الملكة تفضح انحياز الغرب للاحتلال وتعري سردية اللون الواحد أمام العالم

1699292125347085900
جانب من آثار القصف الهمجي على غزة أمس-(وكالات)

لم تلتزم جلالة الملكة رانيا العبدالله الصمت، حيال ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي في حربه الوحشية على قطاع غزة، ورفعت صوتها عاليا لتعري هذا التحدي السافر للإنسانية، أمام انتهاكات الاحتلال للمعايير الإنسانية والقوانين الدولية، بقتل الفلسطينيين في غزة، وتدمير مساكنهم ومشافيهم ومدارسهم ومساجدهم وكنائسهم، ومرافقهم الحياتية، وتهجيرهم في أرضهم، بنية تهجيرهم إلى خارجها، وحرمانهم من الماء والوقود والغذاء. 

اضافة اعلان


وتجلى ذلك في حوارات أجريت مع جلالة الملكة رانيا في قنوات وشبكات تلفزيونية واسعة الانتشار في العالم، تحدثت فيها بوضوح وصراحة، عما يرتكبه الغرب في انحيازه السافر لقوات الاحتلال الوحشية بما ترتكبه من جرائم إبادة جماعية في غزة.


كما فضحت في هذه الحوارات، الصورة التي يحاول الاحتلال جاهدا الظهور فيها، وديعا، مسالما، بينما قتل خلال شهر في حربه على غزة، آلاف الفلسطينيين، نصفهم من الاطفال والنساء، والنصف الآخر من المدنيين، بينهم صحفيون وأطباء وممرضون وعاملون في منظمات دولية.  


وفي هذا النطاق، أكد سياسيون ومتابعون أن جلالة الملكة، تمكنت في مقابلاتها الأخيرة من تعرية رواية الاحتلال التي يتبناها الغرب وينحاز لها، دون أن يأبه بما يزعمه من قيم تتعلق بالحقوق والقوانين الانسانية والدولية، وكشفت في حديثها الواضح والمباشر والمستند على سردية حقوق الانسان التي يتغنى بها العالم الغربي دائما، حجم الانتهاكات التي انبنت عليها سردية المحتل والغرب المزيفة، والتي لا ترى إلا ما تريده في علاقتها مع الشرق والإسلام، وفي تعامله مع القضية الفلسطينية.


وبين الخبراء أهمية المقابلات التي خاطبت فيها جلالة الملكة العالم، لتدحض عبرها رواية الاحتلال وسندها الغربي، في سياق يعي تماما سردية اللون الواحد، المشحونة بالاستعلاء والاستكبار والزيف، لتوضح للمجتمع الدولي، بأن هناك سردية مضادة لسردية المحتل، تفضح انتهاكاته وزعمه بأنه مظلوم، وجرائمه غير المسبوقة. 


وقدمت جلالة الملكة رانيا العبدالله، للرأي العام الغربي، حقائق مستندة على أرقام ووقائع، تكشف فيها زيف ادعاءات الاحتلال وآلة الإعلام الغربي المنحازة له، بنفي حق الفلسطينيين في الحرية واستعادة أرضهم وحقوقهم. 


كما كشفت حجة الاحتلال بأنه حارس للقيم الغربية الحرة، وسط منطقة لا تؤمن بهذه القيم، لتدين بذلك هذا التزوير، وما ينبثق عنه من مفاهيم مضادة للعقل في منطقة تأسس وعيها على العقل، مثل معاداة السامية والإسلاموفوبيا، وقالت إن "معاداة السامية، أصبحت سلاحا لإسكات أي انتقاد لإسرائيل".


وكانت جلالتها أجرت مقابلة في برنامج "عن بعد" مساء أول من أمس، مع الإعلامية بيكي أندرسون على شبكة "سي إن إن" الأميركية، حول أحداث السابع من الشهر الماضي، كما سبق وأجرت في الشهر نفسه مقابلة مع الإعلامية كريستيان أمانبور على الشبكة ذاتها، أشارت فيها إلى تصنيف منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والدولية، إسرائيل على أنها "نظام فصل عنصري".


