ابتسامات تشرق وسط الدمار: فعاليات ترفيهية تضمد جراح أطفال غزة

1708259309758944400
فعاليات ترفيهية تضمد جراح أطفال غزة

وإن كان فرحا مؤقتا، لكن شباب وفتيات حاولوا وضع ضمادة الأمل على الجراح النازفة، وزرع بسمة ضائعة بين براثين الحرب الشرسة والدموية التي طالت في طريقها البشر والحجر.

اضافة اعلان

 

كانت تلك اللحظات استراقا للفرح، ومحطة سعادة يحتاجها الصغار الذين ذاقوا الألم نتيجة الخوف والفقدان وآلام الجراح جراء القصف الذي لا المتوقف.

 

مبادرات شبابية وشخصية الهدف منها إعادة بعض أشكال الحياة إلى المناطق المنكوبة بالحرب، حيث توزع مئات من الشباب في قطاع غزة في سبيل نشر السعادة والابتسامة على وجوه الأطفال الذين تعرضوا لصدمات نفسية وأخرى جسدية جراء حرب الإبادة التي ما تزال عجلتها دائرة لتتآكل الفرحة في قلوب الأطفال الباحثين عن الحياة الآمنة.


عشرات من المبادرات الفردية والجمعية التي نظمها متطوعون، وأخرى مدعومة من الهلال الأحمر الفلسطيني، والجمعيات الخيرية العاملة في القطاع، على الرغم من قلة الدخل والدعم، إلا أنها ساهمت بصنع الفرح ولو لبضع ساعات عبر فعاليات وفقرات ترفيهية تُسعد الأطفال وتساهم في التخفيف من التبعات النفسية التي عايشوها منذ ما يزيد عن أربعة شهور، ومنهم من فقد عائلته أو أحد افرادها.


وما بين الخيام ومناطق النزوح، خرجت مجموعة من المتطوعين بفكرة فريدة وهي "سيرك ترفيهي للأطفال"، بل أن اللافت أن الكبار كانوا يسارعون إلى المشاركة للتخفيف من معاناتهم ومحاولة الخروج من دائرة التفكير ولو للحظات، وكانت فكرة السيرك قائمة على تقديم مجموعة من العروض الترفيهية للأطفال،
هذا العرض الذي أٌقيم سابقا، كان من ضمن تلك الفعاليات والتي اعتبرها القائمون عليها بأنها "إسعاف أولي نفسي للأطفال"، بحسب الناشط القائم على تنظيمها، الذي يرى ان ظاهر هذه العروض الترفيهية تبدو للتسلية، ولكنها في حقيقة الأمر هي دعم ومساندة وإسعاف نفسي ضروري للأطفال في ظل ما يعانونه من ظروف حرب قاسية جداً، وبدت آثارها واضحة على العيان.


والفريق الذي يقدم فقرات السيرك للأطفال، هم في الأساس باتوا نازحين مع عائلاتهم، ولكن شعورهم بكونهم قادرين على أن يكونوا جزءا من هذا الدعم، دفعهم إلى الوقوف بجانب الأطفال وذويهم ومحاولة خلق أجواء ترسم البسمة ولو لساعات قليلة، والتي قد تنتهي بفاجعة جديدة يستيقظون عليها في كل حين.


وقد يشاهد المتصفحون لمئات الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد رقص وغناء و"دبكة" يقودها أحد الشباب ليتبعه عشرات الأطفال في إحدى ساحات مدارس الإيواء، أو بين الخيام وفي الساحات الآمنة إلى حدٍ ما، لتكون تلك إحدى المبادرات الفردية التي يقوم بها مجموعة من الشباب لاستنهاض روح الفرح والأمل لدى الأطفال، الذين يسارعون لترديد الأغاني الوطنية التي تتغنى بحبهم للحياة والوطن والأمل بالعودة إلى بيوتهم ومدراسهم وإعادة بنائها من جديد.


وتنقل تلك الصور ومقاطع الفيديو لحظات تدافع الأطفال لحضور أي فعالية يتم تنظيمها ولو بشكل سريع، كونهم يفتقدون لتلك الفعاليات التي غابت تماماً بسبب ظروف الحرب، وغياب المدارس والجمعيات والأنشطة، لذا، يعمد الكثيرون أن يكونوا مبادرين لدعم الأطفال وإن كان بأقل التكاليف والمستلزمات.


الناشط الاجتماعي على مواقع التواصل الاجتماعي والمقيم في غزة، أحمد حجازي، وقف كذلك جنباً إلى جنب بجانب المتطوعين في محيطه، خاصة الآن في مدينة رفح، أكبر مكان يأوي نازحين من مختلف قطاع غزة، حيث عمد إلى نصب خيمة وتزويدها بشاشة تلفاز وتوفير الكهرباء اللازمة لذلك، وكتب على الخيمة "سينما المخيم"، وقال إنه قرر مع أحد اصدقائه أن يستغل إحدى الخيام ويحولها لمكان يجتمع فيه الأطفال لحضور مجموعة من البرامج ومسلسلات الكرتون الخاصة بالأطفال، خاصة أن الأطفال لم يشاهدوا هذه المسلسلات لفترات طويلة منذ بداية الحرب بسبب انقطاع الكهرباء.


