خبراء يدعون لاعتماد إستراتيجيات لمواجهة الإجهاد المائي والجفاف

البنك الدولي يحذر من مخاطر اندراج المياه في بؤرة تحديات المناخ والتنمية

المياه
المياه

تحولت مخاطر الصراعات الناجمة عن المياه إلى تهديد فعليّ، ينعكس على توسع ظاهرة النزوح والتشرد بسبب الجفاف، في وقت أكدت فيه دعوات خبراء في قطاع المياه، أهمية التعامل بجدّية مع الجفاف عبر "مواجهة إجهاد مائي هيكلي تعانيه المملكة أصلا"، مقترحين المضيّ ضمن مجموعة إستراتيجيات لمواجهته.

اضافة اعلان


وحذر تقرير صدر مؤخرا عن البنك الدولي، حصلت "الغد" على نسخة منه، من مخاطر اندراج المياه في بؤرة تحديات المناخ والتنمية حاليا، باعتبارها إما كثيرة للغاية أو شحيحة للغاية أو ملوثة للغاية، وبالتالي فالعواقب وخيمة، ونتيجة لذلك، تتصاعد مخاطر الصراعات الناجمة عن المياه.

 

وفي هذا النطاق، دعا مختصون، إلى أهمية دور تعزيز الأمن المائي، بتوفير خدمات المياه وحماية السكان من الكوارث المرتبطة بالمياه والحفاظ على المياه السطحية والجوفية والعابرة للحدود، في مساعدة البلدان لأن تصبح أكثر قدرة على الصمود والحيلولة دون الانزلاق الى الهشاشة والنزوح.


وفي حين أبدى التقرير الذي حمل عنوانه "العمل على توفير المياه: تحسين السياسات وتحقيق النتائج على نطاق واسع في مجال المياه العالمية"، مخاوفه من مخاطر مواصلة المضي على المسار الحالي، ضمن مؤشرات مواجهة 700 مليون شخص خطر النزوح والتشرد بسبب الجفاف بحلول العام 2030، حذر الأمين العام الأسبق لسلطة المياه إياد الدحيات، من انعكاسات تعاظم مخاطر ارتفاع النزوح الناجم عن الجفاف في دول مجاورة كالعراق وسورية.


وقال الدحيات، إن تلك المخاوف تتعاظم بالتوازي مع مؤشرات وضعتها دراسات، إزاء مساهمة ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ باحتمالية تتجاوز الـ25 مرة في هذين البلدين، وتردي البنية التحتية وسوء إدارة الموارد المائية فيهما لعمليات نزوح داخلية، ولجوء "بيئي أو مناخي"، للأردن.


وقال الدحيات، إن تلك العوامل ستؤدي لنقص المياه واضطرابات بين السكان وعمليات نزوح داخلية، بحيث يكون الأمن الغذائي والإنساني موضوعا على المحك إلى جانب الأمن المائي، منبها من تداعيات ذلك بأن يؤدي أيضا لـ"اللجوء البيئي أو المناخي" إلى الأردن، وهي الدولة الوحيدة المستقرة في الإقليم التي واجهت موجات لجوء قسرية متعددة من دول مجاورة، آخرها اللجوء السوري الذي أسهم باستنزاف المياه الجوفية".


وفي هذا السياق، أكد الأمين العام الأسبق لـ"المياه"، أهمية التعامل بجدّية مع الجفاف في الإقليم خاصة في "مواجهة إجهاد مائي هيكلي تعانيه المملكة أصلا"، مقترحا ضرورة المضيّ بإحدى الإستراتيجيات لمواجهة هذا الإجهاد والجفاف على حد سواء.


وأشار الى أن تلك الإستراتيجيات، تشمل "الاعتماد على خطط استجابة استباقية قصيرة الأجل؛ وأهمها إعادة تدوير المياه ومعالجتها واستخدامها، وتعزيز منظومة السدود، ومحطات الربط المائي بين المحافظات كافة، والحقن الجوفي للأحواض المائية، وتخفيض فاقد المياه من الشبكات".


وشدد على ضرورة أن تكون تلك المقترحات "تشاركية بين الحكومة والمواطنين والمزارعين والفاعلين في المجتمع، والتخطيط الإستراتيجي طويل الأجل، وتنويع مصادر التزويد بالمياه؛ ومنها الإسراع بتمويل وتنفيذ مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه، والسماح للقطاع الخاص بالاستثمار بمحطات التحلية الصغيرة في العقبة للاستخدامات الزراعية بالمحافظات الجنوبية والصناعات التعدينية والمنشآت السياحية لتعزيز منعتها.


وذلك إلى جانب دراسة خيارات توريد المياه من دول مجاورة، وتشكيل نظام وتحالف إقليميين ومبادرات تعاون عبر الحدود، ومده بموارد مالية وتكنولوجية ملائمة وكفيلة ببلورة إجراءات فعالة وناجحة بهذا الشأن، وتفعيل العمل بصندوق الخسائر والأضرار المنبثق عن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) المنعقد مؤخرا، لمساعدة المملكة بتمويل مشاريع لتعزيز منعة المجتمعات المحلية وتنفيذ حلول مستمدة من الطبيعية/ وزيادة المرونة للتغيرات المناخية باعتماد ممارسات زراعية ذكية حديثة.


من ناحيتها، نبهت أستاذة الهندسة وإدارة الموارد الطبيعية بالجامعة الألمانية الأردنية د. منى هندية، من مخاطر تهديد "الإجهاد المائي" وانعكاسه على اقتصاديات الدول النامية وأمنها الغذائي، ومن ضمنها الأردن، المصنف ضمن 25 دولة تعاني من الإجهاد المائي، ما يتسبب بانعدام الأمن الغذائي الذي يدفع باتجاه "النزاع والنزوح والهجرة، وهذا ما حدث فعلا في العراق وسورية".