وتعرضت جلالة الملكة بعد المقابلة الأولى، لهجمة إعلامية شرسة في وسائل التواصل، كما كان رئيس وزراء الاحتلال السابق نيفتالي بينيت، انتقد تصريحاتها في مقابلة التقاه فيها الإعلامي البريطاني بيرس مورغان، وزعم بأن جلالتها لم تقل الحقيقة "عندما اتهمت إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري"، موضحا بأن ذلك "أمر مؤسف".


العين د. مصطفى الحمارنة، قال إن "جلالة الملكة ارتكزت في لقائها على سرديّة حقوق الانسان والقيم الانسانيّة العليا التي يتغنى بها الغرب"، مبينا أن لقاء جلالتها، أسهم بتعرية رواية الغرب الرسمية، والذي كان يتغنى دائما بحقوق الانسان، ويحاول فرضه على العالم، لتثبت بأنّه لا يؤمن بها حقيقة، لا بل إنه عاد ليطرح نفسه كمستعمر غربي.


ووصف حمارنة الهجمة التي تعرضت لها جلالة الملكة، بـ"الهجمة العنصرية الممنهجة"، اذ لم يحتمل الاحتلال، سماع رأي مخالف لما يسرد من روايات يصدرها إلى العالم، لتبرير عدوانه الهمجي على غزة.


العين ووزير الإعلام السابق د. محمد المومني بين أنّ جلالة الملكة في مقابلتها الأخيرة، تحدثت بلغة أردنية واضحة، وأكدت أن السلام وليس الحرب والقتل، هو ما سيحقق الأمن لإسرائيل، داعية العالم لمساءلة نفسه: كيف وصلنا إلى هذا الكم من القتل والكراهية؟ وكيف يمكن تجنب كل هذه الكراهية في المستقبل؟ مستنهضة الإنسانية فينا، والتي يجب أن تكون نبراسا لكل حر وشريف في شتى أصقاع العالم. 


وقال المومني، إن جلالة الملكة، بينت أن انتقاد الاحتلال وحربه العدوانية على قطاع غزة، ليس معاديا للسامية، فاليهود في كثير من دول العالم، ضد ما يحدث في كيان الاحتلال، ويدينونه، معلنين عن إداناتهم بالمسيرات الحاشدة والتصريحات، مذكرة بأن المسلمين والعرب والمسيحيين واليهود، عاشوا لقرون بسلام في المنطقة، وإن ما يحدث ليس نزاعا دينيا، بل سياسي، يرتبط بجرائم حرب ضد المدنيين العزل في غزة.


وزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة، أشار إلى أن ما نجح به الاحتلال منذ الساعات الأولى لعملية "طوفان الأقصى"، صناعته رواية مزيفة لما حدث، حاول فيها صنع حلف غربي يسانده، وقد التأمت فيه حكومات ورأي عام هناك، وقدم نفسه على أنه ضحية لأعمال تنظيم فلسطيني له سلوك "داعش" في القتل والاغتصاب وتقطيع الرؤوس، وأوجدت بشكل منظم رابطا قويا في أذهان الرأي العام الغربي بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" و"داعش"، بل وحتى مع النازية، واقتربت رواية الاحتلال من قضايا تثير مخاوف الغرب، والمراحل الدموية التي عايشها كتفجير برجي نيويورك وعمليات "داعش" و"القاعدة" في أوروبا، وما جرى في مدينتي الموصل العراقية والرقة السورية.


وأضاف أن ما تفعله جلالة الملكة، هو سعي منظم لنقض رواية المحتل، والحديث في القضايا التي تؤثر على مواقف الرأي العام الغربي في أوروبا وأميركا، بخاصة ما يتعلق بالغزيين، الضحية الأهم للعدوان الوحشي للمحتل، وأيضا فك الارتباط بين معاداة السامية، وهذا مبرر يستخدمه الاحتلال لمواجهة خصومه في أوروبا والعالم، ورفض وإدانة أفعاله الإجرامية بحق الفلسطينيين والمستشفيات ودور العبادة.