أحد الأطفال عند سؤاله عن شعوره، بادر بالجواب "أنا مبسوط قد البحر"،  دلالة على انبساطه وفرحه بالرغم من تواضع الفكرة التي قام بها حجازي، ليظهر الفيديو فيما بعد استهداف أماكن قريبة من الخيمة التي فيها سينما المخيم وخوف الأطفال واضطرارهم إلى الخروج منها والعودة لذويهم.


كما قام حجازي بمرافقة مجموعة من أصدقائه المتطوعين باستغلال الأسلاك المقطوعة جراء القصف وإعادة ربطها وتركيبها بطريقة آمنة، ليستغلها الأطفال، والكبار أحياناً، في التسلق عليها والتمرجح، بهدف التسلية البسيطة جداً، ولكن لا بد لها من أن تُضحك الأطفال واليافعين وعائلاتهم ولو لدقائق قليلة.


وفي توصيفه لأحد المشاهد، كتب أحد الغزيين عبارة "أطفال غزة يحبون الحياة ما استطاعوا إليها سبيلا، بعد أن أرفق ذلك بفيديو لعدد كبير من مئات الأطفال في إحدى مدارس النزوح، وفي إحدى الليالي الباردة تتوسطهم نار متواضعة للتدفئة، بينما يقومون بمرافقة أحد الشباب المتطوعين بالغناء بصوت مرتفع وبفقرات بسيطة جداً ويرددون للوطن أغنية "جنة جنة الله يا وطنا"، في دلالة على الحب والتمسك والحاجة إلى من يوجههم نحو أبسط أشكال التسلية المتاجحة في ظل الحرب الشرسة.


كما وصف أحد المتطوعين في جمعية وجدان الخيرية في غزة ما قام به مع عدد من المتطوعين من فقرات ترفيهية ضاحكة للأطفال بأنها طريقة لإسعادهم ودعمهم عبر "فعاليات وأنشطة تفريغ نفسي"، خاصة أن هؤلاء المتطوعين يعايشون ما يعانيه الأطفال من خوف ورعب بسبب ما يحدث حولهم في كل يوم، وأن مساعدتهم في التفريغ واللعب ما هي إلا إحدى أبواب الدعم والمشاركة المجتمعية في القطاع "المنكوب".


كما قام خلال الفترة الماضية قسم الصحة النفسية في مستشفى غزة الأوروبي بتنظيم فعاليات ترفيهية للمصابين والنازحين وللأطفال منهم ومرافقيهم، للتخفيف عنهم في ظل العدوان المتواصل على قطاع غزة، عبارة عن نشاط ترفيهي تنشيطي في ساحة المستشفى للأطفال النازحين والناجين من القصف، تضمن نشاطا تعريفيا وألعابا ومسابقات وتوزيع بعض الهدايا الرمزية.


فيما تضمنت الفعاليات الأخرى كذلك أطفالا مصابين وآخرين نجوا من قصف مباشر لمنازلهم وتم علاجهم عن طريق التفريغ بالرسم وتمرين التعبير عن المشاعر والاستماع لهم ولقصص رسوماتهم، بالإضافة إلى جلسات علاج فردي لبعض الناجين من الحرب.


ومن خلال تقرير فيديو مصور، نشرت إحدى المواقع الإحبارية تقريرها الخاص حول مجموعة من الفعاليات تحت توصيف أن "أطفال غزة يكسرون وحشة النزوح والحرب بالرقص والرسم، من خلال ما قدمه متطوعون من عروضا ترفيهية للأطفال في مستشفى بدير البلح وسط قطاع غزة، وشهدت فعاليات "التفريغ النفسي" إقبالا كبيرا من الأطفال بلهفة واندماج وشاركوا في أنشطة متنوعة كالرسم على الوجه والرقص على أنغام الموسيقى المبهجة ما أخرجهم للحظات من الواقع"، كما جاء في التقرير.

 

اقرأ أيضاً: 

"دمنا واحد" فعاليات تضامنية مع الأشقاء في غزة بجبل اللويبدة

فعاليات التضامن تدعم الصمود والمقاومة بغزة وتندد بجرائم الاحتلال

فعاليات الغضب تواصل تأكيد التضامن مع غزة ورفض مخططات التهجير الصهيونية

أشكال التضامن تتنوع وتجتمع على مواصلة دعم الأهل بغزة

بين الاحتجاج والمبادرات.. مواطنون يواصلون التضامن مع غزة