وحذرت هندية من تسبب ندرة المياه بنشوب الصراعات، بخاصة في مناطق يجري فيها تقاسم الموارد المائية أو العابرة للحدود، مضيفة أن هذه الموارد في المنطقة العربية، تشكّل نحو 60 % من مواردها من المياه السطحية، ما يبرز أهمية التعاون بين الدول لإدارة موارد المياه المشتركة. 


وبينت أن ندرة المياه بحد ذاتها، لا تؤدي غالبا إلى توترات ولكن طريقة إدارتها، من حيث عدم الكفاءة وسوء الإدارة في استخدامها، وعدم التكافؤ في التوزيع، وتقادم البنية التحتية، والأطر القانونية والسياسية والاقتصادية غير الملائمة، كلها تؤدي لتفاقم التوترات.


وأشارت لأهمية دور تعزيز الأمن المائي، من حيث توفير خدمات المياه وحماية السكان من الكوارث المرتبطة بالمياه والحفاظ على المياه السطحية والجوفية والعابرة للحدود، في مساعدة البلدان لأن تصبح أكثر قدرة على الصمود والحيلولة دون الانزلاق الى الهشاشة والنزوح.


وأوضحت هندية، أن حصة المواطن من المياه تراجعت سنويا من 3400 م3 منذ العام 1946 إلى أقل من 70 م3 حاليا، بسبب تراجع هطل الأمطار والتغيرات المناخية والنمو السكاني وأزمات اللجوء المتعاقبة.


وقالت إن أعداد اللاجئين الوافدين للمجتمعات المحلية المضيفة، أدت لإجهاد الموارد الطبيعية كما ونوعا واستدامة وبشكل كبير، كما فاقمت الضغوط على تقديم الخدمات الأساسية للمياه، مشيرة لمساهمة عبء الجفاف العالمي على أشد الناس فقرا بشكل أساسي، بحيث يعيش 85 % من المتضررين من الجفاف في بلدان ذات دخل متوسط ومنخفض.


وبهذا الصدد، أكدت أن العمل على تطوير نماذج تنمية مستدامة عالميا، بات ضرورة وليس مجرد اختيار، بحيث يمكن للتنمية المستدامة التقليل من تعرض السكان للجفاف 70 % مقارنة بالتنمية المعتمدة على الوقود الأحفوري.


ومن جانبه، حذر استشاري المياه والبيئة د. لؤي الفروخ من تهديد نضوب مصادر المياه وجفافها، أكانت ينابيع أو آبارا جوفية أو آبارا تجميعية، وانعكاسها على النزوح السكاني، بخاصة من لا يعتمدون على شبكة مياه الشرب، مشيرا أيضا إلى تأثيرها على انحسار الزراعة، وغياب الزراعات التي تعتمد على الزراعات المطرية.


وقال الفروخ، إن أول تداعيات التغير المناخي، تتبلور في تناقص كميات الأمطار وتذبذب توزيع الهطل المطري وعدم انتظامه، وهو بدوره ينعكس على الزراعة، وخفض مستويات الجريان السطحي، وارتفاع الحرارة شتاء.


وعودة إلى تفاصيل التقرير، تستعرض الشراكة العالمية للأمن المائي وخدمات الصرف الصحي، ما قامت به من أعمال العام الماضي، ودورها في إبراز قضية المياه، مع التزام العالم ببذل مزيد من الجهود بصورة مجددة لمعالجة أزمة المياه العالمية.


وقال التقرير، إن العام الماضي، كان محوريا أدرك فيه العالم الضرورة الملحة لمعالجة أزمة المياه العالمية، وإعادتنا إلى المسار الصحيح لتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة، وهو إتاحة المياه النظيفة والصرف الصحي للجميع بحلول العام 2030.

 

وأضاف التقرير أن "الشراكة العالمية للأمن المائي وخدمات الصرف الصحي أي البنك الدولي، ملتزمة بتسريع وتيرة المساندة للبلدان لتحقيق الأمن المائي عالميا".


وبين أن هذه الشراكة، منبر للتعاون ودعم أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه، بحيث تعمل الشراكة على تغيير السياسات، وبناء القدرات، وتحقيق النتائج المرجوة على نطاق واسع.


وفي السنة المالية 2023، كان لدى الشراكة محفظة مشروعات جارية تضمنت 216 نشاطا وعملية في العالم. وعبرها، توفرت معلومات ذات قيمة لمشروعات جديدة للبنك الدولي بقيمة 13.5 مليار دولار، وساندت مشروعات أتاحت الحصول على خدمات المياه أو الصرف الصحي لنحو 30 مليون نسمة.


وفي تقريرها السنوي الأخير، تستعرض الشراكة ما قامت به من أعمال لمعالجة مشكلات المياه الكبرى. وبرغم التقدم الكبير الذي تحققه الشراكة، ما يزال هناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به.


وتساعد الشراكة مشروعات المياه والصرف الصحي في البنك الدولي، على تحقيق النتائج المرجوة بتوفير الأدوات والمساعدة الفنية وتقديم المشورة بشأن السياسات.


وفي السنة المالية 2023، ساعد التمويل المقدم من الشراكة بتوفير المعلومات للعديد من عناصر التصاميم المبتكرة لبرنامج بقيمة 1.25 مليار دولار، لتعزيز خدمات المياه والصرف الصحي بشكل كبير في الكونغو الديمقراطية.

 

اقرأ المزيد : 

400 مليون دولار قيمة برامج البنك الدولي في الأردن