاً ‏‏لصحيفة "نيويورك تايمز"‏‏ من العام 1990 إلى العام 2005،‏‏ وشغل منصب رئيس مكتب ‏‏التايمز‏‏ في الشرق الأوسط ورئيس مكتب ‏‏البلقان‏‏ خلال ‏‏الحروب في يوغوسلافيا السابقة.


‏*ميكو بيليد‏‏ Miko Peled: ناشط إسرائيلي أميركي ومؤلف ومدرب كاراتيه، من مواليد العام 1961. وهو مؤلف كتابيّ "‏‏ابن الجنرال: رحلة إسرائيلي في فلسطين‏‏"، الذي نشر في العام 2012، وكتاب "‏‏الظلم: قصة مؤسسة الأرض المقدسة الخمسة‏‏"‏‏، الذي نشر في العام 2017.

 

وهو أيضًا متحدث دولي معروف.‏ أصبح مدافعًا عن فكرة إقامة حوار إسرائيلي مع ‏‏منظمة التحرير الفلسطينية‏‏. وأدان الجيش الإسرائيلي لسيطرته على ‏‏الضفة الغربية‏‏ ‏‏وغزة‏‏ ‏‏وسيناء‏‏ ‏‏ومرتفعات الجولان‏‏، واصفا الحرب بأنها "حملة للتوسع الإقليمي".


*نشر هذا الحوار تحت عنوان: The IDF's War Crimes Are a Perfect Reflection of Israeli Society

 

اقرأ المزيد في ترجمات:

 

مجتمع عسكريتاري: تشوهات التاريخ والواقع في أسس الهوية الإسرائيلية (1 - 3)

مجتمع عسكريتاري: تشوهات التاريخ والواقع في أسس الهوية الإسرائيلية (2 - 3)

مجتمع عسكريتاري: تشوهات التاريخ والواقع في أسس الهوية الإسرائيلية (3-3)