ورأى المعايطة، أن هناك ثغرة كبيرة في عمل الجانب العربي تجاه الرأي العام العالمي، وحتى الدول في الغرب، وجلالة الملكة، تحاول فعل شيء مؤثر لسد هذه الفجوة، والتركيز على عدوانية الاحتلال، وجوهر القضية الفلسطينية وتفاصيلها وجذرها، وبأنها قضية شعب له حقوق وليس تنظيما إرهابيا.


وفي حديث جلالة الملكة رانيا في مقابلة (عن بعد)، قالت إن "معاداة السامية أصبحت سلاحا لإسكات أي انتقاد لإسرائيل"، مبينة "نحن المسلمون علينا أن نكون أول من يدين معاداة السامية؛ لأن الإسلاموفوبيا هي الوجه الآخر للمرض نفسه".


وأضافت جلالتها، "لدينا تاريخ طويل من التعايش السلمي، لذلك، الأمر لا يتعلق بالدين بل بالسياسة"، موضحة أن "ما رأيناه في الأعوام الأخيرة، هو استخدام تهمة معاداة السامية كسلاح لإسكات أي انتقاد لإسرائيل".


وقالت جلالتها "لذلك فإن المدافعين أو المؤيدين لإسرائيل الذين لا يستطيعون الدفاع عن تصرفاتها أو سلوكها، يلجأون لإنهاء الحوار عبر المساواة بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية"، مؤكدة "أن تكون مؤيدا للفلسطينيين، لا يعني معاداة السامية".


وتساءلت جلالة الملكة "كم مزيدا من الناس يجب أن يموتوا قبل أن يستيقظ ضميرنا العالمي؟ أم هل هذا أمر لاغ عندما يتعلق بالفلسطينيين؟"، مطالبة بدعوة "جماعية" لوقف إطلاق النار في غزة، واصفة الوضع في القطاع بـ"الكارثي".


واعتبرت جلالة الملكة رانيا أن "بعضهم يدعي بأن وقف إطلاق النار سيكون لفائدة حماس"، مبينة "أنهم بهذه الحجة يتجاهلون، لا بل في الواقع، يدعمون ويبررون موت الآلاف من المدنيين، وهذا أمر مستهجن من الناحية الأخلاقية، كما أنه يدل على قصر نظر وهو غير عقلاني".


ولفتت جلالتها إلى أن "السبب الأساسي لهذا الصراع، هو الاحتلال غير المشروع (..) وانتهاكات روتينية لحقوق الإنسان، ومستوطنات غير قانونية، وتجاهل لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي. إذا لم تتم معالجة هذه الأسباب الجوهرية، فيمكنك قتل المحارب، لكن لا يمكنك قتل القضية".


يشار هنا إلى أن تحليلا معمقا مبنيا على أدوات الاستماع الرقمي، حمل عنوان "حرب الروايات على وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام الرقمي في حرب غزة"، كان قد كشف بأنّ لجاناً رقمية متخصصة تمركزت في الهند، دعمت رواية الاحتلال عالمياً، لتتفوق على التعاطف العالمي والرواية العربية في الأسبوع الأول من أحداث قطاع غزة، لكن الأسبوع الثاني شهد انقلاباً في الموازين، بعد وقوع مجزرة مستشفى المعمداني، لتصبح الرواية الفلسطينية أكثر انتشاراً وتصديقاً من تزييف الاحتلال الإسرائيلي الذي كان قد أقنع العالم في الأسبوع الأول.


وبين التحليل الذي نفذه "معهد السياسة والمجتمع" بالتعاون مع "مكانة 360"، بعد رصد وسائل التواصل والاعلام الرقمي بين 7 الى 20 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بأن لجانا رقمية في الهند، كانت تتفاعل مع رواية الاحتلال بصورة منظمة، وتضعها في صدارة الإحصائيات، ما انعكس على نشاط منظم آخر في أوروبا وأميركا الشمالية، لكن الجمهور العربي تمثل لهذا العمل المنظم، ما ولد مجالاً عاماً مقابلاً، قلب موازين الرواية المتصدرة.

 

اقرأ المزيد : 

"إنزال غزة".. تاريخ أردني طويل في كسر الحصارات عن الأشقاء